طرح موضوع ترسيم الأمازيغية من قبل لجنة المنوني بمناسبة عرضه للخطوط العريضة للدستور الجديد على زعماء الأحزاب والنقابات، إشكاليات عديدة بين الفاعلين السياسيين، همت سبل تفعيل هذا الإجراء بعيدا عن إرضاء «النعرات والديماغوجية»، وهو ما تبين، يشدد عضو في اللجنة السياسية لتعديل الدستور من خلال رفع اللجنة لسقف مطالب دسترة الهوية الأمازيغية من خلال الإعلان عن ترسيمها. ومعلوم أن عبد اللطيف المنوني تحدث للأحزاب عن ترسيم تدريجي للأمازيغية من خلال إصدار قانون تنظيمي يوضح الآليات والإجراءات المواكبة. في هذا الصدد، تباينت مواقف الأحزاب إزاء مسألة ترسيم الأمازيغية، بين من يرى الأمر تسرعا غير محسوب العواقب، ويتطلب تكلفة مالية وسياسية باهظة من شأنها إحداث مشاكل لا تعد ولا تحصى في الإدارات العمومية والقضاء على وجه الخصوص، وبين من يعتبر أن الترسيم التدريجي ممكن، شرط توفر الإمكانيات والإرادة السياسية، ومن يرى أن الأمازيغية لا تتوفر على شروط التأهيل المعرفي، ويتعذر بالتالي ترسيمها. في السياق ذاته، يرى نبيل بنعبد الله أن ترسيم اللغة الأمازيغية ممكن إذا توفرت الشروط والآليات الانتقالية، ويعتبر أن مذكرة الإصلاح الدستوري التي قدمها الحزب للجنة تعديل الدستور، دعت إلى ذلك صراحة. ويرى قيادي اتحادي، رفض الكشف عن هويته، فينظر إلى مسألة ترسيم الأمازيغية بمنظور مختلف، ويدعو إلى أن تكون لغة وطنية لا رسمية، لصعوبة الأمر في ما يخص الفعالية، ويستدل بدساتير دول عديدة اعترفت بلهجاتها كجزء من الهوية الوطنية دون ترسيمها، أما بلجيكا وهولندا فتعيشان، على حد قوله، على إيقاع التقسيم والعنصرية، بسبب اللغات الجهوية. من جانبه، اعتبر عبد الرحمان بنعمرو أن ترسيم اللغة الأمازيغية صعب عمليا اليوم، لأنها لا تتوفر، على حد قوله، على مقومات التأهيل المعرفي. ويرى نائب الكاتب الوطني لحزب الطليعة، في تصريح ل"الصباح" أن الأمازيغية لا تتوفر أيضا على شرط لغة التواصل داخل المجتمع، وتكلفتها المالية باهظة في حال ترسيمها، لأن الأمر سيتطلب على حد قوله، توفر مترجمين في جميع الإدارات العمومية، وإمكانيات هائلة لترجمة أحكام القضاء وكتابتها فضلا عن المرافعات داخل المحاكم، وباقي مناحي الحياة العامة، فالترسيم في حال إقراره دستوريا، في حاجة إلى تفعيل شامل، وإلا فإنه يمكن للمشتكين اتهام الدولة بخرق الدستور، بل وحتى الخطب الملكية، يضيف المصدر ذاته، سيكون مطلوبا، حسب بنعمرو، أن تتلى بالأمازيغية. ويستطرد المتحدث بالقول إن ما يتم تدواله اليوم حول الترسيم التدريجي للأمازيغية بموجب قانون تنظيمي، حسبما هو متداول في المسودة التي عرضها رئيس لجنة تعديل الدستور على الأحزاب، ينم عن الصعوبات المتوقعة لقرار من هذا النوع. ويرى بنعمرو أن دولة مثل فرنسا تعترف بسبع لغات، إلا أن الفرنسية هي اللغة الرسمية بالبلاد، والأمم المتحدة تتحدث عن حماية اللهجات واللغات المحلية دون أن يعني ذلك الترسيم، ويضيف المتحدث نفسه أن الهيأة الأممية تضم حوالي 122 لهجة ولغة، إلا أن ست لغات فقط هي التي جر ترسيمها، ويستدل بنعمر أيضا بالاتحاد الأوربي الذي ينوي التراجع عن ترسيم 23 لغة، بسبب التكلفة المالية الباهظة لذلك، والاحتفاظ بترسيم ثلاث أو أربع لغات أساسية. ويخلص بنعمر إلى القول إنه إذا توفرت شروط التأهيل الثقافي والمعرفي في الأمازيغية وصارت أقوى من العربية، يمكن ترسيمها، إلا أنه يرى أن الأمر يفرض التحلي بالموضوعية بعيدا عن التعصب، فواقع الحال، حسب بنعمر، يجعل من العربية لغة رسمية وحيدة تصلح للمغرب بسبب عوامل الدين والتاريخ وانتشارها الدولي المتنامي.