مطالبة بعض البرلمانيين بضرورة مساءلة رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بشأن الخروج المبكر من نهائيات أمم إفريقيا 2013 تعطي الانطباع، للرأي العام الوطني، بأن المنتخب الوطني هو كل الرياضة في المغرب، وهذه مصيبة. فالرياضة ليست هي كرة القدم فحسب، وكرة القدم نفسها ليست هي المنتخب الأول فقط. ومع ذلك، فواقع تعاطي السياسيين، سواء أكانوا برلمانيين، أو في مواقع المسؤولية الحزبية فقط، يبين أن هذا الاختزال السيء للرياضة حقيقة ماثلة على أرض الواقع. والحقيقة أن هذا التعاطي السيء مع الشأن الرياضي المغربي هو الذي أدى إلى الخيبات التي عاشتها رياضتنا على مر السنوات الماضية، بعد تواري جيل من الرياضيين البارزين الذين بوأوا المغرب مقاعد متقدمة في الألعاب الأولمبية. ولن تجد الرياضة المغربية طريقها يوما إلى المراتب المتقدمة إلا عندما تتخلص من هذه الرؤية السياسوية الضيقة، تلك التي تختزل كل شيء في المنتخب الأول، وتبقي الحلقة المفرغة على حالها، في ما يشبه التلذذ بتعذيب الذات، بحيث كلما انهزم المنتخب، أو أقصي من منافسة، إلا وطالب البعض بالمحاسبة، وهم يعرفون أن لا حساب ولا هم يفزعون. إن الرياضة المغربية عانت وتعاني وستعاني كل الويلات الممكنة، ما لم تصبح بالفعل قطاعا ينظر إليه، من لدن السياسيين في المقام الأول، على أنه حيوي للغاية، في نمو الشعب، باعتبار الممارسة الرياضة شيء أساسي، فضلا عن أنها في جانبها النخبوي تحقق المتعة، والفرجة، والتجانس الجمعي. وعندما نتحدث عن اعتبار الرياضة قطاعا تنمويا فعالا وأساسيا، فإنه لا يفوتنا أن نؤكد بأن هذا سيحتاج إلى مجهود حكومي وشعبي كبير جدا، سيستلزم وقتا معينا، إلى أن تصل الأمور إلى النضج المطلوب، مع ما يستتبع ذلك من صبر وانتظار. ولن يضمن أحد، حينها، أن تكون النتائج الرياضية المغربية، قاريا وجهويا وعالميا، فوق التصور، على أساس أن باقي الدول بدورها تشتغل، وتجتهد. غير أن أية نتيجة سيئة لن تجد من يبررها بأسباب واهية، بل ستكون لها مبررات موضوعية، وسيتقبلها الجميع، سيما أن الكل سيكون متيقنا أن الإصلاح سيأخذ مجراه الطبيعي، وسيتغير الوضع في وقت لاحق. السؤال الذي ينبغي أن يطرح اليوم ليس فقط هو من تسبب في ويلات الرياضية المغربية؟ بل وأيضا اية رياضة نريد للمستقبل، سواء منها تلك التي يمارسها العموم، أو الأخرى التي تمارس في مستويات عالية لدى النخبة؟ وحين يأتي الجواب على هذا السؤال، مع ما يفترضه من إجماع للمعنيين، وتفكير في سبل التطبيق، ستكون تلك البداية الصحيحة إلى شأن رياضي إيجابي، يفيد الجميع، وينهي الصلة مع الحلقة المغرغة المثيرة للشفقة التي يعيش فيها الشارع الرياضي باستمرار، ولا يقفز منها إلا في بعض الاستثناءات، كلما فاز المنتخب المغربي الأول بمباراة، إذ يخرج البعض إلى الشوارع، ويحتفلون حتى الصباح، كما لو أن لاوعيهم يقول لهم:"هيا احتفلوا ما أمكنكم، فربما لن تحتفلوا لفترة طويلة، بل وربما ستحزنون سريعا". إلى اللقاء.