يعد الإدمان على المواد المخدرة من التحديات النفسية والجسدية التي تؤثر بشكل كبير على الفرد والأسرة خصوصا خلال شهر رمضان، حيث قد يواجه الشخص في وضعية "ادمان" صعوبة في التعامل مع أعراض الانسحاب أثناء الصيام، بسبب حرمانه من المادة المخدرة لفترة طويلة مما قد ينتج مجموعة من السلوكات التي قد تنحو الى العنف والشجار وضعف القدرة على التحمل، لهذا يقدم هشام العفو متخصص ومعالج نفساني رئيس رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية مجموعة من التوجيهات العلمية والنفسية للتخفيف من هذه الأعراض: قال هشام العفو أنه من بين الوسائل التي تساعد على التعامل مع الأعراض الجسدية، شرب السوائل بكثرة بعد الإفطار، حيث يساعد ذلك على تخليص الجسم من السموم المتراكمة نتيجة تعاطي المواد المخدرة، كما أن وجبة الإفطار والسحور يجب أن تحتوي على العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، الكربوهيدرات، والفيتامينات بطريقة متوازنة لتعزيز طاقة الجسم وتقليل الشعور بالإرهاق. يُنصح كذلك بممارسة التمارين الخفيفة مثل المشي بعد الإفطار، حيث تساعد على تحسين الدورة الدموية وتقليل التوتر الجسدي دون إجهاد أو ممارسة رياضات مرهقة. أما على المستوى النفسي، فيمكن للشخص في وضعية "إدمان" استخدام تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل لتقليل القلق والتوتر الناتج عن الانسحاب، حيث تعتبر هذه التمارين خفيفة لكنها فعالة في إعادة تنظيم الأوكسجين في الدم. كما أن الانشغال بأنشطة مفيدة مثل تغيير الروتين اليومي، التخلص من العادات السلبية، ممارسة بعض الهوايات أو التطوع في الأنشطة الخيرية، يساعد على تحويل الانتباه عن الرغبة في التعاطي. وإذا كانت الأعراض شديدة، فمن الأفضل طلب الدعم النفسي من مختص أو طبيب نفساني متخصص في حالات الإدمان من أجل الحصول على إرشادات وتوجيهات صحية ومهنية. التخطيط المسبق يلعب دورًا مهمًا في التخفيف من حدة الأعراض، فإذا كان الشخص في وضعية "إدمان" في مرحلة التعافي، يُفضل أن يبدأ في تقليل الجرعات تدريجيًا قبل رمضان لتخفيف حدة أعراض الانسحاب أثناء الصيام، كما يمكن أيضًا استخدام بدائل علاجية تحت إشراف طبيب مختص، مثل الأدوية التي تخفف من أعراض الانسحاب. دور الأسرة في دعم المدمن خلال رمضان: مقاربة مغربية مستندة إلى علم النفس الأسري يرى العفو أن الأسرة تلعب دورا محوريا في دعم المدمن خلال شهر رمضان، الذي يعتبر فرصة روحية واجتماعية للتغيير الإيجابي ومع ذلك، فإن هذا الدعم يجب أن يكون متوازنا بحيث يجمع بين التفهم والتشجيع دون ممارسة ضغط زائد قد يؤدي إلى نتائج عكسية علم النفس الأسري يؤكد أن الأسرة هي البيئة الأولى التي تؤثر على سلوك الفرد، وبالتالي فإن دورها في مساعدة الشخص في وضعية "ادمان"يتطلب استراتيجيات مدروسة تتلاءم مع الواقع الثقافي والاجتماعي المغربي. التواصل الفعال: بناء جسور الثقة يرى المعالج النفسي، أن ي التواصل الفعال يعد أحد أبرز هذه الاستراتيجيات، إذ يجب أن يكون الحوار القائم بين الأسرة والمدمن مبنيا على التفهم والاحترام، فالحديث معه يجب أن يكون خاليا من اللوم أو الانتقاد، مع التركيز على استخدام عبارات تشجيعية مثل "نحن هنا لدعمك" أو "نؤمن بقدرتك على التغيير"، حيث يعزز هذا النوع من التواصل الثقة ويشجع الشخص على الانفتاح من المهم كذلك تجنب التذكير المستمر بأخطاء الماضي لأن ذلك قد يؤدي إلى شعور الشخص في وضعية "إدمان" بالذنب والإحباط وهما من المشاعر الصعبة جدا في ظل حالة الحساسية المفرطة التي يكون عليها، لذا من الأفضل التركيز على الحاضر والمستقبل مع تقديم الدعم العاطفي الذي يعزز شعوره بالأمان داخل الأسرة. مشيرا أن الأسرة يمكنها توفير بيئة منزلية هادئة ومستقرة خالية من التوتر والصراعات، مما يساعد الشخص على التركيز على التعافي، على سبيل المثال يمكن تقليل النقاشات الحادة أو المواقف التي قد تزيد من توتره، إضافة إلى تقديم التوجيه بطريقة غير مباشرة بدلا من فرض التغيير بالقوة وذلك عبر مشاركة قصص نجاح لأشخاص تغلبوا على الإدمان خلال رمضان أو الحديث عن تجارب إيجابية من المجتمع المحلي، فهذه الطريقة أكثر فعالية من الإلحاح المباشر من المهم أيضا تجنب التوقعات غير الواقعية، حيث يجب أن تدرك الأسرة أن التعافي من الإدمان هو عملية طويلة ومعقدة، وأن وضع توقعات مفرطة قد يؤدي إلى شعور الشخص في وضعية "إدمان" بالإحباط أو الفشل، بينما من الأفضل التركيز على تحقيق تقدم تدريجي مهما كان بسيطا. الاستعانة بمختصين: الدعم المهني كجزء من الحل لضمان دعم أكثر فعالية،ينصح هشام العفو الأسرة بطلب المساعدة من مختصين، خاصة إذا كان الشخص يعاني من أعراض انسحاب شديدة أو يجد صعوبة في التحكم في التعاطي وهنا يأتي دور الأطباء والمعالجين النفسيين المتخصصين في علاج الإدمان، إضافة إلى المراكز المتخصصة مثل "مراكز محاربة الإدمان" التي تقدم خدمات علاجية ونفسية. مشيرا أن الإدمان قد يكون مصدرا للخلافات داخل الأسرة خاصة إذا كان هناك أفراد يشعرون بالغضب أو الإحباط تجاه الشخص في وضعية "إدمان"، ولكن يمكن تقليل هذه الخلافات من خلال اتباع استراتيجيات نفسية وعملية، من بينها فهم طبيعة الإدمان، حيث إن الإدمان ليس مجرد "اختيار سيئ"، بل هو اضطراب نفسي وجسدي يتطلب علاجا ودعما، وعندما تفهم الأسرة هذا الجانب يصبح التعامل مع الشخص في وضعية "إدمان" أكثر تعاطفا وأقل حدة، ما يساعد على تعزيز فرص تعافيه. في المقابل، يُنصح بتجنب المواجهة المباشرة إذا كان الشخص في وضعية "إدمان" في حالة انفعال أو توتر، فبدلا من الدخول في نقاشات حادة يُفضل تأجيل الحديث إلى وقت يكون فيه أكثر هدوءا. من الضروري أيضا وضع حدود واضحة للسلوكيات غير المقبولة، مثل تعاطي المواد المخدرة داخل المنزل أو التأثير السلبي على أفراد الأسرة الآخرين ولكن يجب أن تكون هذه الحدود قائمة على الاحترام المتبادل لضمان بيئة أسرية داعمة وآمنة تساعد الشخص في وضعية "إدمان" على تجاوز محنته بشكل صحي وسليم.