قضى حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمدينة صفرو، وفي سابقة من نوعها في تاريخ القضاء المغربي، برفض تذييل عقد زواج أبرم في "إسرائيل"، معتبرا إياها دولة لا تعتبر ذات سيادة شرعية. وصدر منطوق الحكم بعد طلب تذييل حكم زواج صادر بالخارج كي يكون معترفا به قانونا، باعتبار أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية لا تنفذ في المغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية. وجاء في منطوق الحكم، الذي تتوفر جريدة "رسالة الأمة" على نسخة منه "حيث إنه بناء على ذلك يكون العقد المراد تذييله قد أُبرم أمام سلطات إدارية محلية لا تعتبر ذات سيادة شرعية في إبرام مثل تلك العقود على المغاربة المسلمين وفق منظور النظام العام المغربي، ومن ثم غير مختصة قانونا، لا سيما وأن المشرع المغربي لم يعترف إلى الآن بشكل رسمي بسلطات إدارية لدولة تسمى إسرائيل". وأوضح الحكم، أن النظام العام المغربي لا يعترف بشكل رسمي بسلطات إدارية لدولة تسمى "إسرائيل"، والحاصل أن العقد أبرم أمام تلك السلطات الإدارية. وفي السياق ذاته اعتبر محمد ألمو الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط، أن العقد الذي رفض تذييله غير مخالف للنظام العام من حيث الموضوع، موضحا أن الرفض انصب حول "شرعية دولة اسرائيل على سيادة أراضيها وأحقيتها في إبرام عقود على أراضي اعتبرها الحكم لا تشمل سيادتها". وأكد ألمو في تصريح ل"رسالة 24″، أن النص واضحا بخصوص مقتضيات قانون المسطرة المدنية التي تنظم مسألة تذييل العقود بالصيغة التنفيذية والأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية، والذي عن شروط معينة ومحددة، مؤكدا أن من بين الشروط أشار النص إلى وجود عنصر "الدولة الأجنبية" دون أن يحدد المشرع "هل هي معترف بها من طرف المغرب أم لا، هل هي دولة معادية للمغرب أم غير معادية له، وما طبيعة علاقتها مع المغرب"، موضحا أن المشرع تحدث عن صفة الدولة بشكل عام. وأضاف ألمو أن الشرط الثاني يتمثل في عدم مخالفة هذه العقود المنجزة للنظام العام "بمفهومه العام"، مثل "عدم التنصيص على الصداق، أو عدم حضور شاهدين مسلمين، أو مخالفته لمقتضيات مدونة الأسرة"، مضيفا أن القاضي في حالة مخالفة العقد لهذا الشرط ملزم بالتصدي لموضوع الوثيقة، نافيا "لا أعتقد أن القانون يبيح له (القاضي) أن يتجاوز ذلك إلى نطاق التصدي لشرعية الدولة أو نزع صفة الدولة عن دولة معينة، باعتبار أن النص القانوني لا يستوعب له هذه الإمكانية". واعتبر الناشط الحقوقي ألمو أن الغاية من تذييل الأحكام والعقود الصادرة عن الدول الأجنبية، هي حماية مصالح الأفراد، وليس مصالح الدولة المنجزة لتلك الأحكام والعقود أو الصادرة عنها، مشيرا إلى أن "العبرة هي حماية هؤلاء الأفراد الذين أجبرتهم الظروف للتواجد بهذه الدولة وإبرام تصرف قانوني داخل أراضيها، مضيفا أن المقتضيات القانونية أوجدت لأجل نفاذ وسريان هذه التصرفات القانونية على أرض الوطن، ومؤكدا على ضرورة الأخذ بمصالح الأفراد بعين الاعتبار. وقال ألمو أنه لا يمكن أن يتم تجاوز هذا البعد الضيق، قائلا "هذا الحكم لن يضر إسرائيل، سيضر هؤلاء الأطراف"، ومتسائلا عن ماهية الإشكال في عقد طرفين لعقد زواج داخل إسرائيل لظروف أوجدتهم هناك. ودعا ألمو إلى ضرورة الرجوع في هذه الحالة، إلى القانون الدولي والشرعية الدولية التي تعكسها منظمة الأممالمتحدة، والتي تعترف بإسرائيل كدولة، "بعيدا عن العواطف والمواقف السياسية"، مستثنيا بذلك "أنه يمكن الرفض إذا صدر العقد أو الحكم عن جهة أو مجموعة غير معترف بها من الأممالمتحدة "كداعش، البوليزاريو، الأكراد..". وأكد ألمو أنه يلزم قانونا الاحتكاك مع إسرائيل، مؤكدا أنه يفترض في مدونة الأسرة أن تنتعش فصولها فيما يتعلق بالتصرفات القانونية التي ينجزها مواطنون مغاربة في دولة اسرائيل، مشيرا إلى "وجود يهود مغاربة وأغلبهم مقيمون أو يذهبون إلى إسرائيل، ويعودون إلى وطنهم بالمغرب".