أعلن رئيس الحكومة "عزيز أخنوش" المعين من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عن تحالفه الحكومي الأربعاء المنصرم، والذي يضم كل من حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة إلى جانب حزبه، التجمع الوطني للأحرار. كمال لغمام – باحث في العلوم القانونية والمشاركة السياسية وفي السياق ذاته، قال أخنوش خلال إعلانه عن التحالف الثلاثي للحكومة المقبلة، إن "هذه الأحزاب الثلاثة نجحت في إقناع الناخبين وهي أحزاب نتقاسم معها الشيء الكثير تاريخيا وفي الحاضر والمستقبل كما أن برامجنا الانتخابية تتقاطع بشكل كبير". وبهذا الخصوص ارتأت "رسالة 24" أن تتواصل مع كمال لغمام باحث في العلوم القانونية والمشاركة السياسية، الذي أبرز لنا عبر اتصال هاتفي حصري مسألة تدبير التحالفات، وكيف أن الشارع المغربي اختاروا الثقة في الأحزاب الثلاث المعلن عنها. هل لنا بقراءة لانتخابات 2016 وكيف استعان أخنوش بالتكتل الثلاثي أنداك، في حين لاحظنا أنه خلال الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021 تخلى عن التكتل الذي استعان به خلال الولاية الثانية وقتذاك، هل وقعت تغيرات في الحسابات السياسية أم هناك قراءات جديدة على مستوى المشهد السياسي المغربي ؟ في نظري، استعان عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ، خلال انتخابات 2016 بتكتل يضم الإتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والإتحاد الدستوري، في مفاوضاته مع عبد الإله بنكيران، للضغط فقط على رئيس الحكومة آنذاك للحصول على الحقائب الاستراتيجية والوازنة في الحكومة من جهة، ومن ناحية أخرى هذا التكتل كان بمثابة آلية لضبط القرارات الحكومية والاختيارات في مختلف السياسات العمومية. وبالفعل فقد تمكن التكتل من فرض شروطه وإيقاعه على عبد الإله بنكيران. وهذا منطق سليم في علم السياسة ومسألة تدبير التحالفات، من أجل الحصول على أكثر المنافع السياسية في مجال كله تدافع على الأفكار والبرامج الانتخابية بين الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة، خصوصا حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 37 مقعد برلماني فقط بمجلس النواب ، وبالتالي فهو كان في موقع ضعف، ولم يكن يقوى على فرض رأيه، لولا تجميع الأحزاب وتشكيل تكتل لمفاوضة بنكيران وتحصين مكانه، ونفس المنطق دفع عزيز أخنوش للاستعانة بفريق حزب الاتحاد الدستوري بمجلس النواب من أجل تقوية حضوره في المؤسسة التشريعية، وتمكينه من رفع هامش النسبية الذي يعمل به البرلمان خصوصا على مستوى توقيت مساءلة الحكومة في الجلسات العامة، أو فيما يخص التصويت على مشاريع القوانين التي تأتي بالحكومة، بالتالي فإن عزيز أخنوش كان برغماتيا في معاملته مع حزب الاتحاد الدستوري، واستقوى به خلال مرحلة ضعفه سنة 2016. ما قراءتكم للتحالف الثلاثي المعلن عنه خلال هذه الاستحقاقات، وكيف تحللون التصويت العقابي الذي لجأ إليه الشارع المغربي ؟ أما فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الحالية، في اعتقادي المنطق مغاير تماما لسنة 2016، خصوصا أن حزب التجمع الوطني للأحرار حصل على الرتبة الأولى ب102 مقعد، هذا الموقع جعله يفاوض من موقع قوة، واستناده في التحالف الحكومي الحالي على الأحزاب الثلاثة المتصدرة للنتائج هو تحالف مهم، وينسجم من اختيارات المغاربة الذين صوتوا بكثافة لثلاثة أحزاب، وجعلوها في مقدمة المشهد السياسي. اقرأ المزيد : مراكش..أول ظهور لأول طفلة أنابيب في العالم بالقفطان المغربي بمؤتمر الخصوبة وبالنظر لهذه النتائج فإنني أرى أن المغاربة اختاروا الثقة بنسب كبيرة في هذه الأحزاب الثلاثة، وبالتالي صوتوا تصويتا عقابيا لحزب العدالة والتنمية الذي قاد الحكومة لعشر سنوات، بسبب الاختيارات الحكومية الفاشلة، والتي عانا منها المغاربة طلية السنوات العشر الماضية، خصوصا على مستوى غلاء المعيشة والزيادة في الأسعار، وتعنيف الحركات الاحتجاجية للأساتذة المتعاقدين والممرضين. كما نرى أنه من خلال تتبع البرامج والحملات الانتخابية أن المغاربة تفاعلوا بشكل كبير مع الوعود الانتخابية التي قدمت لهم من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار، والمتعلقة بالرفع من أجرة للأساتذة المتعاقدين بزيادة 2500 درهم للأجر الشهري، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ 1000 درهم للمسنين البالغين 65 سنة فما فوق،وخلق مليون منصب شغل للعاطلين عن العمل، وأيضا،أداء 300 درهم لكل متمدرس في حدود ثلاث أطفال، وأخيرا إحداث بطاقة الرعاية الاجتماعية. بالتالي فإن الأغلبية الحكومية الحالية التي يقودها عزيز أخنوش اليوم، مطالبة بتنفيذ الوعود الانتخابية، وتحويلها لإجراءات وتدابير حقيقية في القانون المالي، وكذا البرامج القطاعية للأحزاب، من أجل أن ينجح في كسب الرهان والتحدي، وتثمين الثقة التي حصل عليه حزبه. هل التحالف الثلاثي قادر على تحقيق انتظارات المغاربة بخصوص البرامج الانتخابية التي تبناها؟ من الناحية الواقعية العملية، فإنني نرى أن الالتزامات الانتخابية التي وعدوا بها المغاربة صعب التحقيق في ظل الظروف الاقتصادية الحالية المتسمة بالأزمة بسبب انتشار جائحة كورونا خصوصا على مستوى إحداث مليون منصب شغل للعاطلين، وكذا الرفع من أجور الأساتذة المتعاقدين وعددهم يقدر بأزيد من 100 ألف أستاذ متعاقد، بالتالي فإن هذه الالتزامات والوعود الانتخابية التي قدمها الحزب الذي يقود الحكومة حاليا، ستشكل أرضية خصبة لتقييم العمل الحكومي والسياسي للحزب في الانتخابات التشريعية لسنة 2027، تحت طائلة المحاسبة والتصويت العقابي إذا لم يحققوا للمغاربة ما وعدوهم به على غرار حزب العدالة والتنمية التي اندحر بشكل غريب من 125 مقعد برلماني إلى 13 مقعد فقط، والسيناريو يظل قائما في حالة فشل الحكومة.