بالموازاة مع الانتقادات الموجهة لحكومة ‘بنكيران' حول استيراد النفايات الايطالية، كشفت أرقام دولية أن بلداً كالسويد يستورد سنويا 800 ألف طن من النفايات من إيطاليا ودول أوروبية أخرى لكنه لازال يعلن حاجته لمزيد من النفايات الايطالية لانتاج الطاقة البديلة. ولكن لماذا يفعلون ذلك؟ ننطلق من مدينة هيليسنبورغ الساحلية النتواجدة جنوب غربي السويد والتي يسكنها ما يقارب المئة ألف نسمة، ما يعنينا هنا أن 40% من بيوت هذه المدينة يتم تدفئتها عبر استخدام الطاقة المولدة من إعادة تدوير النفايات. لهذا الغرض أنشأ السويديون مراكز متخصصة لاستخدام النفايات في إنتاج الطاقة. ولتبسيط الصورة فكل 3 أطنان من النفايات تحتوي على نفس مقدار الطاقة الممكن توليدها مما يعادل 1 طن من البترول!! النقطة المهمة هنا تعاون المجتمع بشكل كامل لإنجاح هذا المشروع،، ففي معظم مدن السويد يتم تصنيف نفايات المنازل والمخلفات الصناعية إلى زجاج وبلاستيك ومعادن ونفايات عضوية وغيرها. هذا التقسيم للنفايات والمخلفات ساعد السويد على استخدام 99% من النفايات لإنتاج الطاقة بينما 1% فقط يتم التخلص منها في مكبات خاصة. وبلغة الارقام 2.2 مليون طن من النفايات يتم إعادة تدويرها سنوياً في السويد في مراكز إعادة التدوير لإنتاج الطاقة. وحيث إن هذه المراكز لم تصل لطاقتها القصوى، فتستورد السويد كل عام سنويا 800 ألف طن إضافية من النفايات من كل من إيطاليا، النرويج، بريطانيا وأيرلندا. ولاشك أن هذا النموذج السويدي يعتبر متقدماً حتى على المستوى الأوروبي حيث يبلغ معدل إنتاج المواطن الأوروبي للنفايات 525 كيلوغراماً سنوياً وتستقبل مكبات النفايات ومدافنها في أوروبا 115 مليون طن من النفايات كل عام. أما اليابان فتفرض قوانينها عند التخلص من النفايات تقسيمها إلى نفايات قابلة للاحتراق (كالأوراق والمواد العضوية)، نفايات غير قابلة للاحتراق، النفايات الزجاجية، النفايات البلاستيكية، البطاريات الجافة ناهيك عن الأجهزة والأثاث القديم الذي يمكن بيعه لمحلات إعادة الاستخدام والتدوير أو دفع مبلغ مالي لشركة متخصصة لقاء التخلص منه!! من ناحية أخرى، تفاخر المؤسسات والشركات بطباعة بطاقات عمل منسوبيها باستخدام الأوراق المعاد استخدامها لحماية البيئة.. إذن ما المزايا في تطبيق هذه التقنيات بالاستفادة من النفايات في توليد الطاقة؟ هنالك عدة نقاط ومنها: 1) تجنب تلويث البيئة من مكبات النفايات ومدافنها والأضرار الصحية المترتبة عليها، 2) توليد طاقة لا تشكل انبعاثات ثاني أكسيد كربون كبيرة مقارنة بالوقود الأحفوري وليس لها مخاطر كبرى مثل الطاقة النووية وتعد إمداداتها مستقرة مقارنة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، 3) القدرة على توليد الطاقة محلياً دون الاعتماد الكلي على استيرادها من الخارج. ننتقل إلى المملكة حيث سبق للكاتب في مقالة (الحج بتقنيات القرن الحادي والعشرين) طرح مقترحاً للاستفادة من المخلفات العضوية والنفايات لتوليد الطاقة خلال موسم الحج. ووفقاً لصحيفة الحياة (15/4/2014) فهنالك توجه لتأسيس شركة وطنية لتدوير النفايات بالتعاون مع شركة سابك ما يعني أن ننتقل بهذا القطاع من مصدر تكاليف على الدولة تصل حوالي 5.4 بلايين ريال سنوياً لمشاريع نظافة المدن إلى قطاع يحقق أرباحاً ويحمي بيئتنا المحلية من آثار مرادم النفايات على المياه الجوفية والصحة العامة. بقي فقط أن أشير إلى أن المحكمة في منطقة بنجالور الهندية أصدرت قراراً لإلزام السكان بالتعاون في تصنيف النفايات والتي تصل إلى 4000 طن يومياً لتسهيل إعادة استخدامها لإنتاج الطاقة.. وإن كانت الهند تستطيع ذلك، فلماذا لا نستطيع نحن؟!