تواصل الفرقة الجهوية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثها وتحرياتها، للشهر الثالث على التوالي، في شأن فضيحة الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها برلماني البيجيدي يونس بنسليمان، النائب الأول لعمدة مراكش، و التي كلفت أزيد من 28 مليار سنتيم. و ارتفع عدد المستجوبين الى حوالي 30 شخصا، ضمنهم مقاولون و مساعدوهم و مهندسون و موظفون جماعيون، اضافة الى العمدة و نائبه الأول يونس بنسليمان، و نائبه أمل ميسرة، المفوض لها الاشراف على الصفقات العمومية، و التي استبعدها العمدة من الصفقات التفاوضية و منح في شأنها تفويضا استثنائيا لنائبه الأول يونس بنسليمان تورد “الأخبار”. و لم يتوصل عدد من المقاولين بعد بمستحقاتهم المالية رغم مرور أزيد من سنتين على الأشغال التي أنجزوها، و ذلك راجع من جهة الى التحقيقات الجارية في شأن هذه الصفقات، و من جهة أخرى لأن هذه الصفقات لم تحترم قانون الصفقات العمومية. وبالعودة الى مدونة الصفقات العمومية الصادرة بتاريخ 20 مارس 2013، فان المادة 135 منها تنص على أن الصفقات التفاوضية تخضع للترخيص المسبق لوزير الداخلية أوالمفوض له من لدنه، و يجب أن تقتصر حصرا على الحاجات الضرورية لهذا الاستثناء. وتحدد بقرار لوزير الداخلية لائحة الأعمال المتعلقة بهذا الاستثناء و اذا كان عبد الفتاح لبجيوي، الوالي السابق لجهة مراكش اسفي المعزول، وجه كتابا الى العمدة من أجل ابرام صفقات تفاوضية بخصوص الأشغال المتعلقة باستعداد مراكش لاحتضان المؤتمر الدولي للتغييرات المناخية كوب22، فان العمدة و نائبه لم يحددا قائمة بهذه الأشغال قبل المصادقة عليها من لدن وزير الداخلية أو والي الجهة. فضلا عن أن مجموعة من الصفقات التفاوضية تم ابرامها و انجاز الأشغال المتعلقة بها، بالرغم من أن لا علاقة لها بكوب 22، نظير الصفقة الخاصة بمنتزه حي السعادة، و أشغال خاصة بالمركبين الرياضيين الزرقطوني و سيدي يوسف بن علي، ناهيك عن صفقات تم ابرامها قبل انطلاق كوب 22 بأيام، و تم تحديد نهاية أشغالها في أربعة أشهر، أي بعد انتهاء المؤتمر المذكور، ما يعني أنها أشغال خارج الاستثناء الذي تنص عليه المادة 135 من قانون الصفقات العمومية. وبدل تسلم مستحقاتهم المالية، وجد المقاولون أنفسهم أمام تحقيقات ماراطونية امتدت لأزيد من ثلاثة أشهر و لا زالت متواصلة حتى الان، حيث تم الاستماع الى الممثل القانوني للشركة التي استفادت من صفقة انجاز منتزه حي السعادة بمقاطعة جليز، و هو المنتزه الذي كان مبرمجا في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. و بلغت مساهمة المجلس الجماعي في هذا المشروع حوالي 600 مليون سنتيم قبل أن يبرمجها في اطار الأشغال الخاصة بمؤتمر كوب 22 علما أن المشروع و موقعه لا علاقة لهما بالمؤتمر المذكور. وسبق للفرقة الجهوية للشرطة القضائية أن استمعت، في أكثر من مناسبة الى المقاول الذي استفاد من مجموعة من الصفقات التفاوضية الخاصة بأشغال التزفيت، والتي تجاوزت السقف المتعارف عليه، حيث بلغت 800 درهم للطن الواحد، بينما سبق للمقاولة نفسها أن استفادت من صفقة مماثلة مع المجلس الجماعي تنافست عليه مقاولات أخرى. و لم تتعد خلالها قيمة الطن الواحد 450 درهم، و هو الأمر الذي واجهته به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قبل أن يبرر المقاول هذا “النفخ'' في الأرقام بكونه أنجز أشغالا اضافية لفائدة المجلس الجماعي عن صفقة أخرى، بالنظر الى أن الأشغال الاضافية لا علاقة لها بالصفقة الأولى. الى ذلك استمعت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، الى الممثل القانوني للمقاولة التي سبق و أن استفادت من صفقات تفاوضية خاصة بالانارة العمومية، حيث سبق لبرلماني العدالة والتنمية والنائب الأول للعمدة يونس بنسلمان، أن أبرم 16 صفقة تفاوضية خاصة بالإنارة العمومية كلفت أربعة ملايير سنتيم، استفادت منها شركة أخرى مسيرتها ليست سوى قريبة صاحب الشركة الأولى، و بلغت القيمة الاجمالية للصفقات السبع المشار اليها مليارين و 500 مليون سنتيم. و من بين الصفقات التي وقفت عليها أبحاث الفرقة الوطنية مع الممثل القانوني لهذه المقاولة، الصفقة الخاصة بصباغة الأعمدة الكهربائية لشارع الحسن الأول، والتي كلفت 350 درهم، للعمود الكهربائي الواحد، قبل أن يعمل النائب الأول للعمدة على ابرام صفقة ثانية مع المقاولة نفسها من أجل ازالة هذه الأعمدة الكهربائية واستبدالها بأخرى، ما اعتبرته الجمعية الوطنية للفاع عن حقوق الانسان، في شكايتها الموجهة الى الوكيل العام بمحكمة جرائم الأموال، امعانا في تبديد المال العام منقبل العمدة و نائبه الأول.