أدانت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، أمس الأربعاء، القابض السابق للإدارة الجهوية للجمارك بمراكش، ب 12 سنة سجنا نافذا، وبأدائه تعويضات مالية فاقت ستة ملايير ونصف المليار سنتيم، بعد متابعته من أجل اختلاس أموال عامة وخاصة الموضوعة تحت تصرفه وتزوير وثائق إدارية واستعمالها. وصرحت هيئة المحكمة علنيا حضوريا ابتدائيا في الدعوى العمومية المتعلقة بالملف عدد 299/2624/2020، بإدانة المتهم "ح.م" بما نسب إليه ومعاقبته باثنتي عشرة سنة سجنا نافذا وغرامة نافذة قدرها 100 ألف درهم وتحميله الصائر والإكراه البدني في الأدنى، فيما صرحت في الدعوى المدنية التابعة بقبولها شكلا، وموضوعا الحكم على المتهم المدان بإرجاعه للمديرية الجهوية للوسط الجنوبي لإدارة الجمارك المطالبة بالحق المدني مبلغ (59.590.025.02 درهم)، حوالي "ستة ملايير سنتيم"، وبأدائه تعويضا مدنيا لها قدره 5 ملايين درهم، مع تحميله الصائر والإكراه البدني في الأدنى. ونطقت هيئة المحكمة بالحكم بعد اعتبارها القضية جاهزة للمناقشة، حيث رفضت في بداية الجلسة الاستجابة لملتمس تقدم به دفاع المتهم القاضي باستدعاء الشهود للاستماع إليهم أمام الهيئة. وتعود تفاصيل القضية إلى سنة 2017، عندما رفض الخازن الإقليمي لعمالة مراكش، التوقيع على وضعية محاسباتية لإدارة الجمارك خاصة بسنة 2016، بالنظر إلى رصده تناقضات في الأرقام المثبتة في المداخيل الخاصة بإدارة الجمارك ونظيرتها المسجلة لدى الخزينة الإقليمية. وأسفر فتح تحقيق في النازلة عن رصد اختلاسات مالية مهمة تفوق خمسة ملايير سنتيم، حيث تبين أن الأرقام المدونة في الأوراق المحاسباتية التي ترسلها الإدارة الجهوية للجمارك بمراكش إلى الإدارة المركزية، لا تتوافق مع الوثائق التي ترسل إلى الخزينة الإقليمية، الأمر الذي أظهر تورط المسؤول المذكور في خيانة الأمانة واختلاس الأموال العامة والخاصة الموضوعة تحت تصرفه. وبعد دخول فرقة الجرائم المالية العاملة بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية التابعة لولاية أمن مراكش، على الخط، تبين بعد التدقيق في الوثائق أن القابض ارتكب مجموعة من الاختلالات منها استعمال شيكات الخواص والشركات التي تؤدى بها الرسوم الجمركية وتحويلها إلى حسابه الخاص، واستعماله شيكات وهمية واستخلاصه مبالغ مالية مهمة وتحويلها لحسابه الخاص. في سياق متصل، بادر المتهم بعد افتضاح الاختلالات التي يقوم بها، إلى مغادرة التراب الوطني متوجها إلى هولندا، الأمر الذي استدعى تعميم مذكرة بحث دولية في حقه، وهو الإجراء الذي أسفر يوليوز 2019، عن توقيفه بإحدى المدن الهولندية، ليجري تسليمه شهرين بعد ذلك إلى السلطات الأمنية بولاية أمن مراكش، التي باشرت إجراءات التحقيق التفصيلي معه، كما دققت في جميع المعاملات المالية التي أجرها، وأجرت جردا دقيقا على الوثائق التي كان يتوصل بها ومقارنتها مع الوثائق التي يرسلها إلى الإدارة المركزية للجمارك والخزينة الإقليمية بمراكش.