انطلقت، يوم الخميس، فعاليات مهرجان "كناوة.. موسيقى العالم"، في دورته الثامنة عشر والمقامة حتى حتى 17 ماي الجاري في مدينة الصويرة، غربي المغرب. وككل سنة، افتتحت فرق موسيقية تقليدية مغربية المهرجان، وجالت في أهم أزقة المدينة القديمة (المصنفة تراثا إنسانيا عالميا). واصطف جمهور غفير من المغاربة والسياح الأجانب، لمتابعة استعراض تلك الفرق، ومن بينها فرق موسيقية لنساء "كناوة" وفرقة "عيساوة الصويرة" (موسيقى إحدى الطرق الصوفية بالمغرب). وقدمت الفرق، الأهازيج الشعبية والإفريقية ووصلات موسيقية، رافعة أعلاما ملونة ترمز كل واحد من إلى دلالة في التراث الشعبي لتلك الفرق الموسيقية التي احترفت فن كناوة الصوفي. وحمل أعضاء الفرق أعلام بألوان مختلفة، وارتدوا ألبسة تقليدية مغربية، وتراقصوا على نغمات "الكنبري" (آلة وترية تستعمل في العزف) والطبول والقراقب (آلات نحاسية تستعمل في العزف)، وحملوا البندير (آلة موسيقية شعبية تشبه الدف). وتعتبر فرقة عيساوة من أبرز الفرق الدينية في المغرب، وهي تنتمي للتقاليد الصوفية، وتستحضر عبر موسيقاها الله متضرعين له طلبا للعون. وموسيقى كناوة، تروي معاناة العبيد السود أثناء رحلتهم من بلدهم ومعاناتهم، واستقدامهم للعمل في القصور الملكية، قبل أن يعتنقوا الإسلام، ويؤسسوا طريقتهم الصوفية الخاصة بهم المتأثرة بالطقوس الإفريقية القديمة والعادات الإسلامية المنتشرة حينها في المغرب. وتتميز مدينة الصويرة، بكونها المعقل الروحي لكناوة في المغرب، الذين اعتنقوا الإسلام في ديارهم الجديدة، وأبدعوا موسيقى صوفية تمزج بين الموروث الأمازيغي والعربي والأفريقي. ويتشابه أسلوب كناوة مع أسلوبي الجاز والسول التي كانت تعبر عن واقع معاناة الأمريكيين من أصل أفريقي مع الاستعباد والعنصرية. ويعتبر مهرجان "الصويرة كناوة وموسيقى العالم" أحد أبرز المهرجانات الفنية والثقافية التي تقام في المغرب في فصل الصيف. وتعرف مدينة الصويرة، المدينة الساحلية على المحيط الأطلسي أو "موكادور"، (من الفينيقية موكدول وتعني القلعة الصغيرة)، إقبالا من السياح المغاربة الذين يأتون من مدن أخرى أو سياح من دول أخرى. وعرفت مدينة الصويرة بالتعايش بين المسلمين واليهود على مدى قرون، أنتج تراثا حضاريا ومعماريا يميز المدينة الساحلية. ويشكل المهرجان، حسب المنظمين، تجربة موسيقية فريدة، حيث يعمل على الدمج بين صنوف موسيقية متنوعة، يمتزج فيها فن الجاز والسول بموسيقى كناوة التقليدية، وتتناغم آلات الكنبري والطبول بالقيتارة والساكسفون. ويستضيف المهرجان أبرز "معلمي كناوة" إلى جانب فرق موسيقية من إفريقيا والكاربي وأفرنسا ،لإقامة عروض فنية مشتركة، والحفلات الموسيقية والمزج الموسيقي المتميز المعروف ب "الفيزيون" بمشاركة فنانين وفرق من مدن مغربية، ودول الولاياتالمتحدة ، وألمانيا، وفرنسا، ولبنان ودول جنوب الصحراء. وبالموزاة مع المهرجان، يُنظم منتدى "أفريقيا المستقبل" الذي يقام بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويناقش هذا العام، أدوار نساء أفريقيا في النهوض وتطوير القارة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وذلك بمشاركة شخصيات بارزة وأساتذة جامعيين وباحثين وسياسيين.