يوما بعد يوم، تتعالى الأصوات المطالبة بحظر تطبيق تيك توك بالمغرب. فقد تبين بالملموس أنه ينشر التفاهة و يكرس ثقافة اللامعنى وسط المجتمع المغربي، و بخاصة في صفوف المراهقين. و عن الآثار النفسية و الذهنية لتطبيق تيك توك على المراهقين، تفيد بشرى المرابطي الأخصائية النفسية و الباحثة في علم النفس الاجتماعي في تصريح ل" رسالة 24 " أن ارتياد التطبيق يحدث تأثيرات خطيرة على رأسها فقدان التوازن النفسي للمراهق. فبفعل موجة التحديات التي تجتاح التطبيق، التي ينشرها العديد من المتسللين من المرضى النفسيين المصابين بالفصام وغيرها من الاضطرابات العقلية و الذهانية و النفسية، يدخل العديد من المراهقين في موجة من تحدي و تقليد هذه السلوكات المضطربة و التي لا يتوقف القيام بها فقط على لقطات التحدي بل تتحول إلى سلوك يومي، مما يترتب عنه مآلات خطيرة على توازنهم النفسي و السلوكي في الحياة اليومية. و في مستوى ثان، يصاب المراهقون باضطراب في الأكل. فقد أثبتت دراسة من جامعة فيرمونت الأمريكية أن محتوى التيك توك يروج لنظام غذائي غير صحي مما يساهم لدى المتابع في اضطراب الأكل و عدم الرضى عن الجسد في صفوف المتابعين، و خاصة من هم في مرحلة المراهقة، الذين تشكل لهم صورة الجسد أحد الموضوعات المهمة التي تؤثر في تشكل هويتهم التفسية. و يتعرض المراهقين الذين يلجون التطبيق للتنمر. فالسخرية تجتاح هذا الأخير لدرجة أن البعض ينتج مقاطع فيديو للسخرية من الزملاء، ناهيك عن حمل هذه الفيديوهات كل أنواع " المعاني و المعيور المطرز" و الذي يغمر التطبيق. و قد اشتهر بذلك العديد من الأشخاص و من بينهم "الشاب الذي يلبس كتلة من حلي الذهب و الذي يعيش في كل تفصيلة من تفاصيل حياته بما فيها الزواج من عائدات الإشهار. تستطرد قائلة إن حياة الرغد لهؤلاء، و الخالية من العمل و من مسببات النجاح و إشاعة نموذج النجاح المجاني و بدون مجهود يذكر، يجعل حياة المراهقين حالمة، و يؤثر ذلك سلبا على المسار الدراسي لهم. و من بين الآثار السلبية الأخرى، تضيف الأخصائية، الدخول في المقارنة. فالمراهقون ينجزون مقاطع فيديو لتحديات خطيرة هدفها الحصول على المزيد من المشاهدات و الإكثار من المتابعين. هذه السلوكات يعتبرها المراهقون سلوكات صحيحة، في حين أنها غير مناسبة تستدعى مراقبة دقيقة من المحيطين. وتنبه المرابطي إلى أن تطبيق "تيك توك" جالب للقاصرين و القاصرات. و بالتالي، يسهل على الغرباء التواصل معهم مما يجعلهم في وضعيات خطيرة. و هو بذلك مجال مفتوح يعرضهم للاستغلال المادي والجنسي. و تفيد المتحدثة نفسها أن التطبيق يدخل المراهقين في حالة من الإدمان لاعتماده على خاصية الفيديوهات القصيرة مما يرفع احتمالية قضاء وقت أطول. و هنا، تستحضر المتخصصة شكاوى الأسر و الأساتذة الذين يعانون من التلاميذ المراهقين في السلك الإعدادي و الثانوي بسبب استعمالهم للجوال خلسة طيلة الحصة الدراسية. مما ينعكس سلبا على مردوديتهم التعلمية و يلحق أضرارا صحية سواء على مستوى البصر و الدماغ بفعل السهر. و بالتالي، نكون أمام إشكالية صحية ونفسية و عقلية لهؤلاء المراهقين. و أمام هذه الآثار السلبية التي تتفاقم يوما عن يوم، خاصة في صفوف الناشئة، تحث الباحثة في علم النفس الاجتماعي الدولة نهج سياسات حمائية من خلال استصدار قوانين اتجاه المحتوى من أجل حماية هؤلاء المراهقين، و عليها أن تحذو حذو دول أخرى في تنفيذ العقوبات. كما يقع على عاتق الدولة تسطير برامج من حيث المحتوى و السن وتحديد زمن المشاهدة. و تعتقد الأخصائية أن ما قامت به الدول الأسيوية في هذا المجال يمكن الاحتداء به مع تأكيدها على دور الأسرة في المراقبة و المصاحبة الذي لا يمكن غض الطرف عنها، لأنها تظل متغيرا أساسيا ومهما في هذه المعادلة الصعبة. وتدعو الأخصائية الجامعات و المختبرات العلمية في مجال المعلوميات بشراكة مع القطاعات الداعمة، لابتكار تطبيق يستجيب للقيم الحاكمة للمجتمع المغربي و يحافظ على السلامة العقلية و النفسية للأطفال و المراهقين.