قدّم صندوق النقد الدولي في تقرير رسمي، أرقاماً وصفها اقتصاديون ب”المقلقة”، حول أرقام الدين العام حول العالم، وتطورها خلال العام الجاري والسنوات الخمس المقبلة. وجاء التقرير الذي صدر في وقت متأخر من مساء الأربعاء، خلال جلسة تحضيرية لاجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي ستبدأ غدا، ليكون أزمة جديدة للاقتصاد العالمي الذي يعاني من تباطو النمو وتراجع التضخم وانهيار أسعار السلع الأولية والنفط. وتواجه الاقتصادات الفقيرة والصاعدة والمتقدمة مجتمعة، مخاطر ارتفاع كبير في الدين العام مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدولي، سيضعها في مرمى عجز تحمل عبء الديون إن لم يقابله نمو اقتصادي مرتفع. وتتعرض الاقتصادات المتقدمة إلى خطر ارتفاع الدين العام بنسبة مرتفعة، ووصلت إلى أزيد من 100% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، عدا عن مخاطر أخرى كالتضخم المنخفض، والنمو البطيء. يقول المحلل الاقتصادي السابق في بورصة نيويورك جون براون، إن مخاطر المالية العامة في تزايد مستمر لدى جميع الاقتصادات حول العالم، بسبب معدلات النمو المنخفضة والتضخم دون 1٪ بسبب تراجع أسعار السلع الأولية، “الأمر الذي فرض مزيداً من الضغوط على الدول للاقتراض من جهة، وتراجع قدرتها على تحمل أعباء الدين”. وأضاف براون الذي يشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي، للأناضول، إن الدول الصاعدة والفقيرة تواجه مخاطر رفع فوائد الديون الجديدة عليها، في الوقت الذي تعاني من ارتفاع فاتورة النفقات الجارية. وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير الراصد المالي الصادر مساء الأربعاء، أن معدلات الاقتراض التي تنفذها الحكومات حول العالم تواصل تسجيل أرقام مرتفعة، لأسباب مرتبطة بتراجع اقتصادات الصين واليابان ومنطقة اليورو. وتعد الاقتصادات الناشئة أقل سوءاً من نظيرتها المتقدمة، التي بلغ فيها متوسط الديون من الناتج المحلي الإجمالي 50٪، “إلا أن ذلك يرافقه تزايد في احتياجات الدول لتمويل نفقاتها واحتياجاتها الملحة”، وفق التقرير. وأبدى اقتصاديون مشاركون في جلسات التحضير لاجتماعات الصندوق الرسمية، تخوفات من إضافة خطر الدين العام إلى رزمة المخاطر الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي (تباطؤ النمو، انخفاض نسب التضخم، البطالة، تراجع أسعار السلع الأولية، تراجع أسعار النفط الخام، المخاطر السياسية). واعتبر الخبير الاقتصادي فيليب روميرو (برازيلي)، أن أزمة ستواجهها الدول المقترضة خلال الفترة المقبلة، تتمثل في ارتفاع نسبة الفوائد على القروض، “لأن زيادة الطلب على الديون آخذة بالتوسع ولن تقف الجهات الدائنة أمام هذه الطلب دون استغلال”. وأضاف للأناضول، “في حال واصلت نسب النمو والتضخم على حالها المتدني خلال عام، فإن ملامح أزمة مالية جديدة ستعصف بكافة الاقتصادات، لذلك رأينا لهجة جادة وحذرة لمسؤولي الصندوق في الاجتماعات التحضيرية”. وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتوقع تقرير صندوق النقد تدهور أرصدة المالية العامة للبلدان المصدرة للنفط بقيمة تتجاوز 2 تريليون دولار أمريكي خلال السنوات الخمس المقبلة، تزامناً مع تراجع أسعار النفط الخام خاصة الجزائر. ويطالب صندوق النقد الدولي بضرورة تبني حكومات الاقتصادات المتقدمة مزيداً من الإنفاق على البحوث والتطوير، “إذا ارتفعت أنشطة البحوث والتطوير 40٪، فإن ارتفاعاً في الناتج المحلي للقتصادات المقدمة سيتم بنسبة 5٪ على المدى الطويل”. “بينما الدول الصاعدة مطالبة بضرورة الإنفاق أكثر على التعليم والبنية التحتية والمؤسسات، حتى تكون قادرة على استيعاب التكنولوجيا المتطورة لدى الدول المتقدمة”. وفق الصندوق وتبدأ رسمياً الجمعة في واشنطن العاصمة، اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بمشاركة وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لأكثر من 180 دولة حول العالم، وممثلين عن المؤسسات المالية والقتصادية الدولية، وتستمر حتى الأحد المقبل.