تم اليوم الأربعاء بالرباط إطلاق مشروع تعزيز قدرات مسؤولي وأطر المؤسسات السجنية في مجال معاملة السجناء والوقاية من التعذيب. ويهدف هذا المشروع الذي تشرف عليه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشراكة مع مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية وبدعم من سفارة هولندا بالرباط، إلى تعزيز قدرات مسؤولي وأطر المؤسسات السجنية في مجال معاملة السجناء والوقاية من التعذيب، وفقا للإطار القانوني المغربي ولمقتضيات الالتزامات الدولية للمملكة. وسيعمل فريق من الخبراء من خلال ورشات ستمتد إلى غاية شهر يوليوز المقبل على تقريب المشاركين من عدد من المفاهيم ذات الصلة بموضوع المشروع انطلاقا من أهم المعايير الدولية ومقتضيات القانون المغربي، فضلا عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. وسيعتمد فريق الخبراء مقاربة تفاعلية مع المشاركين وتساؤلاتهم والإشكالات التي قد تطرح في علاقة بعمل الآلية الوطنية، مع تمكينهم من تملك أكبر قدر من المعارف . وفي هذا الصدد، أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج السيد محمد صالح التامك، في كلمة خلال إطلاق هذا المشروع، أنه يدخل في سياق سلسلة الأنشطة المبرمجة في إطار اتفاقية الشراكة التي تربط المندوبية العامة ومركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية، بهدف تكريس ثقافة حقوق الإنسان في التدبير اليومي لمرفق السجون، والانخراط الجدي والمسؤول لجميع مسؤولي وأطر المندوبية العامة في المسار الإيجابي والمتميز للمغرب في مجال حماية حقوق الإنسان. وأضاف التامك أن المندوبية قامت في سياق التزامها بتنفيذ التعليمات الملكية السامية الرامية إلى النهوض بوضعية السجون وأنسنتها، بصياغة استراتيجية متكاملة تواكب التطورات الحقوقية المتقدمة التي عرفها المغرب، مع الحرص على تفعيل أحكام الدستور الجديد للمملكة، واحترام الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان لاسيما اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أوالمهينة، وكذا البروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية. وأوضح أنه وعيا من المندوبية العامة بأهمية تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في الوسط السجني، جعلت هذا الورش من أهم مكونات استراتيجية عملها، والتي ترتكز على أربعة محاور أساسية تتجلى في أنسنة ظروف الاعتقال، والحفاظ على الأمن وسلامة السجناء، وتهيئ المعتقلين لإعادة الإدماج، وتحديث الإدارة وتعزيز إجراءات الحكامة، حيث تحرص على تكريس المرجعية الحقوقية في إنفاذ القوانين ذات الصلة بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية، وكذا تعزيز الحقوق الأساسية للسجناء، مشيرا إلى أن الهاجس الرئيسي للمندوبية العامة يبقى هو جعل كل ذلك موضع التطبيق على أرض الواقع. من جهته قال الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، إن المبادرة تندرج في سياق صدور القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي وسع من اختصاصات وصلاحيات المجلس ليشمل إلى جانب صلاحياته في مجال حماية حقوق الإنسان، صلاحيات وقائية جديدة تتمثل في إحداث ثلاث آليات هي الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوقهم والآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. وأضاف الصبار أن المشرع المغربي اختار الانخراط في التوجه العام الذي سارت عليه غالبية دول العالم بالنظر لنقط القوة العديدة التي تتميز بها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مجال الحماية والوقاية من التعذيب وسوء المعاملة، مبرزا أنه لتمكين المجلس الوطني من ممارسة صلاحياته الجديدة لاسيما في مجال الوقاية من التعذيب نص المشرع في القانون 76.15 على عدة ضمانات تمكن الآلية من أداء مهامها بفاعلية. وذكر أن مهام هذه الآلية تتمثل على الخصوص في تمكينها من القيام بزيارات منتظمة لمختلف أماكن الحرمان من الحرية وإلزام السلطات العمومية المكلفة بإدارة أماكن الحرمان من الحرية بتمكين أعضائها من الولوج إلى هذه الأماكن وإجراء مقابلات خاصة على انفراد مع الأشخاص المحرومين من الحرية ، وكذا حماية الأشخاص الذين قدموا معلومات للألية الوقائية ولو كانت غير صحيحة. من جانبها، أشادت المستشارة الأولى المكلفة بالشؤون السياسية بسفارة هولندا بالرباط، السيدة إسرا سين، بالتزام المغرب باحترام حقوق الإنسان وتعزيزها وحمايتها، وكذا بالإرادة السياسية وجهوده للوقاية من التعذيب في أماكن الحرمان من الحرية. وأبرزت أن توسيع المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمجال اختصاصه لتشمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، يعكس التزام المغرب بتعزيز وحماية حقوق الإنسان . من جانبه أكد رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، السيد الحبيب بلكوش، أن المملكة قطعت خطوة جديدة وهامة في مجال الوقاية من التعذيب من خلال المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، واعتماد القانون المحدث للآلية الوطنية ذات الصلة كترجمة لارادة سياسية لمواصلة النهوض بورش حقوق الإنسان. ويهدف هذا المشروع ،حسب بلكوش، إلى تعزيز قدرات مدراء وأطر المؤسسات السجنية بما يفيد تعاملهم مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من حيث الالتزامات والمعايير والضوابط المؤطرة لها ومستلزمات التدبير والتفاعل وخلاصات التجارب الدولية.