من حق أي متتبع أن يجيب على هذا السؤال من منظوره، وحسب المعطيات والمعلومات التي يتوفر عليها. لكن قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن نطرح سؤالا أكثر أهمية لتأطير النقاش، وهو هل يمكن اختصار عمل رئيس الجامعة وفريقه في نتيجة مباراة واحدة أو أداء المنتخب في مسابقة بعينها ؟ طبعا لا يمكن ذلك، ولا يُعقَل أصلا. لأن أفشل رئيس جامعة يمكن أن يفوز في عهده المنتخب بلقب قاري، وهذا لا يعني بأنه نجح في مهامه. وأنجح رئيس يمكن أن يُقصى المنتخب في عهده من الأدوار الأولى، وهذا لا يعني بأنه فشل في مهامه. مهمة الجامعة الملكية لا يمكن اختصارها فقط في نتائج المنتخب الوطني، ولو أن هذا الأخير يعتبر أهم واجهة كروية للبلد، لأن مهمتها أشمل وأعمق. مهمة الجامعة هي النهوض بممارسة كرة القدم في البلد، وتوفير جميع الظروف المناسبة لضمان ممارسة سليمة تعطي نتائجها حسب الأهداف المبرمجة على المدى القريب وبعد ذلك على المدى المتوسط، ثم على المدى البعيد. لهذا فأي تقييم لعمل الجامعة يجب أن يخضع لمعايير مضبوطة ومنطقية، بعيدا عن منطق التحامل والعدمية الموجَّهة ضد شخص أو أشخاص بعينهم. وهناك عوامل كثيرة وجوانب متعددة يجب مراعاتها في هذا التقييم، أبرزها ما تم تحقيقه في الجانب القانوني، وفي جانب البنيات التحتية، وفي جانب التمثيلية المغربية داخل الأجهزة الكروية القارية (الديبلوماسية الرياضية)، وفي جانب التكوين والتأطير والإدارة التقنية، وفي الجانب المالي، وفي جانب هيكلة الفرق إداريا وضبط ميزانياتها، وفي جانب التكوين القاعدي، وفي جوانب أخرى متعددة كثيرة قبل الوصول إلى أداء ونتائج المنتخبات الوطنية ! وصول فوزي القجع إلى رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم شكّل نقطة تحول مهمة في مسار الجامعة، وشكّل صدمة لمن ألفوا تواجد رؤساء افتراضيين يشرفون على أمور الجامعة عندما يجدون بعض الوقت الفارغ وسط مشاغلهم الأخرى ويفوضون التسيير لأشخاص استفادوا كثيرا من الوضع الذي كان قائما. واليوم يوجد على رأس الجامعة شخص “واقف على شغالو”، ويشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة تدخل في مجال صلاحياته كرئيس للجامعة الملكية لكرة القدم. وما تحقق في الأربع سنوات الماضية لا يمكن أن ينكره إلا جاحد، بدءاً بتجويد البنيات التحتية وتغطية جميع ملاعب البطولة الاحترافية والقسم الثاني، وحتى الهواة، بالعشب وتجهيز مرافق الملاعب، مرورا بعقلنة عمليات انتقال اللاعبين والمدربين وضمان حقوقهم المنصوص عليها في العقود، وصولا إلى اختراق الاتحاد الافريقي لكرة القدم وضمان تمثيلية محترمة للمغرب والدفاع عن مصالحه داخل الاتحاد. دون أن ننسى فوز منتخب المحليين بكأس إفريقيا للمحليين والنجاح في تنظيمها بالمغرب في زمن قياسي، والرفع من تنافسية البطولة الوطنية لتصبح الفرق المغربية منافسا حقيقيا كل سنة على البطولات القارية، وتوسيع قاعدة مشاركة الفرق المغربية في المسابقات القارية لكسر احتكار فريقين أو ثلاث لتلك المشاركة سابقا (الموسم المقبل مثلا ستشارك ست فرق مغربية في المسابقات الافريقية والعربية)، وإدخال تقنية ال var ابتداء من الموسم المقبل في البطولة الاحترافية، واتخاذ مجموعة من الاجراءات للمرور من نظام الجمعيات إلى نظام الشركات وما سيكون لذلك من آثار إيجابية على الممارسة الكروية في بلدنا على المدى المتوسط/البعيد، وعودة المنتخب إلى منافسات كأس العالم بعد غياب دام لمدة عشرين سنة، وتحسين تصنيف المنتخب بين منتخبات العالم بعد أن كان يلعب، في وقت من الأوقات، الأدوار التمهيدية ليتأهل فقط إلى الاقصائيات … والمجال لا يتسع لذكر كل ما تحقق في ظرف وجيز لا يتجاوز أربع سنوات. أكيد هناك أخطاء تم ارتكابها، وأكيد هناك تجاوزات تم رصدها، وأكيد هناك أشياء تم إهمالها، لأن الأمر في الأول والأخير يتعلق ببشر وليس بملائكة، ولأن الأمر يتعلق بتراكم كبير وثقيل من العشوائية في التسيير،. لكن التقييم الحقيقي لا يجب أن يخضع للعاطفة، ولا يمكن أن يتم اختصاره في نتيجة مباراة واحدة للمنتخب الوطني، ولا يجب أن يخضع لأهواء محترفي الاصطياد في الماء العكر الذين ينتظرون أقرب هفوة ليعودوا إلى الواجهة. التقييم الحقيقي يجب أن يشمل الاستراتيجية الكاملة للجامعة وعمل كل لجانها والوسائل المرصودة، ومقارنتها بالأهداف المُعلَنة وما تم تحقيقه فعليا على أرض الواقع. ويبقى الناس أحرارا في أحكامهم أولا وأخيرا، شريطة ألا يتعرضوا للتظليل والشحن والتوجيه لتصفية حسابات ضيقة لا دراية لهم بها !