أشهر قليلة بعد زيارة وفد إعلامي مصري كبير لمخيمات تندوف، والحملة الصحفية التي تلتها ضد المغرب من خلال استضافة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية في العديد من الصحف والمجلات المعروفة بمصر، عادت القاهرة لتستفز الرباط من خلال زيارة وفد رسمي لتندوف. ولأول مرة يزور وفد مصري رسمي، يرأسه وكيل وزارة الثقافة ببلاد النيل، مخيمات تندوف، ويلتقي بمسؤولين من الجبهة الانفصالية، كما وقف على مرافق في ما يسمى ولايات الجمهورية الوهمية، وذلك ضمن زيارة بدأت يوم الجمعة الماضي وانتهت أمس الأحد. وتخللت زيارة الوفد المصري لقاء مع زعيم الجبهة الانفصالية، محمد عبد العزيز، وآخر مع رئيس ما يسمى المجلس الوطني الصحراوي، ومسؤولين آخرين في ذات التنظيم، فضلا عن مواعيد مع العاملين في قطاعي الثقافة والإعلام، وجمعيات تابعة للجبهة بمخيمات تندوف. وركزت زيارة الوفد المصري لتندوف على الاطلاع على سير الأعمال في عدد من البنايات يسميها الانفصاليون مؤسسات، ومنها ما يدعى "المتحف الوطني للمقاومة، ومؤسسة الهلال الأحمر، وجمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. الدكتور محمد نشطاوي، الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، يعلق على هذا التقارب الحثيث بين مصر في عهد رئيسها ،عبد الفتاح السيسي، وجبهة البوليساريو، بالقول إن مصر تظهر اهتماما مفاجئا، وعلى غير عادتها بالقضية الصحراوية، ضدا على إرادة المغرب، ونكاية في خياره الديمقراطي الذي أفرز حكومة إسلامية". وأوضح نشطاوي، في تصريحات لهسبريس، أن ريبورتاجات وتقارير في الإعلام المصري حول الصحراء، وكذا حوار أجرته مجلة روز اليوسف في يوليوز 2014 مع محمد عبد العزيز، إشارات للمغرب حكومة وشعبا، مفادها أن القبول بسلطة السيسي الوسيلة الوحيدة للتطبيع مع الانقلابيين، ومعهم إعلام الخزي والعار" وفق تعبيره. وأفاد نشطاوي أن "المشير السيسي ومعه باقي الانقلابيين، بإمكانهم اللجوء إلى جميع الخيارات، للقبول بهم داخل المنتظم الدولي، لذلك يراهنون على الدور الجزائري للرجوع لحظيرة منظمة الاتحاد الإفريقي من بوابة التقارب مع البوليساريو". ولفت المحلل ذاته إلى أن هناك نقاطا سياسية مشتركة بين الطرفين، مبرزا أن "كلا النظامين جاءا عن طريق الانقلاب على الشرعية، لذلك فلا مانع من استفادة متبادلة بين بعضهما البعض". ووصف نشطاوي زيارة وفد مصري رسمي إلى مخيمات تندوف، بأنها "محاولة بئيسة للضغط على المغرب، كون فئة عريضة من الشعب المغربي عارضت وتعارض الانقلاب الدموي الذي قام به السيسي ضد رئيس منتخب بشكل ديمقراطي من قبل الشعب المصري". واستطرد بأن الشعب المصري سيبقى رهينة سلطة إعلام مصري ليس فقط متحيزا للانقلابيين، بل يحرض على كل من يعارض سلطة الانقلاب، وهو يعي جيدا أنه يناصر نظاما انقلابيا، غير مقبول لا داخليا ولا خارجيا، مما سيقلل من حجم وتأثير مصر دوليا". وخلص الأستاذ الجامعي بأن العسكر لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا" بحسب تعبيره، مُشبها ما تعيشه مصر في عهد المشير عبد الفتاح السيسي بما عاشته الجزائر من قبل، وقال نشطاوي "ما أشبه مصر اليوم بجزائر الأمس" وفق قوله.