لم يفوت محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، فرصة جوابه على تدخلات الفرق والمجموعات النيابية خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2018، بمجلس النواب، يوم أمس الخميس، دون أن يرد على الانتقادات التي وجهت للحكومة، من طرف بعض الفرق البرلمانية. وأعرب بوسعيد عن استغرابه مما أسماه "التناقض على مستوى المقاربة" الذي جاء في تدخلات بعض النواب، والتي طالبت الحكومة ب"تقليص العجز والتحكم في المديونية من جهة، ومن جهة أخرى، تنتقد التدابير الرامية للرفع من الموارد البشرية". ودعا الوزير إلى "الارتقاء بالخطاب السياسي إلى مستوى المساءلة الموضوعية لمدى نجاعة السياسات العمومية، والمساهمة الفاعلة في بلورة هذه السياسات من خلال النقاش الجاد والمسؤول الذي يستحضر المصلحة العليا للبلاد والمواطنين". وقال بوسعيد مخاطبا منتقدي الحكومي "نحن لا نعطي الدروس ولا نقبل أن يعطينا أحد الدروس، خاصة إذا كانت هذه الدروس تستند إلى أرقام ومعطيات غير دقيقة وتحمل في طياتها تناقضات كثيرة"، مضيفا "كما لا نقبل المزايدات في ملف مهم في بلادنا فيها تعليمات ملكية سامية، وهي إعداد النموذج التنموي، الذي يجب أن ينبني على مقاربة هادئة ورزينة وتشاركية ومسوؤلة". وأكد الوزير أن الحكومة الحكومة، تجاوبت مع التعديلات المقدمة سواء من طرف الأغلبية أو المعارضة "بما ينبغي من الجدية والموضوعية، وتقديم التبريرات اللازمة"، موضحا أنها تفاعلت بالإيجاب مع التعديلات بخصوص الضريبة على القيمة المضافة على المحروقات وعلى وكلاء التأمين، "من منطلق الحرص أولا وأخيرا على مصلحة المواطنين". وقال بوسعيد إن "المزايدات والاستغلال السياسي، وبعث الرسائل المغلوطة من خلال اتهام الحكومة باستهداف القدرة الشرائية للمواطن، يكرس ممارسات متجاوزة وبعيدة كل البعد عن الممارسات السياسية السليمة". وزاد الوزير أن "الحكومة لا ولن تكون ضد المواطن، بل على العكس فهي تضع المواطن وتلبية احتياجاته الملحقة في مقدمة أولوياتها. كما تقوم بمسؤولياتها كاملة في الحفاظ على التوازنات المالية الضرورية لتقوية جاذبية الاقتصاد الوطني والتحكم في المديونية كي لا ترهق كاهل المواطن والأجيال القادمة". وكشف الوزير أنه من بين 215 تعديلا تم تقديمها، تم سحب 50 تعديلا، وتم قبول 77 تعديلا، "وهو ما يمثل 46 في المائة من مجموع التعديلات المقدمة"، وفق تعبير بوسعيد، الذي وصف هذا الرقم ب"الاستثنائي، ويعكس التجاوب والتفاعل الكبير للحكومة مع تعديلات كل الفرق والمجموعات النيابية أغلبية ومعارضة". وأشار المتحدث ذاته إلى أن الحكومة قبلت حوالي 18 تعديلا لفرق المعارضة، و36 تعديلا لفرق ومجموعة الأغلبية، موضحا أن من ضمن التعديلات التي تم قبولها "إعفاء السيارات والكراسي ذات المحرك الكهربائي المعدة خصيصا لذوي الاحتياجات الخاصة من الرسوم الجمركية "، و"منح الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على اقتناء واستيراد التجهيزات والسلع من طرف "معهد البحث في داء السرطان" مع تطبيق رسم الاستيراد الأدنى بنسبة 2.5 في المائة". ومن بين التعديلات أيضا التي وافقت عليها الحكومة، "الإبقاء على رسم الاستيراد المحدد في 17.5 في المائة بدل رفعه إلى 20 في المائة، والمطبق على السلع والمنتوجات المستوردة"، إلى جانب "الإبقاء على سعر الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة المحروقات"، وكذا تلك المطبقة على "خدمات الوساطة المقدمة من طرف وكلاء ووسطاء التأمين"، بالإضافة إلى "رفع مبلغ سقف المساهمة التي يخول الحق في التخفيض من مبلغ الضريبة إلى 200 ألف درهم بالنسبة لمقاولة حديثة النشأة المبتكرة في مجال التكنولوجيات الحديثة". كما تجاوبت الحكومة، يضيف بوسعيد، بالإيجاب مع عدد من التعديلات، التي همت إضافة مواد جديدة على مشروع قانون المالية، ضمنها مادة تتعلق ب"إعفاء الجماعات الترابية من أداء أي واجبات أو ضرائب أو رسوم عند عملية نقل ملكية أصولها لفائدة جماعات ترابية أخرى"، إلى جانب مادة أخرى، تخص "إقرار تخفيض نسبة بعض موارد الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى الصندوق الخاص لحصيلة حصص الضرائب المرصدة للجهات ورصدها لفائدة صندوق التضامن بين الجهات"، بالإضافة إلى مادة تتعلق ب"توسيع مهام صندوق التنمية الصناعية والاستثمارات ليشمل دعم نفقات النقل للمؤسسات الصناعية المصدرة لبضائعها إلى الموانئ أو المناطق الصناعية المصدرة القريبة من الموانئ". وأقر الوزير بأن الحكومة واعية بأن تحقيق ظروف التعليم الجيد لأبناء المغاربة وتحسين الخمات الصحية المقدمة للمواطنين، مرتبط ب"تحسين حكامة تدبير هذين القطاعين، وضمان المساواة في الولوج للتعليم والصحة، وتحسين الجودة". وفيما يخص المديونية، فأكد الوزير أنه على خلاف ما أثير في بعض التدخلات، فإن "مديونتينا متحكم فيها، ونسبتها من الناتج الداخلي الخام لا تتعدى 64.7، وهي نسبة معقولة بالمقارنة مع بعض الدول التي يتجاوز حجم مديونيتها 100 في المائة"، معتبرا أن الأرقام التي جاءت على لسان بعض النواب خلال المناقشة العامة لقانون المالية "مجرد مزايدات وأرقام غير صحيحة". وجدد بوسعيد التأكيد على أن مشروع مالية 2018، هو مشروع موجه بالأساس لخدمة المواطن، وكذلك لدعم تشغيل الشباب، وسد الخصاص في الموارد البشرية في قطاعي التعليم والصحة من خلال فتح ما يفوق 60 ألف منصب مالي خلال سنتي 2017 و2018، وتخصيص ما يفوق 6 ملايير درهم لاستهداف الفئات الهشة والفقيرة، في اطار برامج راميد وتيسير ودعم الارامل والمطلقات والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهو كذلك موجه للمواطن في العالم القروي لتمكينه من الولوج الى الصحة والتعليم والماء الصالح للشرب والكهرباء والطرق. هذا، ومن المتوقع أن يكون مجلس النواب قد صادق أمس الجمعة في جلسة عمومية على مشروع قانون المالية لسنة 2018، والذي كانت المجلس نفسه، قد صادق بالأغلبية على جزءه الأول، أمس الخميس، حيث صوت لصالحه 175 نائبا، مقابل معارضة 67 نائبا، فيما امتنع عن التصويت 33 نائبا.