من المنتظر أن تدشن حكومة بنكيران دخولها السياسي و الاجتماعي على إيقاع تصعيد نقابي في مواجهة سياستها المعادية لحقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية في ظل تدني الخطاب السياسي وتهميش المؤسسات السياسية وتجاهل الفاعلين الاجتماعيين . هكذا وفي الوقت الذي كان عبد الإله بنكيران في خلوته مع قادة أحزاب أغلبيته بإفران ، كانت مركزيات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل تتأهب لاتخاذ قرارات نضالية تصعيدية يسبب مقاربة الحكومة للمسألة الاجتماعية وخاصة تجميدها للحوار الاجتماعي كما تم تقعيده في عهد الحكومات السابقة، وتنكرها للالتزامات السابقة، وإقدامها على إجراءات وقرارات انفرادية خطيرة في ملف التقاعد وخاصة نظام المعاشات المدنية من خلال مرسوم قانون يقضي بتمديد تقاعد العاملين في قطاع التربية والتكوين والأساتذة الباحثين إلى غاية انتهاء الموسمين الدراسي والجامعي، وكذا إقدام الحكومة على إحالة مشروعي قانونين يتعلقان بنظام المعاشات المدنية على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يتضمنان إجراءات مقياسية خطيرة، على حساب حياة ودخل الموظفين. وفي هذا الإطار قرر المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المنعقد يوم السبت 13 شتنبر الجاري بالمقر المركزي بالدار البيضاء، خوض إضراب وطني عام لم يحدد تاريحه ، في كافة القطاعات معَ تنظيم وقفة احتجاجية لكل المسؤولين النقابيين أمام مقر البرلمان. و يأتي قرار المجلس الوطني ل" ك دش " في مواجهة عبثية سياسة حكومة بنكيران التفقيرية وإجهازها على كافة حقوق ومكتسبات المغاربة. وفي المنحى نفسه، قرر كل من المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب خلال اجتماع مشترك عقد يوم الجمعة 12 شتنبر الجاري بمقر هذا الأخير بالرباط خوض إضراب وطني إنذاري في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري وذلك يوم الثلاثاء 23 شتنبر 2014. ومن الاعتبارات التي دعت إلى هذا القرار الاستفراد الحكومي بالتقرير في مصير الشغيلة المغربية وتجاهلها المتعمد للمركزيات النقابية، في ظل استمرار الانتهاكات اليومية للحريات النقابية. واعتبرت المركزيتان النقابيتان المذكورتان أن التوجهات الاقتصادية والمالية للحكومة والتي جسدتها القوانين المالية للثلاث سنوات الأخيرة، ترهن من جديد الاقتصاد الوطني في يد المؤسسات المالية الدولية، بحثا عن التوازنات المالية على حساب التوازنات المجتمعية، مع ما لذلك من انعكاسات خطيرة على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين بصفة عامة والمأجورين بصفة خاصة. كما عبرتا عن رفضهما السياسة الحكومية اللاشعبية المستندة على الزيادات المتتالية في الأسعار خاصة المحروقات والماء والكهرباء والتي كانت لها انعكاسات على باقي المواد الأساسية والاستهلاكية، مما زاد في إضعاف القدرة الشرائية للشغيلة المغربية في ظل تجميد الأجور وفرض ضرائب جديدة. وطالبتا الحكومة بالتراجع الفوري عن هذه الإجراءات والقرارات والتي تهدف إلى تدمير المكتسبات المتعلقة بالتقاعد وذلك في خرق صارخ لمنهجية الحوار الاجتماعي وثقافة الحوار والتشاور كما نص على ذلك الدستور، وأيضا خارج المنهجية المتوافق حولها داخل اللجنة الوطنية واللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، بالعودة إلى الحوار الاجتماعي والتوافق حول إصلاح شمولي يضمن الديمومة والتضامن بين الأجيال في إطار ميثاق اجتماعي واضح المعالم يتضمن إجراءات واضحة لتحسين دخل الشغيلة عبر الزيادة في الأجور، وتخفيف العبء الضريبي والتكاليف الاجتماعية. وحملتا الحكومة مسؤولية الاستمرار في هذا النهج التراجعي المستهدف للشغيلة المغربية في حقوقها ومكتسباتها في باقي الملفات الاجتماعية المطروحة وخاصة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ومدونة الشغل والقانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، وطالبتاها بالوفاء بالتزاماتها من خلال تفعيل ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011 والاتفاقات القطاعية والمحضر الموقع مع المعطلين. وتعبران عن استعدادهما التام للتنسيق مع المركزيات النقابية الأخرى ذات المرجعية الوطنية الديمقراطية لتوحيد المواقف وخوض المعارك النضالية بشكل مشترك دفاعا عن مصالح الشغيلة المغربية.