في ظروف غير محددة، ولأسباب مجهولة، اندلع في الساعة الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، حريق مهول بسوق الحي الجديد "كاساباراطا" ، والذي يعتبر ثاني حريق يشهده هذا السوق الذي يعتبر أكبر سوق بجهة الشمال، في أقل من أسبوعين، بعد حريق يوم 3 غشت الجاري، وعلى بعد أيام قليلة من الانتخابات، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول توقيته "السياسي" المريب، ومكانه بكونه اندلع في محلات توجد فوق أرض "كدية اليهود" كانت تابعة لإحدى البلديات الاسرائيلية قبل أن تشتريها سنة 1995، شركة مغربية، التي حصلت على حكم بالافراغ لصالحها، إذ لازالت هذه القطعة الأرضية متنازع عليها قضائيا لحد الآن، لصعوبة التنفيذ. وإذا كان الحريق الذي وصف ب"المشبوه" ، بسبب توقيته القريب من موعد الاستحقاقات الجماعية والجهوية البرلمانية القادمة، لم يخلف إصابات في الأشخاص بسبب توقيته المتأخر من الليل، ولتزامنه مع حظر التجول الليلي، فقد أسفر بالمقابل، عن التهام النيران لخمسة محلات تجارية متخصصة في بيع السيراميك والأثاث القديمة، والمتلاشيات، محدثا فيها خسائر مادية فادحة، ورغم تدخل مصالح الوقاية المدنية التي عملت على محاصرة ألسنة اللهب، لمنع الحريق من الإنتقال إلى باقي المحلات التجارية المجاورة للمحلات الخمسة المنكوبة.
وفي السياق ذاته، فقد فتحت مصالح الشرطة التابعة لولاية أمن طنجة، تحقيقا شاملا حول ظروف وملابسات الحادث، بتعليمات مباشرة من النيابة العامة المختصة. وكانت السلطات المحلية بطنجة، قد وافقت مؤقتا على ترحيل حوالي 434 تاجرا من سوق سيدي بوعبيد بوسط المدينة سنة 1989، إلى هذه الأرض "كدية اليهود" ذات الرسم العقاري، ج/6117، والتي تقدر مساحته العامة بحوالي هكتار و 800، غير أن تدخل عدة جهات نافذة على الخط، خصوصا داخل المجالس المنتخبة المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي بالمدينة التي لطالما استغلت ورقة سوق كاساباراطا كورقة انتخابية رابحة خلال جميع الاستحقاقات السابقة، وقد ساهمت وبشكل خطير في تكريس هذا الوضع الشاذ، خصوصا في ظل عجز السلطات المعنية في توفير أي حل جذري وواقعي للعشرات من الباعة الذين رحلوا إلى البقعة الأرضية المعنية. وقد سبق ل"حسن الحموتي" رئيس مقاطعة الشرف السواني السابق، وأن راسل مدير شركة أمانديس بتاريخ 8 يونيو 2009، ملتمسا منه الموافقة على تزويد عدد من الأكواخ القصديرية المحتلة للأرض المعنية بالكهرباء رغم عدم توفرهم على أي وثيقة إدارية أو عقد كراء أو ملكية قانونية تخول لهم التزود بالكهرباء طبقا للقوانين والشروط المعتمدة لدى شركة توزيع الماء والكهرباء من أجل الربط بالكهرباء، وهو ما اعتبر في حينه حملة انتخابية سابقة لأوانها للظفر بأكبر عدد ممكن من أصوات التجار المحتلين للأرض المذكورة، وذلك بمباركة الكاتب العام السابق لولاية طنجة محمد الصفريوي، الذي أبدى الموافقة المبدئية على ربط محلات تجارية بالكهرباء مقامة فوق أرض خواص متنازع عليها أمام القضاء الذي قال فيها كلمته الأخيرة وذلك بطرد المحتلين دون قيد أو شرط مع النفاذ المعجل، في الملف عدد 4.03.733/4.03.734، قرار رقم 628، ملف تنفيذي عدد 02.2008.90، بتاريخ 5 ماي 2004. وبهذا الخصوص فقد سبق لسوق كاساباراطا الذي يضم أكثر من 10 آلاف محل تجاري وصناعي وخدماتي، وأن تعرض لعدة حرائق كانت تقيد كلها ضد مجهول، ودون الكشف عن أسبابها الحقيقية، خصوصا الحرائق الثلاث الكبرى لسنوات 1998، 2007، و2016، مخلفة خسائر مادية فادحة تقدر بمئات الملايين، بسبب الفوضى والعشوائية التي يتخبط فيها هذا المرفق الهام، وذلك رغم حديث المجلس الجماعي للمدينة، وفي أكثر من مناسبة عن إعادة هيكلته الشاملة التي كلفت خزينة الدولة مئات الملايين من االدراهم منذ سنة 2009، تمت تعبئتها في إطار البرنامج الشامل للتأهيل الحضري لمدينة طنجة.