بين مؤيد ومعارض، لا تزال مدارس الريادة تسعى لإثبات فعاليتها في تعليم التلاميذ من خلال برامج تربوية متكاملة. هذه المدارس تعتمد بشكل أساسي على بيئة تعليمية تفاعلية، تهدف إلى تعزيز قدرات التلاميذ وتنمية مهاراتهم الفكرية والاجتماعية. في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المنظومة التعليمية في المغرب، مثل نقص الموارد، وارتفاع معدلات الهدر المدرسي، والاختلالات في جودة التعليم.وفي هذا الإطار سيوضح لنا إسماعيل شنوفي، مفتش تربوي للتعليم الإبتدائي بمديرية الفنيطرة، مكامن القوة والضعف لهذا المشروع الضخم. أوضح إسماعيل شنوفي، مفتش تربوي للتعليم الابتدائي أن منظومة التربية والتكوين في المغرب تعاني من عدة اختلالات جوهرية، أهمها ضعف تمكن معظم التلاميذ من اكتساب التعلمات الأساسية في مواد رئيسية، كاللغة العربية والفرنسية والرياضيات، وهو ما يعيق تقدمهم الأكاديمي ويجعل مواكبتهم للمسار الدراسي أمرا صعبا، حيث أكدت التقييمات الوطنية والدولية صحة هذا الوضع، مما يكشف عن تحديات ملحة تواجه قطاع التعليم. استجابة لهذه التحديات، أطلقت الوزارة الوصية "مشروع المدارس الرائدة"، وهو مبادرة تهدف إلى معالجة الاختلالات عبر أبعاد رئيسية ثلاثة: "الأستاذ، التلميذ، والمؤسسة التعليمية"، ويهدف هذا المشروع إلى تحقيق تأثير ملموس داخل الفصول الدراسية من خلال ممارسات تعليمية مبتكرة تهدف إلى تحسين جودة التعلم. التلميذ محور مشروع المدارس الرائدة أوضح شنوفي، أن مشروع مدارس الريادة يتيح لكل تلميذ الإستفادة من برنامج تربوي ملائم لمستواه الفعلي، بغض النظر عن مستواه الدراسي، مما يساعده على تجاوز التعثرات المتراكمة طوال مساره الدراسي. كما يعمل المشروع على تحسين ظروف التعلم عبر توفير بيئة ملائمة ودعم تربوي مستمر وفعال. وأشار المتحدث أن مؤسسات الريادة تتوفر على الإمكانيات المادية واللوجستية التي تخلق فضاءا جاذبا ومحفزا، مما يشجع التلاميذ على التعلم ويحسن من جودة إستقبالهم داخل المؤسسات التعليمية. علاوة على ذلك، يعمل المشروع على تحفيز الفريق التربوي ودعمه مما يسهم في خلق ديناميكية إيجابية داخل المجتمع التعليمي. وأضاف شنوفي، أن الأنشطة التربوية التي يقدمها مشروع المدارس الرائدة تعتمد على أساليب مشوقة ومحفزة، تسهم في تطوير مهارات المتعلمين الشخصية. كما أن اعتماد وسائل التكنولوجيا المتقدمة في هذه المؤسسات خلق تفاعلا جديدا وجاذبا في العملية التعليمية، مما يجعلها أكثر حيوية وتفاعلا استخدام التكنولوجيا لتعزيز التفاعل والجاذبية التعليمية ورغم أن المناهج الدراسية في مدارس الريادة تعتمد الأساس نفسه الذي يوجه التعليم في باقي المؤسسات العمومية والخاصة، إلا أن المشروع يبرز بطرق تعليمية جديدة تتماشى مع متطلبات العصر، ويعتمد أساسا على استراتيجيات بيداغوجية مبتكرة، تتضمن مقاربتين متكاملتين: الأولى علاجية وتعرف ب"التدريس وفق المستوى المناسب"، والثانية وقائية تسمى "التدريس الفعال". وقد أثبتت تجارب المرحلة التجريبية أن هذه الاستراتيجيات ساعدت نسبة كبيرة من التلاميذ على التغلب على صعوباتهم التعليمية، وأسست لنهج تعليمي يوفر للمعلم والمتعلم أدوات رقمية وورقية تسهم في تحسين التفاعل والتعلم. طرق تعليمية مبتكرة تركز على الفهم والتفاعل وتعنى منهجية التعليم في المشروع بتطبيق أساليب تعليمية تركز على الفهم من خلال تفاعل حقيقي، حيث تقدم معلومات فورية للمتعثرين، فيتم التركيز على منح التلاميذ تجربة تعليمية تحفزهم وتتيح لهم بيئة آمنة ومشجعة للتعلم بإبداع وتلقائية، إضافة إلى تسهيل تفاعلهم مع زملائهم ومعلميهم في إطار تعليمي تكاملي. التعليم التكاملي والتعلم القائم على المجموعات ويثمن المفتش التربوي مشروع مدارس الريادة، لأنه يعتمد منهجا تكامليا يمكن التلاميذ من استكشاف العلاقات بين مختلف المواد الدراسية، مما يعزز لديهم فهما شاملا ومترابطا. كما يتم تشجيع التعلم عبر المجموعات خلال الأنشطة التوجيهية، مما يدعم التعاون والابتكار ويسهم في تعميق التعلم من خلال أسلوب القرين. إضافة إلى ذلك، يهدف المشروع إلى إضفاء طابع حيوي على التعليم عبر إدراج الأنشطة التفاعلية، والألعاب، والتحديات البسيطة. كما يعتمد المشروع على مبدأ التخصص، حيث تتاح للأطر التربوية الفرصة للاستثمار في مجالات خبرتها، مما يعزز جودة التعليم المقدم، كذلك، يتم الاستعانة بالبرامج الرقمية المتنوعة، مثل بوابة إلكترونية مخصصة للأساتذة، ومنصات تعليمية تحتوي على دروس تفاعلية، مما يسهم في إغناء المحتوى التعليمي وتسهيل عملية الوصول إلى المعلومات. مقارنة بين مناهج مدارس الريادة والمناهج التقليدية وأشار شنوفي إلى أن مقارنة بين مناهج مدارس الريادة والمناهج الوطنية التقليدية تظهر اختلافات جذرية، من حيث الابتكار والتفاعلية، حيث تعتمد مناهج الريادة على أساليب تعليمية تدعم التفكير النقدي، والإبداع، والعمل الجماعي، مما ينسجم أكثر مع احتياجات سوق العمل. في المقابل، تميل المناهج التقليدية إلى التركيز على الحفظ والتكرار، وهو ما يجعلها أقل ملاءمة لمتطلبات العصر. التحديات التي تواجه مدارس الريادة رغم النتائج الإيجابية، تواجه مدارس الريادة تحديات كبيرة تتعلق بضمان استدامة المشروع واستمراريته. ويتطلب ذلك جهودا متواصلة وتوفير الإمكانات المالية اللازمة لتطبيق البرامج التعليمية المبتكرة، وتحديث البنية التحتية بوسائل تكنولوجية وعلمية ملائمة خاصة في المستويات الإعدادية. ويحتاج المشروع كذلك إلى استثمار في تكوين الأساتذة وتطوير مهاراتهم، بالإضافة إلى تحفيزهم على اعتماد أساليب تدريس حديثة.