أكدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن الزيارتين التاريخيتين للمغفور له محمد الخامس لطنجة في 9 أبريل من سنة 1947 ولتطوان في 9 أبريل من عام 1956 كانتا منعطفا مفصليا ونهجا سياسيا جديدا حدد معالم مسار الكفاح الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال وتكريس الوحدة الترابية للمملكة. وأكدت المندوبية السامية، في مقال بالمناسبة، أنه تحل اليوم 9 أبريل 2023، الذكرى 76 للحدث التاريخي الخالد للزيارة الميمونة للعاهل المفدى سيدي محمد بن يوسف بصحبة الأمراء لطنجة أيام 9 ،10 و11 أبريل 1947 ،للمطالبة جهرا بالاستقلال الوطني، والذكرى 67 للرحلة الملكية الميمونة التي قام بها جلالته طيب الله ثراه إلى مدينة تطوان في 9 أبريل 1956 ليزف منها بشرى استقلال الأقاليم الشمالية وتوحيد شمال المملكة بجنوبها. إنهما حدثان بارزان من أمجاد الوطن وروائعه المنقوشة في رقيم الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة المقدسة، ويعتبران من امتدادات حدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، ومن الإرهاصات الأولى لملحمة ثورة الملك والشعب المباركة في 20 غشت 1953، يخلدهما الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير في كل سنة بما يليق بهما من مظاهر الاعتزاز والفخر والإكبار واستقراء دروسهما وعبرهما واستلهام قيمهما ودلالاتهما. ويشكل الاحتفال بهاتين الذكريتين الطافحتين بالدلالات والدروس والعبر مناسبة لاستحضار خطابين تاريخيين ألقاهما أب الوطنية وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، كان الفارق بينهما تسع سنوات، يعكسان مسارا طويلا من النضال للمطالبة الواضحة بالاستقلال وتحقيق الوحدة الوطنية والترابية للمملكة. لقد شكلت الزيارة الملكية الميمونة لمدينة طنجة منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وحدا فاصلا بين عهدين : عهد الصراع بين القصر الملكي، ومعه طلائع الحركة الوطنية، وبين إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية، وعهد الجهر بالمطالبة بحق المغرب في الاستقلال أمام المحافل الدولية وإسماع صوت المغرب بالخارج، والعالم آنذاك يتطلع لطي حقبة التوسع الاستعماري والدخول في مرحلة تحرير الشعوب وتقرير مصيرها بنفسها. فكانت هذه الرحلة التاريخية لجلالته ،قدس الله روحه ، عنوانا لوحدة المغرب وتماسكه، وبالتالي مناسبة سانحة لتأكيد المطالبة باستقلال البلاد وحريتها وسيادتها. وما أن علمت سلطات الإقامة العامة برغبة جلالته رضوان الله عليه، حتى عمدت إلى محاولة إفشال مخطط الرحلة الملكية وزرع العراقيل والعقبات في طريقها، لكنها لم تنجح في ذلك، إذ جاء رد جلالة المغفور له محمد الخامس ،رحمه الله ، على مبعوث الإقامة العامة قائلا له بوضوح: "لا مجال مطلقا في الرجوع عن مبدأ هذه الرحلة". وهكذا، أقدمت السلطات الاستعمارية على ارتكاب مجزرة شنيعة بمدينة الدارالبيضاء يوم 7 أبريل 1947 ذهب ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، وقد سارع جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه إلى زيارة عائلات الضحايا ومواساتها، معبرا لها ،رحمه الله ، عن تضامنه معها إثر هذه الجريمة النكراء.