أكد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على أن المغرب أرسى مع الاتحاد السوفياتي السابق وروسيا علاقات وازنة وجادة وهادفة منذ القدم يعود عهدها إلى الرعيل الأول من الرواد والمبشرين والكشافة الروس الذين حلوا بالمغرب في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وأوضح الكثيري في كلمة القاها خلال اللقاء الفكري والثقافي الذي نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير عشية أول أمس الخميس بمقر المكتبة الوطنية للمملكة بالرباط لتقديم مؤلف جديد تحت عنوان "الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية - الروسية" ، ( أوضح ) أن هذا الكتاب يتوخى رصد الرصيد التاريخي الغني والمشترك المغربي الروسي متعدد الجوانب ومقاربة الذاكرة التاريخية المشتركة بين شعبي البلدين اللذين تواصلا ردحا من الزمن ، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بورش كبير يوثق للذاكرة المشتركة المغربية الروسية، داعيا المجتمع المدني إلى بذل الجهود من أجل سبر أغوار العلاقات الثنائية لتقديم الصورة الحقيقية لأوجه التعاون والتبادل بين المغرب وروسيا وتجسيد أواصر التقارب بين الشمال والجنوب ، مبرزا في نفس الوقت بأن مندوبيته بصدد الاشتغال على الأرشيف التاريخي المغربي الذي تحتضنه مراكز الأرشيف الروسية من أجل دراسته والقيام بأبحاث علمية بشأنه . وخلص الكثيري في كلمته بأن العلاقات المغربية الروسية تتسم بالسعة والرحابة والكثافة حيث مكنت من فسح المجال أمام الرحالة والتجار لإقامة تبادل تجاري وإنساني وثقافي ودبلوماسي على الأقل على صعيد القنصليات الروسية التي كانت متواجدة بالبلاد قبل الاستقلال. من جانبه، أقر فاليري فوروبييف سفير روسيا الاتحادية بالمغرب بأن العلاقات بين المغرب وروسيا تعود إلى القرن الثامن عشر بحيث تم إرساء أسس علاقات متينة بين الطرفين بمناسبة الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لروسيا وبلغت ذروتها في التوقيع على بيان الشراكة الاستراتيجية فضلا عن أن الحوار السياسي بين الجانبين أصبح في السنوات الأخيرة أكثر ثراء وبات يشمل مختلف القضايا الرئيسية لجدول الأعمال الإقليمي والدولي . وبخصوص هذا المؤلف أوضح سفير روسيا بأن هذه المبادرة ستساهم في تعزيز وتطوير العلاقات التاريخية الروسية المغربية ، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا العمل هو الأول من نوعه لأنه يوفر المزيد من البحوث التاريخية الرامية إلى توسيع نطاق التفكير والتحليل لجميع جوانب التحاور السليم بين الطرفين ويتيح الاطلاع على مخطوطات تاريخية مغربية وروسية وذكريات مسافرين روس إلى المغرب، مبرزا أن هذا الكتاب يسلط الضوء على رحلة طويلة ومسارات مختلفة في العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين البعيدين جغرافيا والقريبين في تطابق أفكارهما حول الحرية والأمل والتضامن. وكشف فاليري فوروبييف أن المغرب يأتي في المراتب الأولى في ما يتعلق بالمجال التجاري الروسي مع الدول العربية، إذ بلغ حجم العلاقات التجارية،التي عرفت تطورا ملموسا بما يناهز ثلاثة مليارات دولار في السنة الماضية . وحسب المنظمين، فإن إصدار هذا الكتاب يأتي في سياق المقاربة الشمولية والمعمقة لقضايا الذاكرة التاريخية بكافة روافدها الوطنية والمشتركة والمتقاسمة بحيث يتضمن عشرين مادة علمية باللغتين العربية والفرنسية، تتناول بالدراسة والتحليل الرصيد التاريخي الغني والمشترك المغربي الروسي، وهو مشروع توثيقي غير مسبوق ثمرة مبادرة جماعية ساهمت فيها تدوينا وكتابة نخبة من الأكاديميين والدبلوماسيين والباحثين من بين العارفين بعمق العلاقات المغربية الروسية ماضيا وحاضرا ، مشيرين إلى أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تتوخى من خلال إصدار هذا العمل استحضار الذاكرة التاريخية المغربية الروسية والتاريخ المشترك باعتباره أداة للتفاهم والتقارب بين الشعبين المغربي والروسي وإشاعة القيم النبيلة التي يحملها لتجسير أواصر التعاون و تعزيز التقارب بين الشمال والجنوب في ظروف وأجواء التفاهم والثقة المتبادلة والمصالح المتقاسمة والتي من شأنها أيضا تعزيز صيغ العمل المعتمدة من أجل صيانة الذاكرة التاريخية المشتركة والمتقاسمة وجعلها ورشا واعدا للعمل يستجيب لانتظارات وطموحات وتطلعات كلا البلدين ورافدا من روافد بناء الحاضر والمستقبل، ورسالة موجهة للناشئة والشباب والأجيال الصاعدة لاستقراء صفحات التاريخ المشترك والتزود من القيم الإنسانية التي يكتنزها.