إحتضن المعهد الملكي للشرطة، اليوم الثلاثاء، يوما دراسيا حول معايير الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الاعتقال والاستجواب والحراسة النظرية، وذلك تنزيلا لمخرجات الشراكة بين مصالح الأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمشاركة الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة. في هذا الصدد قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، في كلمة له بالجلسة الإفتتاحية، أن "انعقاد هذه الندوة له أهمية بالغة بالنظر للتحولات الإيجابية التي تعرفها بلادنا والتي تحققت في ظلها مجموعة من المكتسبات في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها بشكل عام، وفي مجال حماية الحق في السلامة الجسدية والوقاية من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بشكل خاص"، مشيرا إلى أن "هذه الندوة أيضا الدينامية الجديدة التي تعرفها المؤسسة الأمنية في العديد من المجالات ولاسيما انفتاحها على محيطها الخارجي وانخراطها في برامج التكوين ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان". وأضاف الداكي في مداخلة له بالندوة، أنه "تفعيلا من بلادنا لالتزاماتها الدولية، فقد عملت على مراكمة مجموعة من المكتسبات التي حققتها في مجال حماية حقوق الإنسان، والنهوض بها والتي توجت باعتماد دستور 2011، الذي أولى مكانة متميزة لحقوق الإنسان بالنظر لما تضمنه من مقتضيات هامة، اعتبرت بمثابة ميثاق للحقوق والحريات الأساسية وأكدت على التزام المملكة المغربية بحقوق الإنسان وتشبثها بها كما هو متعارف عليها عالميا، وكرست الضمانات الأساسية في مجال حماية هذه الحقوق والنهوض بها من خلال تخصيصه باباً كاملاً (الباب الثاني) للحريات والحقوق الأساسية، حيث جعلت من مناهضة التعذيب مقتضى دستوريا نص عليه الفصل 22 من الدستور، تم بمقتضاه حظر المساس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، بالإضافة إلى حظر معاملة الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، ومنع ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي كان، وتجريم هذه الأفعال". وأكد الداكي، "تكريساً لالتزامات المملكة المغربية بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، عملت بلادنا على تعزيز انخراطها في المنظومة الدولية لهذه الحقوق والالتزام بمقتضيات القانون الدولي في هذا المجال مما انعكس إيجابا على تطور الممارسة الاتفاقية لبلادنا من حيث استكمال الانخراط في اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية وتعزيز التفاعل مع الآليات والهيئات الدولية الموكول إليها مراقبة إعمال الدول لمقتضيات تلك الاتفاقيات، وتقديم تقاريرها الوطنية أمام لجان الرصد المحدثة بمقتضى هذه الاتفاقيات، وتفعيل التوصيات الصادرة عنها والتفاعل مع آليات المساطر الخاصة التابعة للأمم المتحدة". وفي هذا السياق، يشير الداكي، "اعترفت بلادنا بصلاحية لجنة مناهضة التعذيب لتلقي البلاغات الفردية وتلى ذلك الانضمام إلى البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب سنة 2014 الذي ترتب عنه إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2018، مع ما رافق ذلك من انفتاح المملكة على آليات الإجراءات الخاصة ذات الصلة بموضوع التعذيب وتمكينها من زيارة بلادنا ومن بينها المقرر الخاص حول موضوع التعذيب سنة 2012 وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي سنة 2013 واللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب المنشأة بموجب البروتوكول الاختياري المحلق باتفاقية مناهضة التعذيب سنة 2017، وغيرها من الآليات، وهي كلها مجهودات وخطوات تعكس الإرادة الحقيقية للدولة في مناهضة كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويكفي للتأكيد على ذلك، الإشارة إلى أن المملكة المغربية كانت من بين الدول الخمس (الشيلي والدنمارك وغانا وإندونسيا) التي أطلقت المبادرة العالمية للمصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب في شهر مارس 2014، هذا فضلاً عن الإصلاحات المؤسساتية والتشريعية التي تروم تعزيز المنظومة الحمائية لحقوق الإنسان في بعدها الجنائي الموضوعي والإجرائي". وشدد الداكي، على أن "التعذيب ليس جريمة كسائر الجرائم، بل هو عمل وحشي يجرد الإنسان من آدميته بالنظر لما يمثله من مهانة واستباحة لكرامة البشر، وهو ما دفع المنتظم الدولي منذ سنوات إلى حظره وتجريمه ومحاسبة مرتكبيه، واعتماد العديد من الآليات في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي شكل صرخة من شعوب الأرض نحو الضمير الإنساني من أجل التصدي الجماعي لكل مظاهر التعذيب". وتابع الداكي، أنه "اليوم فإن المغرب يوطد هذا الاختيار، الذي لا رجعة فيه، لفائدة حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وفي هذا الصدد، فإننا قمنا في بداية هذا الأسبوع، بتقديم أدوات تصديق المملكة المغربية على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، وذلك بهدف إحداث آلية وطنية للوقاية، في غضون الأشهر القادمة. وهكذا سيصبح المغرب ضمن الثلاثين بلداً التي تتوفر على آلية من هذا القبيل) انتهى النطق الملكي السامي". وتفعيلاً لكل ما ذكر، يشدد الداكي،" فقد انخرطت رئاسة النيابة العامة منذ سنوات ومن خلالها كافة قضاة النيابة العامة في المجهودات الوطنية الرامية إلى محاربة التعذيب والوقاية منه والسهر على إنفاذ القانون بكل صرامة من أجل ضمان أمن وسلامة الأشخاص وحماية حقوقهم وحرياتهم". وأكد "أن مناهضة التعذيب تعتبر من بين أولويات السياسة الجنائية التي يسهر قضاة النيابة العامة على تنفيذها، بحيث يعد هذا الموضوع من بين أحد أهم المحاور الاستراتيجية لعمل النيابة العامة التي تضمنها المنشور الأول بعد استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية في أكتوبر 2017، وهو الأمر الذي انعكس على التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة والتي تخصص سنويا محوراً خاصا للمعالجة القضائية لقضايا التعذيب". تابعوا آخر الأخبار من زنقة 20 على Google News