صاح في لاعبيه ولم يتوقف عن إعطاء التعليمات ولم يكن أمامه سوى اجتياز الخط والمشاركة مع اللاعبين في تناقل الكرة والأداء كأحد اللاعبين. هكذا كان حال المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني المدير الفني لفريق أتلتيكو مدريد خلال المباراة النهائية لبطولة كأس ملك إسبانيا التي تغلب فيها الفريق على جاره ومنافسه العنيد ريال مدريد 2-1 وكانت دليلا واضحا على مدى تأثير سيميوني في أداء الفريق ودوره في نجاح أتلتيكو. وقاد سيميوني أتلتيكو الجمعة للتتويج بلقبه العاشر في تاريخ مسابقة كأس ملك إسبانيا بعدما وجه صدمة قوية للريال وجماهيره على استاد "سانتياغو برنابيو" بالعاصمة مدريد. وكانت المباراة نموذجا يتماشى مع شخصية سيميوني منذ أن كان لاعبا وحتى بعدما سلك طريق التدريب حيث اتسمت بالحماس الشديد والكفاح وروح التنافس. ولعب سيميوني في صفوف أتلتيكو لمدة ثمانية مواسم مقسمة على فترتين حيث لعب له من 1994 إلى 1997 ثم من 2003 إلى 2005 وكان أحد أبرز نجوم الفريق. وتولى سيميوني، بعد اعتزاله اللعب، تدريب بعض الأندية الأرجنتينية كما عمل لفترة قصيرة مع كاتانيا الإيطالي قبل أن يتولى تدريب أتلتيكو حيث قاده في نهاية الموسم الماضي للفوز بلقب الدوري الأوروبي بعد التغلب على أتلتيك بيلباو 3-صفر في المباراة النهائية للبطولة. وأظهر أتلتيكو روح المنافسة الشديدة والحماس تحت قيادة سيميوني في أكثر من مناسبة كان من بينها نهائي الدوري الأوروبي في الموسم الماضي أمام بيلباو ثم في كأس السوبر الأوروبي أمام تشيلسي الإنكليزي في بداية الموسم الحالي ثم أمام الريال في نهائي كأس إسبانيا الجمعة. وحقق أتلتيكو فوزا طال انتظاره على جاره ومنافسه العنيد حيث كان الفوز هو الأول لأتلتيكو على الريال في مختلف البطولات منذ 14 عاما. وخلال مباراة الجمعة، هتف نحو 30 ألف مشجع لأتلتيكو "أولي أولي أولي سيميوني" أكثر من مرة لتشجيع المدرب الأرجنتيني صاحب التأثير الهائل في أداء الفريق. وقال سيميوني في المؤتمر الصحفي بعد المباراة "بدون مجموعة، لا يوجد فريق. ونحن صنعنا الفريق من هذه المجموعة.. بالعمل والإخلاص، تظهر الفرص. واليوم سنحت لنا الفرصة وحققنا الفوز مجددا". وكان نهائي الجمعة هو الثالث الذي يفوز به أتلتيكو تحت قيادة سيميوني خلال عامين ونصف العام قاد فيهم الفريق. وظل سيميوني يصيح على مدار أكثر من 125 دقيقة شهدتها مباراة الجمعة ولكنه ظل داخل حدود المنطقة الفنية المجاورة لخط الملعب حتى جاءت لحظة الحسم عندما سجل المدافع البرازيلي جواو ميراندا هدف الفوز 2-1 لأتلتيكو فلم يتمالك سيميوني نفسه من الفرحة ليندفع إلى داخل أرضية الملعب للاحتفال مع لاعبيه. ورغم الهدف المبكر الذي تقدم به البرتغالي كريستيانو رونالدو للريال في الدقيقة 14، لم يستسلم أتلتيكو لليأس ونجح في قلب النتيجة لصالحه. وأكد سيميوني إن فريقه كان محظوظا في المباراة النهائية ليتوج بلقب البطولة. وقال سيميوني: "كان لدينا الحظ الذي يحتاجه أي فريق ليتوج بطلا" معترفا بأن الحظ لعب دورا في فوز فريقه باللقب حيث تصدى القائم لثلاث فرص من الريال. وأضاف "لكنني لا أجد الكلمات المناسبة لأصف بها هؤلاء اللاعبين الذي عملوا باجتهاد على مدار عامين ونصف العام منذ أن توليت مسئولية الفريق". وأكد سيميوني أن مباراة الأمس ستظل حاضرة في الأذهان لفترة طويلة حيث تأخر فريقه بهدف مبكر ولكنه رد بقوة بعد هذا. وتحدث سيميوني عن أفراد عائلته قائلا "إنهم في مكان بعيد للغاية، من المؤكد أنهم استمتعوا كثيرا بمشاهدة المباراة. جلسوا سويا في المنزل وارتدوا ألوان أتلتيكو مدريد". وأكد سيميوني، بعد دقائق قليلة من رفع كأس البطولة، أن هدفه القادم هو مباراة الفريق في الدوري الإسباني الأسبوع المقبل لأنها فقط من ستضمن له النجاح. وأوضح "علينا التفكير في مباراة مايوركا. لأن أداء مهمتنا بشكل جيد والتطور من مباراة لأخرى هو طريقنا الوحيد". وجدد سيميوني عقده مع أتلتيكو حتى 2017 ليستكمل مسيرة النجاح مع الفريق. وضمن سيميوني وأتلتيكو المشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل بعدما حسم الفريق لصالحه المركز الثالث في الدوري الإسباني هذا الموسم بغض النظر عن نتيجة مباراتيه المتبقيتين. ومنذ أن توج أتلتيكو بثنائية دوري وكأس أسبانيا في عام 1996، لم يتولى تدريب الفريق أي مدير فني له نفس الشخصية الكاريزمية التي يتمتع بها سيميوني (43 عاما) المولود في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. ولكنه يستطيع أيضا على مدار السنوات القليلة المقبلة أن يجعل من نفسه أحد أنمجح المدربين الذين عملوا في الدوري الإسباني وذلك إذا واصل رحلة النجاح مع الفريق.