بعد الانتقادات الموجة من مختلف الجهات والأطراف المتعددة إلى مشروع القانون الجنائي الذي أصدرته وزارة العدل والحريات، وقعت مجموعة من الهيئات الحقوقية والجمعوية وعدد من النشطاء عريضة أولية، تتضمن ملاحظات ومؤاخذات على المسودة. وأوضح الموقعون على العريضة أنه إذا كان "مشروع القانون الجنائي يحمل مستجدات إيجابية تتمثل في العقوبات البديلة، تجريم الزواج القصري، تشديد العقوبات على المغتصب، إلغاء الإقامة الجبرية و التجريد من الحقوق المدنية وغيرها، فإنه (المشروع) يحمل في أحشائه مقتضيات غارقة في الماضوية وغير ملائمة للمجتمع المغربي الحالي وللظرفية التي تم إخراجه فيها ...". ورصدت العريضة عددا من الملاحظات حول بعض مواد القانون الجنائي المقترح، كعقوبة الإعدام التي اعتبرها الموقعون "عقوبة لا إنسانية وجب حذفها بالبت والمطلق"، إضافة إلى تجريم الإجهاض، واشتمال القانون الجنائي على مواد "سالبة للحرية "، على غرار تلك التي جاءت بها "المدونة الرقمية"، و التي تم سحبها تحت ضغط نشطاء المجتمع الرقمي والمدني، معتبرة أن المقتضيات الجديدة التي أتى بها المشروع، في الشق المتعلق بالفضاء الرقمي كمساحة للتعبير، لا ترقى إلى متطلبات المجتمع المدني، بل إن العديد منها يمس في العمق المكتسبات في مجال الحريات وخاصة حرية التعبير والنشر والحق في الولوج إلى المعلومة. وأدت موجة الجدل الذي خلفته المسودة المذكورة إلى إصدار وزارة العدل والحريات، لبلاغ توضح فيه أن المشروع ليس سوى مسودة أولية، وأنها فتحت باب إبداء الملاحظات عليها. وأضافت الوزارة، في بلاغها، أنها أحدثت "نافذة للتشاور" بموقعها على الأنترنيت بهدف توسيع التشاور لإغناء النص المذكور، وتلقي الملاحظات والمقترحات حول مضامين المسودة، كما يمكن توجيه الملاحظات والمقترحات كتابة إلى الوزارة (مديرية الشؤون الجنائية والعفو)، كما تعتزم تنظيم ندوة لهذا الغرض يوم 20 أبريل الجاري. وتعرضت المسودة الأولية للقانون الجنائي الجديد لانتقادات شديدة حيث اعتبر كثيرون أنها جاءت لتقيد الحريات، لعدم تلاؤمها مع متطلبات العصر، ومطالب الحركات الحقوقية والاجتماعية، كما انه كانت بمبادرة فردية من وزارة العدل والحريات، حيث إن النقاش بخصوصها لم يعتمد المقاربة التشاركية، خاصة وأنه يتعلق بمجال يرتبط بالحريات الأساسية للمواطنين ومدلولات النظام العام . ". واعتبر منتقدو هذا المشروع أنه "لا يتيح اللجوء إلى العقوبات البديلة بالشكل الكافي ولا يشجع على العدالة الجنائية التصالحية من جهة، ولا يجيب على تنزيل المقاربة الوقائية من خلال بنية فلسفة العقوبة من جهة أخرى ، وشددوا على ضرورة أن يكون البناء القانوني لهذه المسودة مكتملا من ناحية الصيغة القانونية، وذلك من خلال مراجعة العديد من النقاط التي تضمنها نص مسودة مشروع تعديل القانون الجنائي حتى تكون متلائمة مع المقتضيات الدستورية.