تحوّلت شوارع العاصمة الرباط، اليوم الاثنين، إلى ساحة لما يشبه كرنفالات متنقلة تعلوها شعارات نقابية غاضبة من السياسات الحكومية، وسط أجواء احتفالية بعيد العمال الأممي، الذي خلدته مختلف النقابات المغربية، والتي اختلفت مرجعياتها في وقت توحدت على رفع مطالب اجتماعية واقتصادية للطبقة الشغيلة. وسط إجراءات أمنية جد محكمة من أجل ضبط مسار المسيرات العمالية، التي انطلقت في وقت متزامن بعد دقائق من إلقاء كلمات خطابية من فوق المنصات التي توزعت في شوارع العاصمة، احتفت شغيلة الرباط والنواحي بعيدها العمالي، في أشكال احتجاجية رفعت خلالها شعارات نقابية وتقدمتها أعلام وطنية بجانب أعلام فلسطين، حيث أعلنت معظم النقابات عن تضامنها مع القضية ومع وضع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. الاتحاد المغربي للشغل، أبرز المركزيات النقابية، اختار، عبر فرعه الجهوي لنقابات الرباط - سلا - تمارة، تخليد الفاتح من ماي تحت شعار: "62 سنة من النضال والوفاء والتشبث بالوحدة والاستقلالية النقابية في خدمة الطبقة العاملة والجماهير الشعبية". وأعلن رشيد المنياري، الكاتب العام الجهوي للاتحاد المغربي للشغل، في كلمة ألقاها بالمناسبة، عن احتجاجه حيال "تردي الأوضاع المادية والمعنوية لعموم الأجراء"، مع "التضامن مع العمال المسرحين والمطرودين والموقوفين". النقابة شددت على تصديها لما وصفته ب"المخططات الحكومية التراجعية المعلن عنها في البرنامج الحكومي"، بجانب موقفها المتجدد من "صون المكتسبات في مجال التقاعد مع رفع الحيف الذي يعانيه منخرطو النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد"، فيما ظل مطلب "احترام الحريات والحقوق النقابية وحذف الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي"، مُلحّاً من لدن التمثيلية النقابية المذكورة. وطالب المسؤول النقابي الأطراف الحكومية بضرورة "التطبيق الفوري لكل مضامين اتفاق 26 أبريل 2011 دون تسويف، في القطاعين العام والخاص على حد سواء"، و"التطبيق الفعلي لجميع مضامين مدونة الشغل وباقي القوانين الاجتماعية" و"توفير الشغل لأبناء الطبقة العاملة والاستجابة للمطالب المشروعة لمختلف فئات المعطلين"، فيما شددت النقابة على ضرورة "احترام كرامة المرأة الموظفة والدفاع عن حقها في المساواة الفعلية ومطالبها الخصوصية". أما الكونفدرالية العامة للشغل، فنددت على لسان عبد العالي گميرة، الذي يشغل منصب الكاتب العام للهيئة، بما وصفتها "استمرار الانعكاسات السلبية للسياسات الحكومية السابقة"، مشيرا إلى أن المغاربة "ما زالوا يعيشون على وقع مزرٍ لقضايا تثير الاشمئزاز التي تهم معاشهم اليومي، من قبيل التعليم والصحة والسكن والتعويضات والتقاعد وعطالة ذوي الشهادات"، مضيفا أن التصريح الحكومي "لا يختلف عن سابقه ويفتقد لبرنامج عملي وعملي واضح حيث غياب الأرقام ويبقى مجرد إعلان عن نوايا". وانطلق احتفال نقابة CGT من وسط العاصمة الرباط تحت شعار: "لا تنمية حقيقة دون مفاوضات جادة تضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية للطبقة العاملة"، حيث رصدت ما وصفته: "معاناة الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي"، و"استمرار سياسة ضرب القدرة الشرائية وضرب الأجور والتعويضات للفئات الصغرى والمتوسطة"، مهاجمة حكومة سعد الدين العثماني بالقول إنها "أرفقت إجراءاتها التعسفية والتفقيرية بسلسلة من القرارات التحكمية للتضييق على الحريات النقابية والحريات العامة". ولم تختلف مطالب الكونفدرالية عن مطالب باقي النقابات، من قبيل "إعادة النظر في إصلاح أنظمة التقاعد" و"إصلاح نظام التعليم والصحة ودعم الخدمة العمومية" و"تحسين خدمات الصناديق الاجتماعية من تعاضديات وأعمال اجتماعية ودمقرطة تسييرها"، بجانب "توسيع المشاركة في الحوار الاجتماعي لتشمل كافة التعبيرات النقابية"، فيما دعت إلى "احترام الحرية والممارسة النقابية" و"إرجاع المطرودين لأسباب نقابية".