بحضور نخبة من ممثلي وسائل الاعلام الوطنية والدولية، وبأحد الفضاءات التاريخية بالمدينة العتيقة بسوسة "دار الشرع"، انتظمت يوم السبت 15 أبريل/نيسان الندوة الصحفية للدورة الخامسة عشرة لمهرجان المبدعات العربيات. وقد أوضحت السيدة نجوى المنستيري الشريف مديرة المهرجان أن هذه الدورة – التي ستنعقد أيام 15 و16 و17 أبريل/نيسان - ستكون استثنائية ومتميزة على جميع المستويات حيث أنها ستنتظم تحت سامي إشراف السيدة ليلى بن علي رئيسة المنظمة العربية للمرأة. كما أنها ستشهد تطورا كبيرا في عدد الدول المشاركة الذي سيصل لاول مرة الى 14 دولة نذكر منها الأردن والبحرين وليبيا والمغرب وفلسطين وسوريا والكويت ولبنان ومصر والامارات وطبعا تونس. وعلى مدى ثلاثة أيام سيستمع الحاضرون الى أكثر من 30 مداخلة موزعة على سبع جلسات سيقع التطرق فيها الى موضوع "الحداثة في ابداعات المرأة العربية" عبر رؤى ووجهات نظر مختلفة ستحاول مقاربة هذا الموضوع الذي يعبّر عن التطورات الكبيرة التي شهدتها المجتمعات العربية في الآونة الأخيرة وخاصة فيما يخص ابداعات المرأة. ويحاول الإجابة عن عدة أسئلة وإشكاليات لخصتها الورقة العلمية للمهرجان في المحاور التالية:" ما الحداثة في التصور العربي وماهي مقوماتها المفهومية:أمُنسجمة مع الحداثة الكونية أم أن لها خصوصياتها؟هل الحداثة في إبداعات المرأة العربية اختيار واع ونهج فني مقصود أم أنها حتمية ثقافية مفروضة أنتجتها مؤسسات النظام الكوني الجديد؟ماذا أثمرت الحداثة في النسيج الابداعي النسوي أدبا وموسيقى ورسما ونحتا ومسرحا وسينما؟ماهي مرجعيات الحداثة الابداعية العربية؟ أهي التراث وأصالته أم الغرب وثقافته أم مزيج منها فريد؟.ماهي آفاق ابداعات الحديث؟ والى أيّ جمهور يوجه؟وما الصورة التي يرسمها على الأمة العربية في المشهد الثقافي الكوني؟وماهي افاق الابداع العربي النسوي الحديث؟. وينسجم موضوع "الحداثة في ابداعات المرأة العربية" مع ما أخذت تشهده المجتمعات العربية منذ عقود قليلة من تحولات عميقة شملت في الغالب مختلف الجوانب الحضارية والسياسية والاجتماعية والنفسية والثقافية وتركت آثارها جلية سواء على مستوى أنماط المعيشة اليومية الفردية أوعلى مستوى أنماط التفكير والانتاج الفني والابداعي القومي. ولما كانت المرأة العربية من ابرز محاور هذه التحولات وكانت من جوهر قضايا الحداثة في المجتمع العربي،كان من الحصيف أن نرصد اثار التيار الحداثي في المجتمع الفني النسوي.وكان من الوجاهة أيضا أن نفترض ان الحداثة بما هي بلاغة ابداعية جديدة مشغل من مشاغل المبدعات العربيات اما بالانتصار لها والانخراط في سياقاتها واما بالاعراض عنها والحرص على مقاومة تجلياتها. تعود هذه المواقف الضدية الى التباس مفهوم الحداثة في ذاته.فالأصل في المفهوم أن يرادف القطع مع الموروث ومعارضة الفكر التقليدي والسابق على خط الزمان للزمان.غير أن ما لاحظه علماء الانتروبولوجيا كفيل بتعديل هذا المفهوم.فحتى المجتمعات الاوروبية التي اليها ترد الحركة الحداثية ومنها نبعت،لا تنظر الى الحداثة على أنها تغيير جذري او ثورة عاصفة بالقديم فهي أشبه ما تكون "بتقاليد الجديد" على حد عبارة بعض الباحثين تدخل في لعبة مراودة مع القدامة دون أن تفقد جوهرها ومبادئها الأساسية. ويزداد الأمر تعقدا في مجتمعاتنا العربية الثرية بتقاليدها وتراثها العريق حيث تندمج الحداثة والقدامة أحيانا في مصطلح جديد هو الأصالة حتى لا يعرف نصيب الجديد من القديم.فهل أن للحداثة قوانينها وشروطها التي بمقتضاها يميز بين الحديث وغير الحديث؟أم أن الحداثة سمات وتجليات فحسب؟ كيف تجلت الحداثة في ابداعات المرأة العربية؟أكانت حمالة لجماليات جديدة ام أنها عود على بدء كالموضة يتقادم بعضها اثر بعض في سلسلة تحولات دورية تستعيد الأشكال السابقة والمضامين القديمة وتصوغها صياغة جديدة؟ هل للحداثة هدف وغاية أم أنها جمالية تنشد التغيير من أجل التغيير؟ كيف عاشت المبدعة العربية تجربة الحداثة في ابداعاتها؟وبأي مفهوم تمثلت الحداثة أعصفا بالقديم وثوابته أم اكساء للقديم بلبوس الحديث أم نسجها على غير مثال في منتجات ابداعية فردانية لا تسعى الى تصنيف نفسها في خانات تقابلية ضيقة؟ماذا أفرزت الحداثة من ابداع أدبي وفني؟ما أثرها على مفهوم الجنس الأدبي؟ ما نتائجها على قواعد الانسجام الموسيقي؟بماذا استبدلت قوانين التناظر في الرسم والنحت؟ أي ميادين الابداع ألصق بالحداثة وأكثر تأثرا بأشكالها؟ هل يمكن الحديث عن مقومات فن حديث أم أن الفن الحديث لا يتقوم الا بأنه مغاير للأنماط التقليدية؟" كل هذه الأسئلة والاشكاليات طرحتها الورقة العلمية والمهرجان وسيحاول المشاركون الاجابة عنها بتدخلات ستفجر هي نفسها أسئلة أخرى وتثير نقاشات.ومن المداخلات التي ستقدم في الجلسة الافتتاحية لليوم الأول نذكر مداخلة الكاتب السوري زهير جبور التي ستكون تحت عنوان "أين نحن من الحداثة؟ وكيف فهمناها؟" وسيقدم الدكتور حاتم بن عثمان "مقدمة تأطيرية:الحداثة والأركان" وسيكون عنوان مداخلة الباحثة المصرية نوال مصطفى "الحداثة والثورة على الزمن" في حين ستقدم الكاتبة البحرينية فوزية رشيد مداخلة بعنوان "الحداثة في ابداعات المرأة العربية بين الذات والهوية ومتطلبات الغرب". وفي المجال الموسيقي سيقع التطرق الى أسئلة ملحة مثل "ماهي مرجعيات الحداثة الابداعية العربية في الموسيقى" وهو عنوان مداخلة الباحثة السورية لبانة قنطار وستتطرق الباحثة التونسية فريال بوحديبة الى نفس الموضوع من خلال مداخلتها" الحداثة في الواقع الموسيقي العربي" أما الباحثة والفنانة المغربية سلوى الشودري فستحاول الاجابة في مداخلتها عن سؤال ماذا أثمرت الحداثة في النسيج الابداعي النسوي:ابداعاتي الموسيقية نموذجا". وسيتواصل التطرق الى بقية المحاور المعدة للنقاش من سينما ومسرح وأدب والمرتبطة كلها بالموضوع الرئيسي للدورة وهو "الحداثة في ابداعات المرأة العربية". هذه بعض ملامح الدورة الخامسة عشرة من مهرجان المبدعات العربيات الذي ما فتىء يتطور من دورة الى أخرى ويحاول أن يلامس بعض الاشكاليات والتحديات المطروحة على المبدعة العربية اليوم وينفتح على القضايا التي تهم الراهن الثقافي العربي بمختلف تمظهراته.