بقلم : د. عبد الله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية يعيش النظام الجزائري حالة غير عادية من العداء لجاره الغربي يمكننا تسميتها ب " المغربفوبيا " حيث أن تصريحات النظام الجزائري لم تعد تقوى حتى على نطق اسم المغرب كما هو متعارف عليه منذ قرون عديدة كالامبراطورية المغربية او المملكة المغربية و أشارت إليه في إحدى تلك التصريحات " بدولة في شمال افريقيا ". و الواضح أن الجزائر تسعى بكل الطرق الى جر المغرب الى دائرة التراشق و تأجيج الصراع عن طريق اختلاق أسباب واهية لا تنطلي حتى على المبتدئين في شؤون السياسة و الديبلوماسية و الإعلام... انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية و إغلاق المجال الجوي و اخيرا عدم تجديد عقد انبوب الغاز مع اسبانيا مرورا بالمغرب يوم 31 أكتوبر ...هادفة الى تكبيد المغرب لخسارات مالية ( التعويض عن مرور الأنبوب فوق الأراضي المغربية ) و طاقية( حوالي %10 من إنتاج الطاقة ) .. بالموازاة مع هذا نجد اتهامات بالجملة كإشعال الحرائق بغابات القبائل و دعم منظمات جزائرية معارضة للنظام و تقيم بشكل علني و تمارس أنشطتها بشكل قانوني في كل من فرنسا و بريطانيا و قتل سائقين بالجنوب...بالاضافة الى تسخير ذباب إلكتروني و قنوات فضائية هدفها إشعال الفتنة و شحن الرأي العام الجزائري لتحويل المغرب من شقيق الى عدو... كما حاولت الجزائر خلق الاعتقاد بأن كل هذه الأوضاع هي مجرد رد على تصريح السفير عمر هلال و قوله ان مبدأ تقرير المصير هو مبدأ كوني لا يتجزا على حالة دون أخرى..ردا على استفزاز وزير خارجية الجزائر اثناء مؤتمر دول عدم الانحياز...فخرج الوزير الجزائري لعمامرة بتصريح مستفز يقترب من اعلان حرب اكثر منه طلب استفسار بقوله " تدين الجزائر بشدة هذا الانحراف الخطير ، بما في ذلك على المملكة المغربية نفسها داخل حدودها المعترف بها دوليا.." لكن الواقع هو شيء آخر، هو أن جنرالات الجزائر يفتقدون لمشروع مجتمعي كما يفتقدون لاجابات واضحة لكل انتظارات الشارع الجزائر ي و " الحراك " الشعبي.. وقد شكل وقوف الشارع الجزائري ضد العهدة الخامسة للراحل عبد العزيز بوتفليقة اندارا قويا لجنرالات سونطراك الذين عجلوا باستبعاد بوتفليقة مع حدوث موت مفاجئ للجنرال القايد صالح يوم 22 دجنبر 2019 ، ليحل محلهما كل من الرئيس الحالي عبد المجيد تبون عن طريق انتخابات تأجلت مرتين و بأقل نسبة مشاركة في كل رئاسيات الجزائر حيث لم تتجاوز %40 و بنسبة نجاح تقترب من %58 فقط...و ليحل محل الجنرال القايد صالح الجنرال شنقريحة الذي رفض تولي منصب نائب وزير الدفاع حتى يعطي الانطباع بأن الجيش هو خارج اللعبة السياسية و كأنه يلبي احد مطالب " الحراك " أي دولة مدنية و ليست عسكرية...مع بعض " المقبلات " كاطلاق سراح بعض المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي... للمرور للأهم اي التعديل الدستوري و إسناد المزيد من السلط لمؤسسة الرئاسة و تمجيد مؤسسة الجيش.. وهو التعديل الذي انتقدته تقارير منظمة امنيستي العالمية يوم 29 يونيو 2020.. كما احتد النقاش حول المادة التي تسمح للجيش بعمليات خارحية و كذا الفصل الدستوري الخاص بصلاحيات الرئيس بخصوص ارسال وحدات الجيش للخارج بعد مصادقة البرلمان باغلبية ثلثي أعضائه...وهو ما اعتبر في حينه خروجا عن عقيدة النظام الجزائري الذي حاول لعب دور الوسيط و الديبلوماسي في اكثر من ملف قاري لكن بدون نتيحة تذكر سواء في ملف سد النهضة او الملف الليبي او ملف الساحل جنوب الصحراء... هذا دون الحديث عن الابن الغير الشرعي للجزائر( البوليساريو ) و الانتكاسات الديبلوماسية و السياسية منذ رجوع المغرب للمنظمة الإفريقية سنة 2017 و افتتاح قنصليات بالاقاليم الصحراوية و تحرير معبر الكركرات و الإعتراف الامريكي و مكاسب قرار مجلس الأمن الاخير 2602 في أكتوبر 2021..و ما رافق ذلك من استنزاف لمقدرات الشعب الجزائري في صراع لا يعنيه... إذ المعركة الحقيقية التي يجب أن يخوضها النظام الجزائري و سونطراك هي اعلان الحرب ضد طوابير المواد الغذائية الأساسية و ضد الفقر و البطالة و الصحة و الهجرة الغير الشرعية.. فكيف يعقل أن الجزائر و هي العضو في منظمة الاوبيك و منظمة اوابيك ومنتدى الدول المصدرة للغاز الطبيعي...لازالت تتخبط في مشاكل الدول الفقيرة و مازال شبابها يغامر في قوارب الموت نحو اوروبا..و فضحت جائحة كورونا ضعف و انهيار مؤسساتها الصحية... هذا في الوقت الذي تتنافس فيه دول خليجية هي زميلة للجزائر في منظمات البترول و الغاز..على المراتب الاولى في مؤشرات التنمية البشرية سواء في جودة التعليم و الصحة و السكن و الخدمات حتى أن بعضها خلق وزارة السعادة...كما انه يستحيل وجود مواطني تلك الدول زملاء الجزائر في منظمات البترول و الغاز كمهاجرين في أوروبا او امريكا بل كسياح و رجال أعمال و مستثمرين..في حين مواطني زميلتهم الجزائر هم كسائر المهاجرين من افريقيا و آسيا و امريكا اللاتينية...بل لازال الشباب الجزائري يحلم بالهجرة عبر زوارق الموت... اليوم عندما نعيش أحداث اكسبو 2020 دبي ( من الفاتح من أكتوبر 2021 الى 31 مارس 2022) و قبله بأيام منتدى السعودية الخضراء (أكتوبر 2021) و نتطلع لتنظيم كأس العالم لكرة القدم بدولة قطر في سنة2022 ، كما نتطلع لتنظيم كوب 27 بمصر الشقيقة سنة 2022، و الذي سبق للمغرب تنظيمه سنة 2016 كوب 22 بمراكش و مؤتمر الهجرة العالمي...و غيرها في المقابل نتاسف للسجل الصفري للجزائر الغنية بالبترول والغاز...لان تنظيم مثل هذه التظاهرات العالمية يعني التوفر على البنيات التحتية الضرورية و المؤسساتية و الاستقرار السياسي و الامني..كما يعني التوفر على عوامل الجذب سواء الاستثمارات او السياح...و هنا ايضا كان على النظام الجزائري مدعوما بأموال سونطراك اعلان الحرب على البنيات التحتية و عدم استجداء مساعدات و إعانات دول خارجية من اجل بناء اكبر مسجد بالجزائر...و الانكباب اكثر على حل معظلات الشعب الجزائري الشقيف في مجالس البرلمان و الحكومة و ليس في مجلس الأمن القومي الذي يحضره الرئيس بقبعتي الرئاسة و وزارة الدفاع...و الذي تجاوز عدد انعقاده في شهر واحد منذ تأسيسه سنة1976.. كما نتاسف للانزلاق الكبير للدبلوماسية الجزائرية و لمؤسستها العسكرية و استفزازاها مع سبق الإصرار والترصد لجارها الشقيق المغرب.. الذي ينأى بنفسه بعيدا عن كل استفزاز مجاني سواء عبر قنوات ديبلوماسية او قنوات الذباب الإلكتروني الموجه من طرف الجنرالات و المدعم من طرف سونطراك...لان المغرب له أولويات اخرى يشتغل عليها كالنموذج التنموي و الميثاق الوطني للتنمية و اوراش الإصلاح و البناء الكبرى...اما ملف الصحراء المغربية..فان المغرب في صحراءه و الصحراء في مغربها باسم التاريخ و الجغرافيا..لان جنرالات الجزائر يستطيعون شراء الأصوات و الولاءات و المنابر الإعلامية بأموال الشعب الجزائري..لكنهم لا يستطيعون تغيير حقائق التاريخ و الحغرافيا..لان من يملك الحق يملك القوة...