بعد عام ونصف عام من المفاوضات أصبح ملف مشروع «بيجو – سيتروين» لصناعة السيارات بالمغرب جاهزا، ويرتقب أن يعلن عنه رسميا في غضون الأيام القليلة المقبلة. ويهدف المشروع إلى بناء وحدة صناعية في مدينة القنيطرة تصل قدرتها الإنتاجية إلى نحو 100 ألف سيارة في السنة، التي سيوجه إنتاجها لتموين أسواق شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وانطلقت المفاوضات بشأن هذا المشروع بين الحكومة المغربية ومجموعة «بيجو سيتروين» خلال المنتدى الاقتصادي للشرق الأوسط في مارسيليا نهاية عام 2013. وكان الاقتراح الأول للمجموعة يتجه إلى إنشاء المصنع في طنجة، قرب ميناء طنجة المتوسط، وغير بعيد عن المصانع الجديدة لمنافسها التاريخي «رونو»، التي تنتج 400 ألف سيارة في السنة موجهة بالكامل للتصدير إلى الشرق الأوسط وجنوب أوروبا. غير أن تطوير المغرب للقطب الصناعي الجديد المتخصصة في الصناعات المتعلقة بالسيارات قرب مدينة القنيطرة، واجتذابه لكثير من المصنعين العالميين للأجزاء والمكونات التي تدخل في تركيب السيارات غير المعطيات جعل من المنطقة الصناعية الأطلسية للسيارات في القنيطرة وجهة ممتازة للمشروع الجديد ل«بيجو». وسيستفيد المشروع أيضا من النظام الجبائي الخاص لهذه المنطقة، الذي يمنح تشجيعات ضريبية للصناعات المصدرة خلال ال25 سنة الأولى من إقامة المشروع. ولم تكشف بعد «بيجو» عن نوع السيارة التي ستطلقها من المغرب، غير أنها أشارت إلى أنها ستكون سيارة اقتصادية قريبة من «بيجو 300»، وموجهة لأسواق شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وشكلت صناعة السيارات أحد الرهانات الأساسية للمخطط الصناعي المغربي، وكانت البداية مع شركة «فيات» وسيارتها الاقتصادية خلال عقد التسعينات، التي دخلت المغرب بشراء حصص الحكومة في شركة «صوماكا» بالدارالبيضاء. وفي 2003 اشترت «رينو» حصص «فيات» وباقي حصص الحكومة لترفع حصصها في «صوماكا» إلى نحو 80 في المائة. وتستغل المصنع في إنتاج سيارتها الاقتصادية «داسيا» وتسويقها في السوق المغربية. غير أن الطفرة حدثت مع مشروع «رينو» العالمي الضخم في طنجة. فبعد مفاوضات عسيرة في ظروف تداعيات الأزمة المالية العالمية، تمكن المغرب بإقناع «رينو» بجدوى المشروع، وعزز عرضه باقتراح دخول صندوق الإيداع والتدبير المغربي بحصة 48 في المائة من رأسمال المشروع واحتفاظ «رينو» بحصة 52 في المائة، وذلك بعد انسحاب شركة «نيسان» التي كانت منذ البداية شريكة في المشروع. وافتتحت مصانع طنجة في 2012، وعرفت صناعة السيارات بالمغرب توسعا كبيرا على هامش مصانع «رينو» في طنجة. واجتذب القطاع استثمارات دولية كبيرة في مجالات تصنيع الأجزاء والمكونات وقطع الغيار. واليوم بدأ المغرب يجني ثمار هذه السياسة، إذ أصبحت صادرات صناعة السيارات، سواء السيارات المركبة أو قطع الغيار والأجزاء، تلعب دورا رئيسيا في تحسن الميزان التجاري للمغرب، وعرفت هذه الصادرات زيادة بنحو 27 في المائة خلال العام الماضي. تجدر الإشارة إلى أن مجموعة «بيجو سيتروين» تملك حصة 20 في المائة من رأسمال مصانع «صوماكا» في الدارالبيضاء، التي تستغل جانبا منها في خط إنتاج لتركيب سياراتها النفعية الموجهة للسوق المغربية. وبدخول «صوماكا» مجال تركيب السيارات في المغرب من أجل التصدير، تكون السياسة المغربية في هذا المجال قد كسبت رهان وضع البلاد كمنصة للتصنيع والتصدير في قطاع السيارات. وكالات