اعترفت إسرائيل بأن جراحيها كانوا يقومون باستئصال أعضاء بشرية من أجساد قتلى فلسطينيين دون الحصول على إذن من أسرهم. وجاء هذا التأكيد على لسان المدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي، وذلك إثر الضجة الكبيرة التي كان قد أثارها تحقيق نشرته صحيفة سويدية وحمل اتهامات لإسرائيل بقتل الفلسطينيين لسرقة أعضائهم، وهو الأمر الذي كانت إسرائيل قد رفضته واعتبرته شكلا من أشكال معاداة السامية. وتضمن ذلك الشريط حوارا مع الدكتور يهودا هيس، المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي بإسرائيل، في شريط وثائقي، كان قد أنجزته أكاديمية أمريكية سنة 2000، الذي أقدم على نشره إثر الجدل القائم بين السويد وإسرائيل إثر ما نشرته جريدة «أفتونبلاديت». وذكرت إحدى القنوات البريطانية أن خبراء من معهد أبو كبير قاموا سنوات التسعينات من القرن الماضي باستئصال بعض الأعضاء من أجساد فلسطينيين، بما فيها قرنية العين، صمامات القلب، العظام وحتى الجلد، وأضافت القناة أن عمليات استئصال الأعضاء تعرض لها أيضا القتلى من الجنود والمدنيين الإسرائيليين والعمال الأجانب. وبدوره أكد الجيش الإسرائيلي، حسب ما أورده ذلك الشريط الوثائقي، أن تلك العمليات وقعت فعلا، غير أن كل تلك الأنشطة توقفت منذ عقد من الزمن. وقال الدكتور هيس: «لقد كانت البداية مع استئصال القرنية... وما كنا نقوم به كان يفتقد للنظام، إذ لم نكن نطلب الإذن من أسر القتلى». ونقلت وكالة الأنباء الأمريكية، «أسوشييتد برس»، تصريحا أدلت به الأكاديمية الأمريكية، نانسي شيبارد هاغس، التي أنجزت الدراسة داخل معهد أبو كبير، والتي تشغل منصب أستاذة علوم الأنثروبولوجيا بجامعة كاليفورنيا بيركلي: «لقد ارتأيت نشر هذا الحوار لأن الفلسطينيين ليسوا الوحيدين الذين تضرروا من ذلك. كما أن للأمر رمزية كبيرة عندما تجد من يقومون بسلخ جلد أشخاص يضعونهم في خانة العدو. تنبغي إعادة النظر في هذا الأمر». ولا تزال إسرائيل تطالب السويد بإدانة ما سبق ونشرته صحيفة «أفتونبلاديت» والذي وصفته بمعاداة السامية. غير أن ستوكهولم رفضت الرضوخ لتلك المطالب، وقالت إن من شأن ذلك أن يشكل خرقا لحرية التعبير في البلد. ومن بين تداعيات ذلك، قيام وزير الخارجية السويدي بإلغاء زيارة كان من المرتقب أن يقوم بها إلى إسرائيل في وقت يتزامن مع تولي السويد رئاسة الاتحاد الأوربي. وكان الدكتور هيس قد استُبعد من إدارة معهد أبو كبير للطب الشرعي سنة 2004، عندما تم تناقل خبر استئصال أعضاء بشرية لأول مرة، غير أنه لايزال يمارس مهام أخرى داخل المعهد. ومن جانبها قالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن استئصال الأعضاء البشرية يتم في الوقت الراهن في إطار الحصول على تراخيص. وجاء في بيان من الوزارة أن «الأمور لم تكن واضحة في ذلك الوقت، لكن على امتداد عشر سنوات الأخيرة، ظل معهد أبو كبير يشتغل وفق أخلاقيات المهنة والقوانين الجاري بها العمل في إسرائيل».