لم يعد خافيا أن الانطلاقة التنموية التي يعرفها شمال المغرب، من خلال إطلاق العديد من المشاريع الاقتصادية تمس تطوير البنية التحتية والسياحية، باتت تشكل مصدر خوف وقلق لوضع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، اللتين يجمع المراقبون أنهما ستتأثران مستقبلا على الصعيد التجاري والمالي . حينما يتم من جهة إلغاء الحدود الجمركية بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي، بمقتضى اتفاق الشراكة المبرم بين الجانبين، ما سيقلص حتما من دورهما كمركزين تجاريين غير خاضعين للرسوم الجمركية كما أن السائح الأجنبي ستجذبه في المستقبل الإغراءات التي يقدمها له الفاعلون المغاربة في القطاع من خلال تنافسية الأسعار وتنوع ووفرة المنتوج والفرص السياحية المتاحة في بلد يتمتع بجمال الطبيعة في البر والبحر على مدى فصول السنة. ولمواجهة هذا الاحتمال الذي بدأت مؤشراته الأولى، تسبب إزعاجا للشرائح الاستعمارية التي ترفض فتح أي حوار مع المغرب بخصوص التفكير المشترك في مآل الثغرين المحتلين، تفكر ذات الجهات في الحلول البديلة لمواجهة مفاجآت مستقبل اقتصادي غير باسم. وفي سياق الإجراءات الاحتياطية، يسعى حاكما المدينتين في المدة الأخيرة إلى الاستعانة، لدرجة الاستغاثة، بالحكومة المركزية في مدريد لطلب المساعدة أو عبر التوجه مباشرة إلى الحكومات المحلية المستقلة وخاصة إقليم الأندلس، حيث اتفق مؤخرا عمدة مدينة مالقة، فرانثيسكو دي لا طوري، ورئيس حكمة مليلية المستقلة،خوان خوصي إيمبرودا، على ما إقامة أسمياه تحالفا استراتيجيا ونسج علاقات شراكة بين المدينتين في مجال الخدمة السياحة. ووضعا الأسس الكفيلة بتوحيد الجهود والطاقا من أجل استقطاب أكبر عدد من السياح لتضمن المدينتان موقعا مؤثرا ووازنا في السوق السياحية الوطنية والدولية، وذلك بالاستفادة من عامل القرب الجغرافي بين المدينتين وجودة منظومة المواصلات المتوفرة فيهما. ومن اجل تلك الغاية، اتفق العمدة وحاكم مليلية على تنظيم حملة إعلامية على الصعيد الوطني والدول، للتعريف بالمزايا السياحية التي تتوفر عليها المدينتان، بينها أن السائح سيجد نفسه متنقلا بسهولة وفي أقصر مدة بين قارتين هما أفريقا وأوروبا. وسيجرب الاتفاق لمدة سنة قابلة للتمديد ما من شأنه أن يخلق منتوجا سياحيا مزدوجا مستفيدا من المزايا التي تتمتع بها المدينتان في الجوانب العمرانية والمزارات السياحية وجودة الخدمات. ويقول الموقعان على الاتفاق إنه آن الأوان أن تنظر مليلية ومالقة إلى بعضهما وجها لوجه بعد أن كانتا موليتين ظهريهما. وخلافا للتحليلات الشائعة، بخصوص دواعي حملة الترويج، فإن الموقعين على بنود التحالف السياحي، يعتقدان أن الخطوة التي أقدما عليها ستفيد السياحة في المغرب، إذ سيتحقق من وجهة نظرهما تكامل وتبادل خدمات ومنافع. يذكر أن سبتة ومليلية، على الرغم من عمق الخلاف بين إسبانيا والمغرب بسببهما، وأمام تراجع الرواج التجاري الذي استفادتا منه في الماضي، بدأت تلوح بعدة إغراءات لجلب المغاربة إليها قصد التبضع والسياحة. ومن بين تلك الإغراءات، تساهل السلطات المحلية مع أرباب السيارات القادمة من المغرب بالسماح لها بالتوقف في أماكن وساحات ظلت ممنوعة وذلك مقابل أداء رسوم رمزية أو الإعفاء منها تماما، على اعتبار أن الزائر المغربي يستهلك مبالغ من المال في مدنيتين يعتبرهما جزءا من تراب وطنه كما ارتفعت أصوات تجارية في وقت من الأوقات تطالب بإعفاء المغاربة من تأشيرة الدخول إلى المدينتين باعتبارهما مشمولتين بنظام"شينغين" للتأشيرات.