كما كان متوقعا، قلبت المركزيات النقابية الثلاث(الاتحاد المغربي للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل) الطاولة على الحكومة بعدما اختارت الانسحاب من أولى جلسات الحوار الاجتماعي التي كان مقررا أن تعقد أول أمس الاثنين في إطار لجنة نظام المعاشات المدنية، وذلك بعدما خيم التوتر والتشنج على أجواء هذه الجلسة بسبب تمسك كل من ممثلي المركزيات النقابية وأعضاء من الحكومة بموقفهما . وحسب محمد الوافي، عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، فإن هذا التوتر، راجع إلى الجدولة التي حددها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة لعمل اللجن المنبثقة عن الحوار الاجتماعي وتاريخ انطلاقة أشغالها، معتبرا أن هذه الجدولة مخالفة تماما لما تم الاتفاق بشأنه خلال أشغال اللقاء الأول المنعقد بين الحكومة والهيئات النقابية الثلاث يوم 10 فبراير الجاري. و أضاف الوافي، في اتصال هاتفي أجرته معه "رسالة الأمة" أن الملاحظ في الرسالة التي توصلت بها المركزيات النقابية يوم 17 فبراير الجاري أنها غيبت لجنة خاصة لتدارس تحسين الدخل والأجور، واعتمدت منهجا تجزيئيا وانتقائيا في جدولة اجتماعات اللجن، مما يؤكد، حسب الوافي، أن "الحكومة لا تتوفر على إرادة حقيقية لخوض حوار بناء ومسؤول حول القضايا المحورية للطبقة العاملة، وأن ما يهمها فقط هو ملف التقاعد دون باقي الملفات الأخرى، حيث تريد فرض أجندتها على الجميع وتمرير مشروعها الأحادي، متجاهلة مقترحات الفرقاء الاجتماعيين ، بل وحتى رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي". من جهته، عزا عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل انسحاب ممثلي النقابات من أولى جلسات الحوار الاجتماعي إلى تعنت الحكومة وأصرارها على عدم تعديل جدول الأعمال وذلك بإضافة بند يتعلق بالزيادة في الأجور وتخفيض الضرائب على الدخل. وقال العزوي، في اتصال هاتفي أجرته معه "رسالة الأمة" إن المركزيات النقابية رغم أنها تفاجأت بالجدولة الزمنية التي حددها رئيس الحكومة لعمل اللجن المنبثقة عن الحوار الاجتماعي، لكن وبحسن النية حضرت في الموعد وحاولت تغيير جدول الأعمال، حيث طالبت بإضافة نقطة الزيادة في الأجر إلا أن محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية ألح على عدم تغيير جدول الأعمال والتركيز على مناقشة إصلاح أنظمة التقاعد، وهذه محاولة تجزيئية للملف المطلبي للمركزيات النقابية الثلاث لا يمكن قبولها، على حد قول العزوزي. من جانبه، قال بوشتى بوخلفة، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل "إننا انسحبنا من اللقاء لأن ممثل الحكومة، محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية أراد جرنا لنقاش ملف التقاعد فقط، ونحن نصر على مناقشة الملف المطلبي في شموليته وضمنه ملف التقاعد". وأكد بوخلفة، في اتصال هاتفي أجرته معه "رسالة الأمة" أن ممثلي النقابات غادروا قاعة الاجتماع قبل الشروع في مناقشة أي نقطة داخل جدول الأعمال وذلك بعدما تشنجت الأجواء بسبب موقف الحكومة، التي رفضت تعديل جدول أعمال اجتماعات اللجن في أربع لجان، وذلك بإضافة لجنة تحسين الدخل والأجور. وكشف بوخلفة أن المكاتب التنفيذية للنقابات الثلاث عقدت صباح أمس الثلاثاء اجتماعا طارئا بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالدار البيضاء من أجل تقييم قرار الانسحاب والنظر في الخطوة المقبلة التي ستتخذها، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع خلص إلى بعث رسالة تذكيرية إلى رئيس الحكومة وتحميله مسؤولية محاولة فصل ملف التقاعد عن باقي الملفات المطلبية الأخرى، ودعوة االمجالس الوطنية للمركزيات النقابية الثلاث إلى عقد اجتماع يوم 7 مارس المقبل بشكل متزامن وبجدول أعمال موحد ومشاريع توصيات موحدة لاتخاذ القرارات المشتركة التي تقتضيها المرحلة.