تعتبر خديجة إلا، ابنة مدينة العيون، رمزا للمرأة المكافحة التي استطاعت أن تتخطى جميع الصعاب وترسم مسارها المهني في المجال الرياضي، لتحظى بعد جهد جهيد برئاسة العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية. وأبت خديجة إلا، وهي أيضا رئيسة الجمعية البلدية النسوية لكرة القدم، إلا أن تتحدى كل المعيقات الاجتماعية والتقاليد والعادات المحلية التي تقف في وجه الفتاة الصحراوية لممارسة هواياتها الرياضية. بدأت خديجة، الفتاة ذات ال 39 ربيعا، مسارها الرياضي في مجال كرة القدم منذ سن السابعة وهي تلميذة بالتعليم الابتدائي، إلى جانب أبناء جيرانها وحيها دون أن تأبه بما تفرضه الظروف السوسيو-ثقافية من قيود على الفتيات، لتعزز رصيدها الرياضي بعد ولوجها التعليمين الثانوي الإعدادي والتأهيلي، بالجمع بين مختلف الرياضات الجماعية (كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة القدم). لكن شغفها وعشقها للمستديرة جعلها تنخرط رفقة مجموعة من صديقاتها في تشكيل فريق نسوي لكرة القدم، بالرغم من غياب الإمكانيات والدعم وحتى التحفيز، حيث استطاعت بصبرها وكفاحها، وإن أمكن القول عنادها وحرصها، أن تجد موطئ قدم لها ولفريقها الكروي ضمن التشكيلات الرياضية المحلية والجهوية والوطنية، لترسم بذلك مسارها الرياضي والمهني، الذي مكنها من الظفر بمنصب أول رئيسة للعصبة الوطنية لكرة القدم النسوية بدون منازع. وقالت خديجة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، "كان مشوارا طويلا كابدنا خلاله الأمرين في ظل غياب الدعم والمساندة، وبحكم العقلية السائدة التي تختزل اهتمامات المرأة في الاضطلاع بمسؤولية البيت وتربية الأطفال"، مضيفة "لقد عشنا في هذا الإطار الكثير من المعاناة والإحباط، وحتى العقوبات من قبل الأهل". وتابعت "في البداية، كان طموحي يقتصر على تكوين فريق نسوي لكرة القدم والمشاركة في المنافسات المحلية مع الذكور، فكنت ألعب كرة القدم خلال أوقات الفراغ وفي الأحياء فقط، كما كنت حريصة على حضور مختلف مباريات كرة القدم، وتمكنت من تشكيل فريق بالرغم من إكراهات غياب الدعم المادي"، لافتة إلى أن "المصاريف المرتبطة بالتنقل داخل وخارج الميدان واقتناء الأحذية والألبسة الرياضية، كانت تشكل حملا كبيرا يثقل كاهل الأسرة". وشددت على أنه "بالإصرار والرغبة القوية التي كانت تتملكنا، استطعنا تكوين فريق قوي لممارسة كرة القدم، بفضل الدعم الذي قدمه لنا رئيس المجلس البلدي، الذي أصبح رئيسا للفريق، وأول مشجع لممارسة كرة القدم النسوية بهذه الربوع". وهنا أخذت الأمور منحى آخر، حيث بدأ الفريق في تحقيق نتائج متميزة في مختلف اللقاءات المحلية والجهوية والوطنية. وهكذا، تضيف السيدة خديجة، "انطلقت مسيرتنا الرياضية بكل ثبات، وأصبح لدينا فريق قوي يمارس في القسم الأول، ونجحنا بعد ذلك في إحراز كأس العرش، وأربع بطولات وطنية، ولعب نهائيات بطولة كأس العرش، كما خضنا، كأول فريق نسوي مغربي، مباريات مع فرق ذات خبرة وتجربة في لاس بالماس، وتم بعد ذلك استقبالها بمدينة العيون سنة 2017 بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، إلى جانب إجراء مباراة ودية مع الفريق النسوي لبرشلونة بملعب الشيخ الاغظف بالعيون. وأبرزت السيدة خديجة أن كرة القدم النسوية تتطور اليوم بشكل لافت، مؤكدة أنها كرئيسة للعصبة الوطنية لكرة القدم النسوية ستعمل على توفير الظروف الجيدة لتحفيز الفتاة المغربية على ممارسة اللعبة. وأكدت أن الهم الوحيد لديها الآن هو العمل على الارتقاء بكرة القدم النسوية، لاسيما في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بالنظر إلى ما أضحت تتوفر عليه المنطقة من بنيات تحتية رياضية تمكنها من احتضان مختلف التظاهرات الرياضية الوطنية والقارية". وخلصت إلى القول "كنت أحلم أن أكون لاعبة كرة القدم وأن أشكل فريقا نسويا. كان حلما وأصبح بفضل الله حقيقة، لقد صرت أول فتاة صحراوية تترأس العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية في المغرب".