" قامت إسرائيل بنزع أعضاء فلسطينيين وإسرائيليين دون إذن من عائلة المتوفى". هذا ما اعترف به يهودا هيس المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل في مقابلة مسجلة منذ عام 2000 أذيعت مؤخرا على القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي. في المقابلة التي أجرتها معه برفسورة أمريكية أفصح هيس أن موظفي المعهد انتزعوا أعضاء مثل قرنية العين, الجلد, صمامات القلب والعظام من متوفين إسرائيليين وفلسطينيين وعمال أجانب كانوا مقيمين في البلاد دون الحصول على موافقة الأهل أولا. قرنيات وقال هيس في المقابلة: "بدأنا بانتزاع القرنيات لصالح العديد من المستشفيات في إسرائيل.. وكان ما حدث أمراً غير رسمي على الإطلاق.. ولم نطلب أي إذن أو موافقة من الأُسر." من جهتها نفت وزارة الصحة الإسرائيلية على لسان المتحدثة باسمها أن تكون هذه العملية لا زالت قيد الممارسة وقالت أنها "قصة قديمة انتهت منذ سنوات". وأن غالبية الحالات كانت تجرى لإسرائيليين من بينهم عدد من الجنود. وكانت نانسي تشيبر هيوز برفسورة علم الإنسان (الأنتروبولوجيا) في جامعة بيركلي في الولاياتالمتحدة قد سجلت المقابلة مع هيس الذي شغل آنذاك مدير معهد أبو كبير للطب الشرعي وهي الجهة الرسمية الوحيدة المرخصة لتشريح الجثث في إسرائيل. وسلمت البرفسورة المقابلة للإذاعة الإسرائيلية التي قامت بإعداد تحقيق صحفي عنه وأذاعته الجمعة الماضية. في تعقيب على المقابلة قالت تشيبر إنها قررت نشر حديثها مع مدير المعهد بعد الجدل الذي أثاره الصحافي السويدي دونالد بوستروم والذي ابرز فيه قصص عائلات فلسطينية تدعي أن الجيش الإسرائيلي قام بانتزاع أعضاء من ذويهم دون إذنهم. وقالت تشيبر في مقابلة مع قناة الجزيرة أن المدير هيس أخبرها آنذاك إن الأعضاء المنتزعة كانت تنقل للمستشفيات العامة حيث كانت تزرع من جديد للمرضى المحتاجين. بنك الجلد وكشف التحقيق الصحافي الذي أذيع يوم الجمعة الماضي على القناة الثانية بالإذاعة الإسرائيلية عن تورط أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي ارييه إلداد من حزب الإتحاد القومي في قضية مرتبطة بنفس الموضوع قبل عشر سنوات. المحامي أسامة السعدي السكرتير العام للحركة العربية للتغيير متابع للقضية ويعلق في مقابلة مع إذاعة هولندا العالمية حول علاقة عضو الكنيست الإسرائيلي قائلا: "في التسعينات أقيم بنك للجلد في مستشفى هداسا في القدس، وكان أحد أهدافه تزويد الجنود المصابين بحروق. ويتضح الآن بعد نشر التحقيق الصحافي على القناة الثانية بأن كل الجثث التي كانت تحضر إلى المعهد الطب الشرعي كانت أيضا تؤخذ منها كمية من الجلد دون موافقة الأهل وتحول إلى مستشفى هداسا. في هذه الفترة كان ارييه إلداد عضو الكنيست الحالي، يعمل طبيبا ومسئولا في الطب في صفوف الجيش وكان مضطلعا على هذه القضية". ويعتقد المحامي السعدي بأن رد فعل الداد خلال المقابلة عندما أنهى الحديث فجأة يعبر عن صعوبة موقفه وتورطه في القضية التي أثارتها أقوال مدير المعهد السابق يهودا هيس. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلي يتسحق ليفنون نفى في تعليق لإذاعتنا أن يكون بنك الجلد وعضو الكنيست إلداد قد خرقا القانون بانتزاع الجلد دون موافقة الأهل: "عضو الكنيست الداد أكد في المقابلة بأن جميع إجراءات بنك الجلد كانت تجري حسب القانون بما في ذلك أخذ موافقة الأهل قبل تشريح الجثة أو أخذ الجلد من المتوفي". وحسب المحامي السعدي فإن إلداد يتمتع الآن بحصانة برلمانية ربما يحاول التستر ورائها لكنه يعتقد أن ليس هنالك محكمة إسرائيلية ستسمح له بالتمتع بحصانته البرلمانية إذا أدين بتورطه في قضية من عقد التسعينات قبل أن يصبح عضوا في الكنيست. مقبرة الأرقام وكان عضو الكنيست العربي محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة قد أثار قضية مقابر القتلى الفلسطينيين من جديد تخوفا من أن تكون إسرائيل قد انتزعت أعضاءهم دون موافقة الأهالي:"الآن وبعد أن تم الكشف عما تم داخل غرف معهد الطب الشرعي المظلمة فإن التخوف الكبير أنه في أثناء تشريح جثث القتلى الفلسطينيين والذين تم دفنهم في مقابر الأرقام من قبل الجيش الإسرائيلي، فإن الخوف كبير بأنه قد مُثل بهذه الجثامين". تأتي هذه التطورات بعد بضعة أشهر من نشر تقرير للصحافي السويدي دونالد بوستروم الذي أشار فيه إلى سرقة أعضاء فلسطينيين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي. وكان هذا التقرير قد أثار زوبعة سياسية بين إسرائيل والسويد إلا أن السويد رفضت التدخل في القضية وقالت إنها تتمتع بحرية صحافة تمنح بوستروم حرية نشر ما توصل إليه من معلومات. يذكر أن مدير معهد الطب الشرعي يهودا هيس كان قد أزيح عن منصبه في العام 2004 للاشتباه بتورطه في بيع أعضاء بغرض دراستها في المعاهد الطبية الإسرائيلية. وبعد التحقيق في الأمر من قبل لجنة طبية حكومية تم إسقاط التهم عنه في وقت لاحق ولا زال يعمل كأحد الأطباء الشرعيين في المعهد.