تزداد قائمة الانتصارات الدبلوماسية في ملف الصحراء المغربية سنة تلو الأخرى. فقد راكم المغرب انتصارات نوعية عام 2024 بفضل الترسانة الدبلوماسية المسخرة من لدن عاهل البلاد لسد الطريق على خصوم الوحدة الترابية والتي ستمكن من فض هذا النزاع المفتعل في أروقة الأممالمتحدة. ويعتبر سالم عبد الفتاح رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الانسان في تصريح لرسالة 24 ، أن أهم الانتصارات التي راكمتها المملكة في السنة الأخيرة، تكمن في استمرار الدينامية الدبلوماسية التي حققها المغرب في الأقاليم الجنوبية من خلال مسلسل افتتاح القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة والتي كان آخرها قنصلتي الملاوي والتشاد نظرا للرمزية البالغة التي يحملها تغيُر موقفي هذين البلدين، كونهما كانتا تعترفان بالكيان الانفصالي. ولم يقتصر تغير موقفهما عند سحب الاعتراف وتأييد المبادرة المغربية لتأييد الحكم الذاتي. بل انتقلتا إلى خطوات عملية من قبيل افتتاح بعثتين دبلوماسيتين في أرقى تجسيد للاعتراف الدولي بالسيادة الدولية. وفي السياق نفسه، يستطرد سالم عبد الفتاح، قائلا: نجح المغرب في اختراق جبهات المجالات الحيوية التي كانت في السابق حكرا على المعسكر الداعم للانفصال، ومن أهمها أمريكا اللاتينية وبلدان الكاريبي، حيث تم تسجيل تراجع كل من دولتي بنما و الإكوادور عن الاعتراف بالكيان الانفصالي وتجميدهما لعلاقتهما الدبلوماسية مع المشروع الانفصالي، وهو الأمر الذي يحيل أيضا على انحصار الدعاية الانفصالية وتفكك المعسكر الداعم للانفصال، خاصة بالنظر إلى أن بنما الدولة الأولى التي اعترفت بالكيان الانفصالي في بلدان أمريكا اللاتينية. ومن جانب آخر، يبرز أيضا الموقف الفرنسي. فحسب المتحدث، هذا الاعتراف يُتوج هذه الدينامية الدبلوماسية على المستوى الدولي، التي باتت تناهز 113 بلدا يؤيدون الموقف المغربي. لكن، الموقف الفرنسي يتمتع هو الآخر بأهمية بالغة كون فرنسا تتمتع بعضوية مجلس الأمن الدولي الدائمة، كما تمتع بحق النقض، والذي يساهم مساهمة بارزة معية أصدقاء الصحراء الذين يساهمون في دعم الوساطة الأممية وبلورة مقترحات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ناهيك عن أهمية الدور الفرنسي داخل العديد من التنظيمات الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي وحلف التاتو وغيرها. وتبرز أهمية الموقف الفرنسي أيضا في الحضور التاريخي الوازن في جل بلدان المنطقة باعتباره المستعمر السابق لهذه البلدان، إلى جانب أدوارها الاستثمارية والأمنية في الجوار الإقليمي. وبالتالي، لتغير الموقف الفرنسي انعكاس كبير على مسار الملف على مستوى الهيئة الأممية وعلى المستوى الدولي. ويُفرد سالم عبد الفتاح التغير الملحوظ في المقاربة الأممية المعبر عنها من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومن خلال تقارير الأمين العام الأممي السنوية حول الملف، وهي المقاربة التي باتت تتعاطى بشكل أكثر إيجابية ووضوحا مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي حيث تؤكد على توصيفها بالجدية والمصداقية وذات الأولوية خاصة خلال القرار الأخير 27,56 الذي أكد على أولوية المبادرة المغربية للحكم الذاتي والدور الجزائري، باعتبار الجزائر طرف معني رئيسي مدعو للمشاركة في الطاولات المستديرة، كما أكد على ضرورة انصياع خصوم المملكة لتدابير ومقتضيات وقف إطلاق النار مشيدا بدينامية الدبلوماسية والتنموية التي يراكمها المغرب في الأقاليم الجنوبية خاصة فيما يتعلق باستمرار تدشين المشاريع المدرجة ضمن النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم، فضلا عن استمرار القنصليات وتظافر المواقف الدولية الداعمة للمملكة حيث رحب مجلس الأمن المنعقد أخيرا، بهذه الدينامية ودعا إلى استمرارها… وعن وقع هذه المواقف على مستقبل البلدان التي تذهب مع الأطروحة الانفصالية الوهمية، يوضح رئيس المركز الصحراوي قائلا إنه: لا شك أن هذه المواقف سيكون لها التأثير البالغ في تغيير مواقف دول قليلة ومحصورة، والتي لا تزال تنخرط في معسكر الداعم للانفصال، ودول باتت تنحو الحياد في اتجاه تأييد الموقف المغربي والتعاطي بشكل إيجابي مع واقع السيادة المغربية. فمثلا، أشار الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارته إلى المغرب إلى عزم فرنسا الانخراط في دعم المبادرة الأممية على المستوى الدولي، كما أشار إلى أن العديد من الدول الأوروبية الأخرى باتت تنظر في إمكانية تغير مواقفها، وفي تبني مواقف مشابهة للموقف الفرنسي إلى جانب انعكاسه على قرار مجلس الأمن الأخير، بحيث ظهر جليا الأثر الذي تركه الموقف الفرنسي على مستوى مداولات داخل مجلس الأمن بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء. ويعتبر المتحدث أن نجاح المملكة في اختراق بلدان أوروبية، وفي استصدار مواقف مؤيدة للموقف المغربي كان أخرها الدنمارك وفنلندا يعود بالدرجة الأولى إلى اعتماد بلدان الاتحاد الأوروبي على الشراكة الاستراتيجية مع المملكة، بحيث أضحى لهذه الشركات أهمية بالغة لدى الدوائر السياسية وعند صناع قرار الدول الأوربيين، الأمر الذي ساهم في استجلاء حقيقة الوضع القائم في الاقاليم الجنوبية للمملكة المغربية البعيد كل البعد عن تلك الدعاية الانفصالية التي كانت تحظى بحضور وازن في بعض المجالات الأوروبية خاصة في بعض الدول الإسكندنافية، فاليوم صناع القرار الأوروبيون يتحررون من الدعاية الانفصالية ومن أساليب الاستفزاز التي تمارسها الجزائر عبر البترودولار وعبر التهديد بقطع إمدادات الغاز، ومن ناحية أخرى تنكشف حقيقة المشروع الانفصالي باعتبار تناقضه التام مع تلك الشعارات الحداثية والتقدمية التي لا طالما روج لها ووظفها الانفصاليون عبر محاولاته لاختراق دوائر اليسار الراديكالي في بعض البلدان الأوربية، وفي بعض دوائر اليمين المتطرف والأحزاب الانفصالية، بحيث باتت هذه المجموعات السياسية تكشف حقيقة المشروع الانفصالي باعتباره مشروعا رجعيا، الشيء الذي جعلها تتحرر من مواقفها الموروثة من حقبة الحرب الباردة، ومن خلفياتها الأيديولوجية إلى جانب اكتشافها لحقيقة المشروع الانفصالي البعيد كل البعد عن الشعارات التقدمية والحداثة لمشروع انفصالي بعيد كل البعد عن التقدمية والحداثية وتورطه في انتهاكات حقوق الانسان وفي تهديد الأمن والاستقرار برعايته العديد من الانشطة الإرهابية التي تناقض مصالح الاتحاد الأوروبي أما على المستوى الإفريقي، يرى محمد سالم عبد الفتاح أن مواقف أعضاء الاتحاد الإفريقي الإيجابية المرجحة لكفة المغرب تتظافر. فقد باتت أغلبية هذه الدول تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء بعد أن نجحت المملكة في تحييد مواقف العديد من البلدان التي كانت تدعم الكيان الانفصالي في فترات سابقة، وكان أهمها نجيريا عبرالشراكة المتعلقة بمشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، إلى جانب الموقف الأنغولي من خلال الشراكة المتعلقة بتعزيز الاندماج والتكامل الانفصالي مابين بلدان افريقيا الأطلسية. وبالتالي، فالمملكة تستفيد من موقعها الاستراتيجي، وكذا من أدوارها الحيوية على المستوى القاري، وباتت تتبوأ المناصب القيادية في الاتحاد الإفريقي، وتحتضن المبادرات ذات الطابع الإقليمي ومقر للهيئات القارية.. وعن طبيعة المقاربة الدبلوماسية المغربية، يفيد سالم عبد الفتاح أن خطابات عاهل البلاد تتسم بالاستباقية والصرامة والندية في التعاطي مع الشركاء والحلفاء الدوليين في مقدمتهم بلدان أعضاء الاتحاد الأوروبي.هذه المقاربة ستسهم في استقطاب مواقف بلدان أعضاء الاتحاد الأوروبي على اعتبار أهمية العلاقات الاستراتيجية التي تجمع المملكة بهذه البلدان، واعتماد هذه البلدان على المملكة في العديد من المجالات خاصة التي بالمجالات الحيوية والهامة من قبيل الهجرة السرية، وملفات الصيد البحري والتنسيقات الأمنية في مكافحة الإرهاب وشراكات متعلقة بالمبادلات التجارية بالتجارة والفلاحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية. وبالتالي، فالمملكة اليوم تتحصن أيضا بما تراكمه مجموعة من بلدان الاتحاد الأوروبي في الاجتهاد القضائي الوطني، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا، رغم المناورات الحثيثة التي يعكف عليها خصوم المملكة لتوظيف الهيئة القضائية الأوروبية. لكن، الموقف السيادي لايزال يتمسك بهذه الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الاتحاد الأوروبي مع المغرب والتي تعد في حد ذاتها اعترافا ضمنيا وعمليا على مغربية الصحراء.