ما زالت جبهة التجاذب الاعلامي بين القاهرة و الرباط مفتوحة على العديد من الاحتمالات في غياب موقف رسمي معبر عنه من طرف حكومتي البلدين اللتان إختارتا أخذ مسافة معقولة من ضبط النفس و عدم التسرع تجاه المستجدات الأخيرة في إنتظار إتضاح الرؤيا و تمكين دواليب الآلة الديبلوماسية للبلدين من تدارك ما يمكن تداركه قبل أن تستفحل رقعة التصعيد و تخرج عن نطاق السيطرة خاصة مع بروز مسؤولية أطراف مصرية محسوبة على تنظيم الاخوان المسلمين عن التصعيد الاعلامي الأخير بمنابر مصرية تجاه المملكة. في غضون ذلك تسابق السلطات المصرية الزمن لاحتواء الأزمة مع المغرب على خلفية حضور وفد مصري مؤتمرا داعما لجبهة البوليساريو الانفصالية احتضنته الجزائر، وأثار ردة فعل قوية في وسائل الإعلام المغربية. وأشارت مصادر مصرية، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أجرى اتصالا مع نظيره صلاح الدين مزوار لتهدئة الموقف، مشددا على تقدير القيادة المصرية لموقف الملك محمد السادس منذ 30 يونيو. ذات المصادر أوضحت أن زيارة الوزير المصري المتوقعة للمغرب تأجلت لبعض الوقت، وأنه قد يتحدد موعدها خلال اليومين المقبلين. واعتبرت ذات المصادر، أن زيارة بعض الصحفيين المصريين للصحراء المغربية عن طريق الجزائر أخيرا لم تكن بترتيب مصري، وأن لا علاقة لها بالحكومة المصرية. وفي هذا الصدد يرى مراقبون، أن المصريين لم يدركوا حساسية الأمر بالنسبة للمغاربة، وأنهم أوقعوا أنفسهم في معركة لا مصلحة لهم فيها، خاصة وهم في أشد الحاجة إلى الدعم الذي يمكن أن تقدمه لهم دولة محورية كالمغرب. وأشار المراقبون إلى أن بعض وسائل الإعلام المصرية لم تقدر الوضع الذي تعيشه البلاد في ظل المعارك التي تخوضها على أكثر من جبهة، فورطت مصر في أزمة جديدة ستلهيها عن خوض معاركها الأساسية. وسارعت قنوات مصرية، في مسعى جماعي يعكس رغبة سياسية عليا، إلى التأكيد على أن العلاقات المغربية المصرية أكبر من أن تهزّها حوادث عرضية، داعية إلى التهدئة والتعقل لقطع الطريق على محاولة الاستثمار في الفتنة التي دأبت عليها جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها في المنطقة. وقالت المذيعة رانيا البدوي، في برنامج "القاهرة اليوم" على قناة أوربيت، إن المصريين لن يسمحوا لأحد بأن يوتر العلاقات بين مصر والمغرب. وأكد الإعلامي والسياسي مصطفى بكري أن "المغرب دولة شقيقة تقف معنا في نفس الخندق وتدافع معنا عن حق الشعب المصري في اختيار قياداته وحياته ونظامه"، محذرا من أن الاختراقات الإخوانية موجودة في مختلف وسائل الإعلام، وأن موقف الحكومة المغربية لا أحد يستطيع المزايدة عليه. ودعا الإعلامي أسامة كمال، في برنامج "القاهرة 360" على قناة "القاهرة والناس"، إلى التعقل، متوقعا أن يكون الأمر مدفوعا من جهات "لا تكنّ الخير لمصر". وقال إن ردة فعل الإعلام المغربي جاءت على تقرير نشرته قناة "مصر الآن"، "المحسوبة على الإخوان هاجمت فيه زيارة الملك محمد السادس إلى تركيا". ولفت محللون، إلى أن الوفد الذي زار الجزائر ربما وقع في فخ بعض الدوائر الجزائرية التي لعبت على طيبة المصريين وتلقائيتهم في الاستجابة للدعوات. معتبرين أن الجزائر تصر على الاستثمار في موضوع البوليساريو رغم تراجع عدد المعترفين بها في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وأنها ربما تلجأ إلى إغراءات بالدعم المالي أو الدبلوماسي أو الأمني لاختراق حالة الحصار الذي تعيشه الجبهة الانفصالية.