ربحت حكومة بن كيران الجولة الأولى من مباراة شد الحبل الدائرة بينها وبين الموظفين بتمرير قوانينها الخاصة لما أطلقت عليه بقانون إصلاح التقاعد بالتصويت عليه بالغرفة الثانية للبرلمان حيث استطاعت أغلبية حكومة إخوان بن كيران من اختراق الجبهة النقابية ، وشق تحالفها بانسحاب البعض وامتناع البعض الآخر عن التصويت في عملية تعتبر اكبر فضيحة نقابية وحزبية خلدتها الذاكرة السياسية المغربية منذ الاستقلال ، فكيف استطاعت الأغلبية شق تحالف المعارضة ؟ وهل هو خطا تكتيكي من لدن أطراف المعارضة أم مؤامرة محبوكة ؟هذه الاسئلة التي سنحاول الاجابة عليها من خلال اماطة اللثام عن جوانب خفية لحدث التصويت على مسودة اصلاح قانوت التقاعد فبعدما تم التصويت على قانون “اللانتريت” أو إصلاح التقاعد بالمغرب،والذي أثار الكثير من الجدل والعديد من اللغط , سيسقط القناع عن القناع ، قناع الحزبية والمعارضة , قناع الدفاع عن مصالح الشغيلة والموظفين ذلك القناع الذي تقنعت به المعارضة لبيع صحون الجياع للئام وأجساد العذارى لمغتصبيها ،خاصة وان بن كيران سبق له وان عبر عن رغبته في اغتصاب المعارضة عندما تلفظ بعبارة “ديالي كبير” في إحدى شطحاته المعتادة بالبرلمان ، وبالإضافة إلى هذا فقد استطاع بن كيران أيضا أن يرمي بالكرة في ملعب المعارضة وان يحيل النقاش الوطني الذي كان مطروحا إلى نقاش ما بين أطياف المعارضة حيث يتم سل السكاكين وتوجيه السهام إلى بعضهم البعض ، كما استطاع بن كيران أن يجمع الثور الأسود والأبيض والاحمر في وجبة واحدة , حيث صوت لصالح المشروع المتعلق بنظام المعاشات المدنية 27 عضوا، بينما عارضه 21 وامتنع 4 أعضاء عن التصويت،أما مشروع القانون المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها على التقاعد موظفو وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية فاعتمده المجلس بأغلبية 27 صوتا مقابل 21 صوتا وامتناع اربعة اعضاء عن التصويت .. فحقيقة الوضع المأساوي الذي فرض نفسه كالجثوم على صدور المغاربة يكشف حقيقة واحدة مفادها أن لوبي المال والإعمال المتمثل في الكنفدرالية العامة للمقاولات والتي تعد نقابة لأغنياء المغرب والتي استطاعت عبر سيطرتها على مراكز القرار في الأحزاب السياسية والنقابات الحزبية،أن يمرر القانون بتواطى مكشوف من لدن الأحزاب المشكلة للمعارضة وحيادية سلبية من لدن ابرز المركزيات النقابية العمالية في مواجهة نقابة الاغنياء. من جهة أحرى فان حزب الاستقلال والذي ظل يمارس معارضته للمشروع من داخل مقراته الحزبية وبين منخر طيه و مناضليه في معارضة غير هادفة دفع بجناحه النقابي للارتماء في أحضان لوبي الرأسمال المتضارب تماما مع مصالح الطبقة الشغيلة المغربية والطبقات المتوسطة المشكلة من الموظفين في السلالم الدنيا والمتوسطة واختار بمعية جناحه النقابي وبقية الفرقاء في المعارضة المشكلة من الاتحاد العام للشغالين و الكونفدرالية الديقراطية للشغل الامتناع أو الانسحاب من المعركة وسن سياسة الكراسي الفارغة التي أتت بؤكلها لفائدة ترجيح كفة مرور المشروع التآمري. إن هذه الفضيحة التاريخية التي ستخلد في الذاكرة الجماعية رفقة أشهر الفضائح الإنسانية والتي كان عنوانها الأبرز هو تأمر المعارضة السياسية على الطبقة العاملة المغربية ، والتي آكدت وبالملموس أن العمل السياسي بالمغرب لازال جنينيا لم يتخلص بعد من النزعة الاستعمارية ذات البعد المصلحي والتصفوي ، والذي تؤلف سيناريوهاته من قبل مدراء المؤسسات المالية الدولية ، وتشكل تحالفاته الأساسية من داخل مراكز القرار بهذه المؤسسات الدولية الاقتصادية العالمية وينفذ داخل الغرف التحت ارضية بوزارة الداخلية ، دفاعا عن مصالح أرباب العمل واللوبيات المالية والاقتصادية والشركات المتعددة الجنسية ،وذلك ترسيخا للتفاوتات الطبقية والتناقضات الاجتماعية وتعطيلا لكل المبادرات الوطنية التي من شانها السير بعجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي وتطوير المقدرات الإنتاجية للبلاد والتي هي عرضة للسطو والاستحواذ بمنطق السيطرة المالية على الفقراء ومزيدا من التفقير في أفق كسب المزيد من الولاء .