قالت مصادر دبلوماسية إن الحكومة المصرية تجري اتصالات رفيعة مع السلطات المغربية لتطويق أزمة طارئة، كانت وراءها بعض وسائل الإعلام المصري، بعد حضور وفد مصري مؤتمرا معاديا لوحدة المغرب الترابية احتضنته مؤخرا الجزائر، والذي أثار ردود فعل قوية في وسائل الإعلام المغربية. وحسب تلك المصادر أجرى وزير الخارجية سامح شكري اتصالا مع نظيره المغربي لتهدئة الموقف، مشددا على تقدير القيادة المصرية لموقف جلالة الملك محمد السادس من الأوضاع التي تشهدها مصر منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة، متوقعة قيام وزير الخارجية المصري بزيارة المغرب خلال الأيام القادمة بعد أن تم تأجيلها لبعض الوقت. وأشارت من جهة ثانية إلى أن زيارة بعض الصحفيين المصريين لمخيمات تيندوف عن طريق الجزائر ،مؤخرا ، لم تكن بترتيب مصري ولا علاقة لها بالحكومة المصرية. وقال مراقبون إن المصريين لم يدركوا حساسية الأمر بالنسبة للمغاربة، وأنهم أوقعوا أنفسهم في معركة لا مصلحة لهم فيها، خاصة وهم في أشد الحاجة إلى الدعم الذي يمكن أن تقدمه لهم دولة مثل المغرب. وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن بعض وسائل الإعلام المصرية لم تقدر الوضع الذي تعيشه البلاد في ظل المعارك التي تخوضها على أكثر من جبهة، فورطت مصر في أزمة جديدة ستلهيها عن خوض معاركها الأساسية. هذا،وقد سارعت قنوات مصرية مؤيدة للنظام الجديد بمصر، في مسعى جماعي يعكس رغبة سياسية عليا، إلى التأكيد على أن العلاقات المغربية المصرية أكبر من أن تهزها حوادث عرضية، داعية إلى التهدئة والتعقل لقطع الطريق على محاولة الاستثمار في الفتنة التي دأبت عليها جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها في المنطقة. وفي هذا السياق، قالت المذيعة رانيا البدوي، في برنامج "القاهرة اليوم" على قناة "أوربيت"، إن المصريين لن يسمحوا لأحد بأن يوتر العلاقات بين مصر والمغرب. وأكد الإعلامي والسياسي مصطفى بكري أن "المغرب دولة شقيقة تقف معنا في نفس الخندق وتدافع معنا عن حق الشعب المصري في اختيار قياداته وحياته ونظامه"، محذرا مما أسماه ب "الاختراقات الإخوانية" الموجودة في مختلف وسائل الإعلام المصري، وأن موقف الحكومة المغربية لا أحد يستطيع المزايدة عليه. ودعا الإعلامي أسامة كمال، في برنامج "القاهرة 360"على قناة "القاهرة والناس"، إلى التعقل، متوقعا أن يكون الأمر مدفوعا من جهات "لا تكن الخير لمصر" وقال إن ردة فعل الإعلام المغربي جاءت على تقرير نشرته قناة مصر الآن "المحسوبة على الإخوان هاجمت فيه زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى تركيا". وحمل خيري رمضان الإعلامي في قناة "سي بي سي" الإعلام مسؤولية محاولة الإيقاع بين البلدين، وقال إن "هناك أطرافا تريد أن توقع بيننا وبين الأهل في المملكة المغربية، لكننا لن ننجر لأي خلاف، ولن نسمح أن نكون أداة في أيد عابثة". وشدد على العلاقات التاريخية والثقافية المتينة بين المغرب ومصر، مصرا على تكذيب كل ما قيل عن "غضب مصري" من زيارة ملك المغرب إلى تركيا. معتبرا أن أمر الزيارة يهم المغرب وحده، ومتهما "الإخوان بمصر وبعض وسائل الإعلام الخارجية التي يتخفون وراءها بمحاولة الإيقاع بين المغرب ومصر". ولفت محللون إلى أن الوفد الذي زار الجزائر ربما وقع في فخ بعض الدوائر الجزائرية التي لعبت على طيبة المصريين وتلقائيتهم في الاستجابة للدعوات. واعتبروا أن الجزائر تصر على الاستثمار في موضوع البوليساريو رغم تراجع عدد المعترفين بها في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وأنها ربما تلجأ إلى إغراءات بالدعم المالي أو الدبلوماسي أو الأمني لاختراق حالة الحصار الذي تعيشه البوليساريو. وأشار المحللون إلى أن هناك طرفا ثانيا دخل على خط الأزمة وعمل على الاستثمار فيها لتوسيع دائرة الخلاف بين المغرب ومصر، وهو الطرف الإخواني الذي طالما عمد إلى إطلاق الإشاعات وتحريك أذرعه الإعلامية للدفع بالأمور نحو التأزيم. وقلل المحللون من فرص نجاح محاولات زرع الفتنة، مؤكدين أن البلدين لا يسعيان إلى التصعيد الدبلوماسي، وأن رسائل الاحتجاج ستقف عند المستوى الإعلامي.