لم تختلف أجواء الاحتفال بعيد الشغل لهذا العام في العاصمة الرباط، عن سابقاتها، حيث بصمت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، اليوم الأربعاء على احتفاليات “باهتة وحضور جد متواضع.” ففي الوقت الذي فضلت فيه هذه النقابات، الاحتفال كما العادة باليوم العالمي للطبقة العاملة بمدينة الدارالبيضاء، باستثناء المنظمة الديمقراطية للشغل، الذراع النقابية لحزب الأصالة والمعاصرة، اختارت الاتحادات الجهوية للنقابات المذكورة على مستوى جهة الرباط، الاحتفاء بهذا اليوم، والذي يصادف الفاتح من ماي من كل سنة، بتنظيم مهرجانات خطابية ومسيرات، جابت شوارع الحسن الثاني ومحمد الخامس وعلال بنعبد الله، والتي عرفت مشاركة ضعيفة للعمال والموظفين، وطغى عليها ترديد الشعارت والمطالب نفسها المرفوعة منذ سنوات. وانطلقت مسيرات النقابات مشتتة في اتجاه النافورة المقابلة لمحطة القطار الرباط-المدينة، إذ تقدمت خديجة الزومي، القيادية الاستقلالية، مسيرة نقابتها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والتي انطلقت من زنقة ابن تومرت، حيث يقع المقر المركزي لحزب الاستقلال، فيما صار نقابيو الاتحاد المغربي للشغل نحو البرلمان، عبر شارع جان جوريس، في حين جاب أنصار نقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية شارع المنصور الذهبي، في اتجاه الجهة المقابلة ل”مقهى إيطاليا” الشهير، وهم يرددون شعارات منتقدة للحكومة، التي يرأسها سعد الدين العثماني، الأمين العام ل”البيجيدي”، ومطالبة بتحسين الوضع الاجتماعي لموظفي القطاع العام والأجراء. وبدا لافتا غياب الفيدرالية الديمقراطية للشغل التي أعلنت مقاطعتها للاحتفالات فاتح ماي، فيما سجل حضور متوسط لنقابة “ODT”، الذراعي النقابي لحزب “الجرار”، والتي اختارت بدء احتفاليتها على إيقاع أغنية في “بلادي ظلموني”، والأهازيج الإفريقية. واتهمت النقابة المذكور على لسان كابتها العام علي لطفي، الحكومة ب”تدمير المدرسة العمومية” و”تكريس الفوارق الاجتماعية”، حيث قال هذا الأخير مخاطبا أنصاره، إن “الاجراءات التي اتخذتها الحكومة، وخاصة المرتبطة بالتوظيف بالتعاقد، قد أدت إلى تدمير المدرسة العمومية وتشجيع الشغل غير اللائق وغير المستقر”، محذرا من أن المدرسة “تتآكل يوما بعد يوم لأن صناع القرار والساهرين على تنفيذ مشروع الإصلاح يفتقدون إلى الإرادة السياسية”، وفق تعبيره. وتابع المسؤول النقابي موجها انتقاداته للحكومة أنه “مع هذه الحكومة والتي سبقتها أصبح المغرب من البلدان الأسوأ في العالم من ناحية توزيع الثروة”، مضيفا وهو يستند على أرقام صندوق النقد الدولي ومنظمة “الفاو” أن “1.6 مليون مغربي يعانون من الفقر والتهميش وانعدام الضروريات الأساسية، بالإضافة إلى كون مليون و400 ألف مواطن يعانون من سوء التغذية”. ولم يفوت المسؤول الأول عن المنظمة الديمقراطية للشغل، مناسبة مهاجمته للسياسات العمومية لحكومة العثماني، دون أن بفتح النار على وزارة الصحة، حيث حذر من “تردي الخدمات الصحية بشكل فظيع”، منبها إلى تنامي الاستقالات في صفوف الأطباء، والتي عجزت الوزارة على التعامل معها. وجدد لطفي رفض نقابه للاتفاق الاجتماعي ثلاثي الأطراف، الذي أبرمته يوم 25 أبريل الماضي مع “الباطرونا” والمركزيات النقابية الثلاثة، داعيا إلى الرفع من أجور الموظفين والمستخدمين بالمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ب”600 درهم لجميع السلالم وبأثر رجعي من 2018، ومراجعة النظام الضريبي على الأجر وإلغائه بالنسبة للمعاش، ورفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 3 آلاف درهم”.