يبدو أن الأرقام صنعت لكي يحطمها "الأزلي" راين غيغز، إذ يتحضر الجناح الويلزي البالغ من العمر 39 عاما لكي يخوض مباراته الألف على صعيد الكبار، وذلك عندما يتواجه فريقه مانشستر يونايتد الإنكليزي مع ضيفه ريال مدريد الإسباني الثلاثاء في إياب الدور الثاني من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وخاض غيغز مباراته ال999 في المرحلة قبل الماضية من الدوري المحلي امام كوينز بارك رينجرز (2- صفر) وساهم في قيادة فريقه الى النقاط الثلاث بتسجيله الهدف الثاني، لكنه غاب عن مباراة السبت امام نوريتش سيتي (4-صفر) بقرار من مدربه الاسكتلندي اليكس فيرغوسون من أجل إراحته للموقعة النارية مع ريال مدريد الثلاثاء حيث يسعى "الشياطين الحمر" الى الإستفادة من النتيجة الجيدة التي حققها ذهابا في مدريد (1-1) من أجل بلوغ ربع النهائي على حساب النادي الملكي. ويتجه غيغز الذي لعب حتى الآن 931 مباراة مع الفريق الأول لمانشستر و64 مع المنتخب الويلزي و4 مع المنتخب البريطاني في أولمبياد لندن 2012، الى الفوز بلقب الدوري الإنكليزي للمرة الثالثة عشرة وتعزيز موقعه كاكثر اللاعبين تتويجا في الكرة الإنكليزية، على أمل أيضا أن يتوج بلقبه الثالث في دوري أبطال أوروبا والخامس في كأس إنكلترا (يلتقي يونايتد مع تشيلسي في ربع النهائي)، إضافة الى إحرازه لقب كأس رابطة الأندية المحلية ثلاث مرات خلال مشواره الأسطوري الذي بدأ مع "الشياطين الحمر" قبل 22 عاما. احتفل غيغز في 29 نوفمبر الماضي بميلاده التاسع والثلاثين بصحبة زملاء لم يكن قد ولدوا عندما سجل الويلزي بدايته مع مانشستر يونايتد. أن تواصل ممارسة كرة القدم على أعلى المستويات وأنت اصبحت على مشارف العقد الرابع من عمرك فهذا انجاز كبير، فكيف الحال إذا كان اللاعب المعني يشغل مركز الجناح في فريق من عيار مانشستر يونايتد، فهذا الأمر يجعله لاعبا "خارقا" لا يعرف معنى للتقدم بالعمر حتى وإن أطلق عليه لقب عجوز "اولدترافورد". وقد أكد غيغز حجم أهميته ليونايتد عندما مدد في الأول من الشهر الحالي عقده مع الفريق لعام إضافي حتى يونيو 2014. "تأقلمت منذ فترة طويلة على واقع اني العب الى جانب لاعبين لم يكن قد ولدوا عندما سجلت بدايتي، ومع امور من هذا النوع"، هذا ما قاله غيغز الذي يخوض موسمه الثالث والعشرين مع "الشياطين الحمر" ويجب العودة بالذاكرة الى 2 اذار/مارس 1991، اليوم الذي سجل فيه بدايته مع الفريق، عندما أصيب المدافع الايرلندي دينيس ايروين امام ايفرتون على ملعب "اولدترافورد" ما دفع المدرب اليكس فيرغوسون الى الزج بلاعبه اليافع الذي كان يبلغ حينها 17 عاما في مباراة خسرها فريقه صفر-2. وتابع "غيغزي" الذي اصبح اكثر لاعب خوضا للمباريات بقميص مان يونايتد: "نعم، لقد اعتدت على هذا الأمر، إنه أمر يجب أن أعيش معه، على ما أعتقد". الدهشة والذهول هما لسان حال زملاء غيغز في يونايتد، وبينهم البرازيلي رافايل دا سيلفا الذي تحدث عن الويلزي قائلا: "إنه لاعب مذهل في كل مباراة تراه يعمل بجهد كبير، يسجل، يمرر كرات حاسمة، إنه لاعب جيد لدرجة أنه أصبح مملا هو لاعب جيد (اي التألق اصبح روتينيا بالنسبة له)". وواصل: "إنه على نفس الوتيرة في التمارين، انه ببساطة يعشق ممارسة هذه اللعبة. انه احد افضل اللاعبين الذين لعبت الى جانبهم. يزودنا بالخبرة، الثقة وعندما تكون محبطا يأتي ويساعدك، خصوصا مع اللاعبين الشبان". قدم "غيغزي" أداء مذهلا في الأسابيع الأخيرة بعد أن وضع خلفه البداية الصعبة التي تجسدت تماما بإخراجه خلال إستراحة الشوطين من المباراة التي خسرها يونايتد على أرضه امام توتنهام (2-3) في أيلول/سبتمبر الماضي. لقد وجد غيغز طريقه الى الشباك ثلاث مرات في مشاركاته الخمس الأخيرة في جميع المسابقات، رافعا رصيده الى 168 بقميص "الشياطين الحمر". جاء الهدف الذي سجله في مباراة 26 كانون الثاني/يناير الماضي امام فولهام (4-1) في الكأس بعد 20 عاما على افتتاحه سجله التهديفي في المسابقة، وقد وجد الويلزي الأسطوري حتى الان طريقه الى الشباك في جميع المواسم ال23 التي خاضها في الدوري. من المؤكد أن "غيغزي" أصبح من أساطير "الشياطين الحمر" واحد افضل اللاعبين الذين ارتدوا القميص الاحمر الشهير على الاطلاق، فهو أيضا صاحب الرقم القياسي لأكثر اللاعبين مشاركة مع مانشستر في الدوري (652)، متفوقا على انجاز بوبي تشارلتون (606). ولم يسبق لأي لاعب أن دافع عن الوان مانشستر طيلة 21 عاما ولا يقترب من انجاز غيغز سوى تشارلتون وبيل فولكز اللذين ارتديا قميص "الشياطين الحمر" حوالي 17 عاما، في حين ان الويلزي الآخر بيلي ميريديث تواجد في هذه المدينة لمدة 30 عاما بين 1894 و1924 لكنه امضى معظم تلك الفترة في قميص مانشستر سيتي، أي الفريق الذي بدأ فيه غيغز مسيرته الكروية. ولم يفقد "غيغزي" حماسه على الاطلاق رغم بلوغه التاسعة والثلاثين من عمره وهو يستمتع بوقته في الملاعب، ما دفعه الى تمديد ارتباطه مع "الشياطين الحمر" حتى صيف 2014 وذلك لان فيرغوسون ما زال يعول عليه كثيرا. "يواصل تحدي عمره إنه ببساطة أمر مذهل"، هذا ما يقوله فيرغوسون عن لاعبه الويلزي الذي عانى حين كان يافعا من مشاكل في العضلات الخلفية لفخذيه لكنه تمكن من التخلص منها بفضل تعرفه على اليوغا التي ساعدته كثيرا وجنبته الإصابات العضلية. "اليوغا ساعدتني دون أدنى شك"، هذا ما قاله غيغز لصحيفة "غازيتا ديلو سبورت" الإيطالية العام الماضي، مضيفا "تساعدني على التمرن يوميا لأنها تمنحني الليونة والقوة ليس للعب وحسب بل لخوض التمارين أيضا". وواصل "عليك تغيير طريقة تفكيرك، كنت لاعبا سريعا والآن لست كذلك. أنت تستخدم خبرتك، ذكاءك على أرضية الملعب من أجل أن تغير طريقة لعبك بالطريقة التي فعلتها". ويدرك فيرغوسون أن غيغز اليوم يختلف عن غيغز الأمس من ناحية تنوع طريقة لعبه، فجعله يميل بشكل اكبر الى وسط الملعب بعد أن تسيد سابقا الجهة اليسرى، ويتحدث المدرب اأسكتلندي عن هذه المسألة قائلا: "لم يعد يتمتع بالسرعة التي كانت لديه قبل عشرة اعوام لكنه يتعاطى مع اللعبة بشكل مختلف الآن". قد يحذو غيغز حذو السير ستانلي ماثيوز الذي واصل اللعب حتى بلغ الخمسين من عمره، وهذا ما أشار اليه فيرغوسون، قائلا "علينا أن ننتظر لنرى ما سيحصل".