تباينت مواقف الفرق والمجموعات النيابية بمجلس المستشارين لدى مناقشتها، اليوم الجمعة في جلسة عمومية، لمشروع قانون المالية لسنة 2018، بين الأغلبية التي اعتبرته مشروعا يحمل نفسا اجتماعيا واضحا، والمعارضة التي رأت فيه مجرد استنساخ لقوانين المالية السابقة في بنيته وهيكلته وأولوياته. وفي هذا الإطار، أبرز فريق العدالة والتنمية أن الإجراءات المبرمجة في مشروع قانون المالية لسنة 2018، تتوخى مواكبة ورش الجهوية المتقدمة بما يسهم بشكل فعال في تحسين تنافسية وجاذبية الجهات والتخفيف من الفوارق في ما بينها، تحقيقا للعدالة المجالية. وسجل الفريق بايجابية التزام الحكومة بتضمين العديد من الإجراءات في مشروع القانون المالي لسنة 2018، التي من شأنها تحسين نجاعة النفقات العمومية، وتعزيز الانظباط الميزانياتي العام وشفافية المالية العمومية. وأكد أن نسبة النمو التي تتعهد الحكومة بتحقيقها هي نسبة واقعية في ظل واقع الاقتصادي الوطني ومؤشرات شركائه الاقتصاديين، مثمنا اعتماد المنهجية المتعلقة بنجاعة الأداء والتي تلزم المدبرين بإعداد تقارير سنوية عن البرامج والمشاريع والأهداف المرتبطة بها، وكذا المؤشرات المتعلقة بقياس النتائج المحققة. بدوره، أكد الفريق الحركي القانون المالي يعد محكا حقيقيا للسياسات العمومية ومقياسا للرؤية التنموية التي تشكل الخيط الرابط بين الأوراش والبرامج المسطرة، منوها بدعم الحكومة للمحركات الأساسية للاقتصاد الوطني والمتمثلة، أساسا، في الإستثمار في البنيات التحتية والأشغال العمومية والمهن العالمية، والمخططات القطاعية الكبرى. من جهته، وصف فريق التجمع الوطني للأحرار المشروع بكونه إرادي يزرع الثقة ويعيد الأمل للدورة الاقتصادية الوطنية عبر مختلف الإجراءات والتدابير التي وصلت إلى 66 تدبيرا، بنفس اقتصادي واجتماعي إصلاحي، مشيرا إلى أن المشروع يواصل التنزيل التدريجي للقانون التنظيمي للمالية والذي يعتبر ثورة على طريق تحسين أداء المالية العمومية. واعتبر الفريق أن المشروع يحافظ على نسبة الاستثمار العمومي ويشجع المبادرة الحرة ويعبىء العقار العمومي لدعم الاستثمار الخاص ويحاول معالجة البنية العقارية غير المتجانسة. أما الفريق الاشتراكي فثمن كل الإجراءات والتوجهات المتضمنة في مشروع القانون والهادفة لدعم القطاعات الاجتماعية، خاصة مع تخصيص نصف الميزانية لهذه القطاعات، منوها بالدعم المالي والبشري الموجه لقطاع الصحة مع مواصلة تعميم التغطية الصحية لتشمل فئات المهن الحرة. كما تفاعل الفريق إيجابيا مع التوجهات الأربعة التي جاء بها المشروع، واصفا الأخير بكونه جاء من أجل التفعيل العملي الأمثل لورش الجهوية المتقدمة وترسيخ مساره. من جانبه، أشادت مجموعة العمل التقدمي بمضامين مشروع قانون المالية وبالتفاعل الإيجابي للحكومة مع عدد من التعديلات التي تقدمت بها الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلسي البرلمان، داعية إلى بذل مجهود أكبر مستقبلا لمعالجة إشكالية الحكامة وإعادة النظر في تعريف القطاعات. أما الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، فقد دعا بدوره الحكومة إلى الأخذ بعين الاعتبار في مشاريع القوانين المستقبلية إجراءات تهم فئات الشباب. من جهته، شدد فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب على ضرورة العمل على دعم اكثر لإنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة وللاستثمار، وتسريع التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني في أفق إعادة هندسة مختلف تكوينات الناتج الداخلي الخامس عبر التركيز على التصنيع والتصدير وجعل الابتكار رافعة أساسية لتحسين انتاجية المقاولات. بالمقابل، أكد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن المشروع “يكرس الاستمرارية ولم يقطع تماما مع السياسة القديمة في مجال التنمية والتي أفضت في كثير من المناحي إلى آفاق مسدودة”. واعتبر الفريق أن المشروع “ظل وفيا للنهج والمقاربات القديمة التي سارت عليها الحكومات المتعاقبة، ولم يقدم تصورا واضحا لنموذج تنموي يحرر الاقتصاد الوطني من اختلالاته وأعطابه”، مضيفا أن الأمل كان معقودا أن يكون المشروع في حجم الرهانات المطروحة وأن ينجح في استرداد منسوب الثقة في قدرة هذه الحكومة على تنفيذ التزاماتها في التصريح الحكومي، وألا يغلب هاجس التوازنات المالية فيه على حساب العدالة الاجتماعية”. في السياق ذاته، سجل فريق الأصالة والمعاصرة أن “مشروع قانون مالية يكرس جو الانتظارية، ولا ينطوي على أي جديد من شأنه الدفع بعجلة النمو إلى الأمام، كما أنه يكرس ثقافة الحلول الترقيعية”. واعتبر الفريق أن مشروع قانون المالية يركز على المزيد من التحكم في التوازنات المالية، ولكن من خلال اعتماد الآليات السهلة التي تأتي على حساب القدرة الشرائية للمواطنين في غياب تام لإجراءات نوعية ذكية تستجيب لمتطلبات المغرب المعاصر. وقال إن المشروع لا يتضمن أي نفس جديد يعكس تمثل الحكومة للرهانات المطروحة، مشيرا إلى أنه “مشروع غير مطمئن، ليس فقط في علاقاته مع انتظارات المغاربة الاجتماعية والاقتصادية الملحة، ولكن بالأساس مع التحديات الكبرى المطروحة على جدول أعمال بلدنا، والمرتبطة أساسا بالرؤية التنموية البديلة”. وبدوره، انتقد فريق الاتحاد المغربي للشغل مشروع قانون المالية باعتباره “مشروعا محافظا” لا يترجم البعد الاجتماعي لمضامين التصريح الحكومي، فضلا عن عدم تضمنه لأي تدابير شجاعة لمحاربة الفوارق الاجتماعية والمالية. وأضاف أن المشروع لا يستجيب لتطلعات الفئات الاجتماعية ولمأسسة الحوار الاجتماعي، ولا يتضمن أي مجهود لرفع القدرة الشرائية والمعيشية للعمال والاجراء. ولم يشد موقف مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل عما عبرت عنه باقي فرق المعارضة، حيث رأت أن مشروع قانون المالية جاء بالاعفاءات لصالح القطاع الخاص وأرباب العمل، مطالبة ب”ارساء حوار اجتماعي شامل يفضي إلى تعاقد اجتماعي جديد”.