أكد وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، الحسن عبيابة، اليوم الثلاثاء، بتونس العاصمة، أن المغرب “قطع أشواطا هامة في وضع الثقافة ضمن أولويات المنظور التنموي الشامل، وفي ترسيم التعدد اللغوي والتنوع الثقافي للهوية المغربية، ضمن أسمى قوانين المملكة”. وأبرز الحسن عبيابة، في كلمة خلال المؤتمر الإسلامي الحادي عشر لوزراء الثقافة، المنعقد بتونس يومي 17 و18 دجنبر الجاري، تحت شعار “من أجل تطوير السياسات الثقافية الراهنة في العالم الإسلامي”، أن المغرب “حقق تراكمات هامة في مجال التعميم الترابي للبنيات والمؤسسات التي تساهم في تمكين جميع فئات المجتمع من الولوج إلى الثقافة والاستفادة من الحقوق الثقافية، فضلا عن دعم الصناعات الثقافية والإبداعية وتشجيع السياحة الثقافية من خلال برامج مدروسة متنوعة”. وشدد عبيابة، الذي ترأس الوفد المغربي في هذا المؤتمر، بحضور السيد حسن طارق سفير المغرب بتونس، على أنه “بدون سياسة ثقافية لا يمكن أن نربح رهان المستقبل”، معتبرا أن الانتقال نحو الأفضل يتطلب سياسات ثقافية كفيلة بنقل الأقطار الإسلامية من وضع الاستهلاك الثقافي إلى وضع الإنتاج في الثقافة والتنمية، ومن وضع التحفظ و الخوف والتوجس من ثقافة الآخر، إلى وضع القبول المتبادل والتعاون البناء مع الجميع”. وأكد أن من شأن “وضع سياسة ثقافية أن يمكن من تحصين المجتمعات الإسلامية من التطرف والانغلاق”، مشددا على أنه “لا خيار أمامنا، سوى وضع سياسة ثقافية منفتحة على المحيط المحلي والإقليمي والدولي من خلال إبداع وتصور سليم لسياسة ثقافية كفيلة برفع التحدي النهضوي لفائدة الأجيال الحالية والقادمة”. وأبرز أن الانفتاح والانخراط الكامل للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لتحقيق الأهداف الثقافية للدول الإسلامية، يعتبر خيارا إستراتيجيا نابعا من الاستيعاب الكامل للدور المحوري للثقافة في بناء المجتمعات وتماسكها على أسس سليمة وفي دعم المنظومة التنموية والثقافية، مؤكدا أن المملكة ستظل في تعاون وثيق مع الأقطار الإسلامية، من أجل تحقيق كل الأهداف. وأجرى عبيابة على هامش أشغال المؤتمر لقاءات بحضور سفير المملكة السيد حسن طارق مع الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والأثار. وتناول اللقاء على الخصوص تعزيز التعاون الثقافي بين المملكتين لاسيما في مجال الثقافة والتراث. كما عقد وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة لقاء مع عاطف ابو سيف وزير الثقافة بدولة فلسطين. وتباحث الوزيران على الخصوص حول سبل تطوير صيغ العمل الثقافي المشترك بين الجانبين. وتطرق المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) سالم بن محمد المالك، خلال افتتاح المؤتمر، الى ما تتعرض له المؤسسات الثقافية والتراث الثقافي في عدد من الدول الأعضاء للتجريف والاندثار والتدمير والنهب، مشيرا ألى أن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر تضم 37 موقعا داخل دول العالم الإسلامي من مجموع 54 موقعا أي بنسبة تقارب 70 في المائة. وأشار إلى أن الإيسيسكو استطاعت أن تسجل 132 موقعا على لائحة التراث الثقافي في العالم الاسلامي قبل نهاية هذا العام، وذلك بفضل تضافر الجهود مع لجنة التراث في العالم الاسلامي وتعاون الدول الاعضاء، معتبرا أن “الأمر يتعلق بإنجاز كبير ومكسب حقيقي”. ودعا المدير العام للمنظمة وزراء الثقافة وجهات الاختصاص في الدول الأعضاء إلى مواصلة تكوين الملفات التقنية لتسجيل جميع المواقع التراثية المبنية وغير المبنية والطبيعية والصناعية في البلدان الإسلامية، مشيرا إلى أنه تم تأسيس وحدة خاصة في الإيسيسكو لهذا الغرض بمعايير علمية ودولية صارمة. وأعلن من جانب آخر، أن المنظمة ستشرف على برنامج للتسجيل المشترك على لائحة التراث في العالم الاسلامي لمجموعة من المسارات التاريخية والحضارية النموذجية، ومنها طريق الحج، وطرق القوافل التجارية، وطرق الرحالة والعلماء والطلبة والمخطوطات. وأكد وزير الشؤون الثقافية التونسي محمد زين العابدين، من جهته، على الأهداف الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة التونسية والتي تتمثل أساسا في ترجمة مبدأ الحق في الثقافة إلى واقع يومي عام وشامل، وبناء ثقافة مواطنية من خلال الديمقراطية التشاركية مع السلطات الجهوية والمحلية والمجتمع المدني، وتكريس اللامركزية الثقافية والحكامة المحلية في الشأن الثقافي واعتماد الاقتصاد الثقافي الرقمي والصناعة الإبداعية الثقافية. وأشار إلى أن تونس حرصت أيضا على تثمين التراث والمواقع والمعالم الأثرية في علاقتها بحفظ الذاكرة الوطنية والتنمية المستدامة مع العمل على إبراز صورة ثقافية مشعة من خلال دبلوماسية طموحة، مضيفا أن هذه الأهداف تجسدت من خلال برامج وطنية، وأخرى خاصة. وتجدر الإشارة إلى انه تم خلال أشغال اليوم الأول اعتماد مدينة الرباط ضمن قائمة التراث في العالم الإسلامي. وقد اعتمد المؤتمر في الإطار نفسه تسجيل مدينة تونس والقاهرة التاريخية، وقصبة الجزائر العاصمة، ضمن قائمة التراث في العالم الإسلامي، وفق ما جاء في تقرير لجنة التراث في العالم الإسلامي الذي تم إقراره من طرف المؤتمرين. وأشاد المؤتمر بجهود لجنة التراث في العالم الإسلامي واللجنة العلمية المساعدة لها لتسجيل 132 موقعا تراثيا جديدا على قائمة التراث في العالم الإسلامي خلال السنة الجارية. واعتمد المؤتمر التقرير الختامي للاجتماع السابع عشر للمجلس الاستشاري للتنمية الثقافية في العالم الإسلامي، وكذا تقرير الإيسيسكو حول إنجازاتها في المجالات الثقافية بين الدورتين العاشرة والحادية عشرة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة. وتدارس المؤتمر مشروع وثيقة توجيهية حول الثقافة الرقمية: الفرص والتحديات، ومشروع مقترحات عملية بشأن مصادر التمويل الموازي للمشاريع الثقافية، ومشروع إعلان تونس من أجل تطوير السياسات الثقافية الراهنة في العالم الاسلامي. كما اعتمد المؤتمر يوم 25 من شهر شتنبر من كل سنة يوما للتراث في العالم الإسلامي، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات لخبراء التراث في العالم الإسلامي. وشهد اليوم الأول توزيع جوائز الإيسيسكو لعواصم الثقافة الإسلامية لعامي 2018 و2019 للدول المحتفى بعواصمها وهي تونسوفلسطين وبروناي دار السلام والبحرين وأذربيجان.