ارتمت عصابة الكوكايين الحاكمة في الجزائر، بكل صفاقة وبلادة معهودة فيها، في أوحال التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول، والخوض طولا وعرضا في علاقات دولية لا تعنيها من قريب أو بعيد، بإرادة مفضوحة على ممارسة وصاية منكرة على قضايا الشعوب والدول، من غير أن يفوض لها أحد الكلام باسمه، أو يوكلها للنيابة عنه، خصوصا إذا كان هذا الوكيل والمفوض المزعوم أخرق أحمق متطفلا ومتطاولا، ومكانه الطبيعي إما سجن المجرمين، أو مستشفى المجانين، أو مقبرة الغابرين. دخلت العصابة على خط الاعتراف الإسرائيلي الأخير بمغربية الصحراء لتخوض في ما لا تحسن الخوض فيه من كلام في السياسة والعلاقات بين الدول والشعوب، والقانون الدولي والشرعية الدولية، وذلك عبر بيان بئيس لوزارة خارجية العصابة، يقطر حقدا وسبا وشتما وسعارا ونباحا يعكس مبلغ الألم الذي أصابها من حدث ديبلوماسي كبير يتماشى مع مسارات الحل السياسي النهائي للنزاع الذي افتعلته العصابة وسلفها حول صحراء المغرب، وخسرت فيه أموال شعبها ومقدراته وجهوده في التنمية، من دون طائل، اللهم إلا تخريب الجزائر على رؤوس أهلها، ومواصلة هذا التخريب وتسريع وتيرته بما تبقى للعصابة من ألسنة حداد وشعارات ساقطة وداعرة، وعملاء ووكلاء لا يكفون عن المطالبة بعمولاتهم وانتظار التوصل بحوالاتهم وامتصاص الميزانيات الجزائرية الملاييرية المخصصة افتراضا لمشاريع البناء والتنمية، والمحولة إلى رشاوى وهدايا وصدقات وهبات وأسهم في حسابات الكراهية والعدوان والبهتان. عصابة الكوكايين اعتبرت حدث الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء صفرا ولا حدث ولا وزن ولا قيمة له، ومع ذلك صرخت وشتمت وقذفت وسبت، وفقدت أعصابها وخلطت وخبطت إلى درجة أنها عصفت بكل التزاماتها الدولية بشأن القضايا التي أثارها بيانها عن كيان إسرائيلي محتل وكيان مخزني مغربي آخر محتل، وعن فلسطين وشعب الصحراء واستفتاء وتقرير مصير وحق لا يبطل بالتقادم، بما لا يدع مجالا للشك أن هذه العصابة المزدوجة الخطاب التي لا تملك شجاعة الشجعان لا في الحرب ولا في السلم هي أعجز عن أن تبني خطابا سياسيا وديبلوماسيا متماسكا ومنسجما في مستوى الحدث وفي مستوى دولة مسؤولة وموثوقة في توجهها السلمي الداعم لحلول سياسية للأزمات والنزاعات خصوصا تلك التي طال عليها الأمد، ولا يلوح بشأنها أي حل في الأفق في ظل تعنت أحد أطرافها وجموده، وظهور متغيرات دولية تتطلب مرافقة ومواكبة بل وانخراطا في رهاناتها وتحدياتها. لقد تجاوز الحدث/ اللاحدث هذه العصابة ومضى في طريقه إلى فتح الأبواب على مصاريعها لانضمام دول جديدة إلى لائحة وقائمة الدول الوازنة المعترفة بمغربية الصحراء، دون أن يشكل ذلك أي صدام أو تناقض مع القرارات الدولية ومع أدوار المنتظم الأممي ولا أي خرق للقوانين والشرعية الدولية، كما تزعم العصابة التي تخرق صباح مساء ولنصف قرن كل القوانين وكل بنود وأوفاق الشرعية الدولية بتسليحها لميليشيات وإعلانها الحرب على المغرب وحسمها القبلي والانفرادي في استفتاء تقرير المصير بخلق دويلة وهمية بمؤسسات وهمية وأرض وهمية لمرتزقة تطوف بهم أرجاء العالم وأروقة المنظمات الدولية على أنهم رؤساء ووزراء وعمداء وسفراء، وأنهت بذلك موضوع الشرعية الدولية بصفة نهائية، وهي تخطب اليوم في بياناتها لتستصرخ القوانين الدولية والشرعية الدولية وتتباكى على خرقها لأن دولا اعترفت بواقع مغربية الصحراء الذي لا يرتفع بسعار أو شعار أو دثار. دولة العصابة مطالبة بأن تشرح لشعبها وللبقية الباقية من العالم الذي ينافقها ويساير حماقاتها، في بيانات قادمة هل خيانة المغرب ووضعيته الاحتلالية كانت كذلك حينما آوى رموز حركة التحرير الجزائرية ومقاومتها الشعبية في أرضه ودياره وبين أهله ومدها بالسلاح والعتاد والمأوى والملجأ إلى أن انتصرت على المحتل لتوجه بعد ذلك سلاح المخزن المغربي كما تسميه ومساعداته إلى صدر المغاربة؟ وهل ملك المغرب حينما اعتلى منابر الأممالمتحدة إبان ثورة التحرير الجزائرية، ليرفع إلى العالم مطلب تحرير الجزائر ومطلب الاستقلال الجزائري، لم يكن حينها مخزنا ولا محتلا ولا خائنا وهو الذي وضع ملف صحرائه آنذاك في لجنة تصفية الاستعمار جنبا إلى جنب مع مطلب تقرير مصير الشعب الجزائري؟ وهل المغرب حينما كان من أوائل الدول التي اعترفت بالجزائر دولة مستقلة ودعمت استقلالها كان دولة احتلال تزكي دولة احتلال أخرى وتدعمها؟ بل هل دولة إسرائيل التي كانت بدورها من الدول أعضاء الأممالمتحدة الأوائل في الاعتراف بالجزائر شعبا ودولة كانت قوة احتلال تعترف بقوة احتلال أخرى، ولا وزن ولا قيمة لاعترافها مثلما لا وزن ولا قيمة الآن لاعترافها بمغربية الصحراء؟ وهل الجزائر حينما كانت تجلس إلى موائد السلام ومبادرات حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وتقر في بياناتها المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة لها، آخرها بيانها المشترك مع الصين، بحدود عام 1967 وبعاصمة القدس الشرقية للدولة الفلسطينية، لم تكن مطبعة مع تقسيم الأراضي، وهل حينما اعترفت بتقسيم الأرض الواحدة بين دولتين، والمدينة الواحدة إلى مدينتين شرقية للفلسطينيين وغربية للإسرائيليين، لم تكن تعترف بما تسميه أمام شعبها وفي الداخل الجزائري بالكيان الصهيوني؟ هل المغرب استثناء من هذه التوافقات ومن هذه اللغة الديبلوماسية الدولية والعربية حتى تنعته أبواقها الكاذبة والغادرة والخائنة وفي لغة غير ديبلوماسية بالخيانة والعمالة ومناصرة الاحتلال؟ ثم من فوض لهذه العصابة احتكار الحق الفلسطيني والحديث باسم الشعوب وقيم ومبادئ التحرير، لتوزع صكوك الغفران والبهتان والولاء والبراء على الدول والأمم، فيما الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية لم يبدر منهما توكيل ولا ترخيص للعصابة للحديث باسمهما ووراثتهما في الحياة وفي تقرير المصير؟ أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن السليم المنصف المعافى من الأحقاد والكراهيات وهو يقرأ بيان العار الذي دبجته العصابة وحشته بكل سمومها وتناقضاتها وازدواجية مواقفها وخطابها وألقت به إلى إعلامها وأزلامها وشعبها المغلوب على أمره ليرفعوا شعاراته الحماسية، فيما ينطلق تبون العصابة ووزراؤه إلى العالم ليتسولوا الصداقة والوساطة والبريكس ويشرحوا ويتأولوا بيانهم الأرعن على غير ما فهموه للشعب الجزائري، وكما قال تبون العصابة الذي تصف خارجيته المغرب بالمحتل، فلا مشكل للجزائر مع دولة إسرائيل، اللهم إلا ما كان من دفاع عن حق الشعب الفلسطيني، وهو الحق الذي تترافع عنه كل بلاد الدنيا ومعها الشرعية الدولية، بغير كل هذا الضجيج الذي تحدثه العصابة وتؤثر به سلبا على الموقف العربي والإسلامي والفلسطيني الموحد من قضايا الأمة العادلة والمشروعة. أو لم تكن دولة العصابة هي من تصدت في المنتظمات الأممية للجهود المغربية والعربية والإسلامية لتشكيل موقف موحد لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وفوتت على الشعب الفلسطيني فرصا عديدة وهي تريد اليوم عبر التخوين الحقير للمغرب، تفويت الخدمات الجليلة والعظيمة التي تقدمها لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك، وكذا وكالة بيت مال القدس لدعم صمود القدس والمقدسيين إلى حين تحرير مدينتهم؟ ثم بعد كل هذا فإن المغرب دولة ذات سيادة لها الحق في أن تبرم الاتفاقيات والمعاهدات والشراكات مع من تشاء من الدول المعترف بها في الأممالمتحدة، وليست دولة العصابة الجزائرية، التي ترتبط بأحلاف قوية ومتجذرة مع الجماعات الإرهابية والدول المارقة والطائفية والشبكات الإجرامية والميليشيات المسلحة، مؤهلة لإعطاء المغرب أو إسرائيل الدروس في احترام الشرعية الدولية والقوانين الدولية. فلتخسأ عصابة الكوكايين الخائنة لشعبها المنبوذة من شعوب الأرض بما تشكله من عبء ثقيل وخطير على السلم العالمي وعلى المجتمع الدولي، وهي اليوم منهمكة، كما في الأعوام السابقة، في نصب المحارق في عز الصيف لشعبها الأعزل، مشعلة الحرائق حوله، حاجزة حاجرة على طائرات الإطفاء الموعود بها، لترهيب هذا الشعب وبسط الهيمنة على مقدراته وعلى المستقبل الضائع لأبنائه، وتقديم الخدمات تلو الخدمات للاستعمار الذي تلعق العصابة أحذيته وتطبع قبلات حارة على وجنتيه وعلى أياديه الملطخة بدماء الشهداء، من أجل تثبيت كراسي العصابة على ظهور ورؤوس الجزائريين بل وعلى جماجم الشهداء المصادرة والمحتجزة. ألا ساء ما يحكمون وكبرت كلمة خبيثة تخرج من أفواههم في حق بلد جار قطعوا كل علاقاتهم به، ثم ساءهم وأوجعهم أن كل العالم، بما فيه العالمين الإسرائيلي والفلسطيني، يمد الروابط والصلات والعلاقات والأحضان إليه.