يرى الكثير من المراقبين أن الحركة الاحتجاجية العارمة بالمغرب التي انطلقت في العشرين من فبراير/ شباط الماضي كانت بفضل جهود الشباب من الجنسين، مؤكدين في الوقت نفسه على أن دور العنصر النسوي كان حاسما في توهج تلك الحركة والدفع بها إلى الأمام، وتابعت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية مشاهد العديد من الفتيات الشابات ذوات الميول اليسارية، وهن يتأبطن مكبرات الصوت وصور الثائر الأرجنتيني "تشي غيفارا"، والكوفيات الفلسطينية تحيط بأعناقهن، ويحضرن الندوات الإعلامية ويُطلقن العنان للتصريحات الصحفية. وتقول أمينة بوغالبي، إحدى الفتيات الشابات اللواتي ذاع صيتهن بشكل لافت خاصة في الأسابيع الأولى من اندلاع المسيرات الاحتجاجية لحركة 20 فبراير، إن انخراطها في فعاليات الحركة لم يكن أول خطوة لها في "درب النضال"، بل تمرست عليه منذ سنوات عديدة. وتنتسب أمينة، التي جمعت بين جمال الوجه وقوة الشخصية، إلى شبيبة حزب الطليعة ذي الإيديولوجية اليسارية، مثل الكثيرات من رفيقاتها الناشطات في الحركة الاحتجاجية ذات الطابع السلمي. ولا يختلف مسار كاميليا روان، في عقدها الثاني، عن بوغالبي، فهي الأخرى كما تقول ل"العربية.نت" إنها "رضعت حبها للمعارك النضالية والحقوقية من صدر أمها التي تنشط بدورها في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان". كاميليا، المناضلة الحسناء التي لا تمل من قصائد درويش وأغاني مارسيل خليفة، تنتمي إلى حزب النهج الديمقراطي ذي الإيديولوجية الاشتراكية الجذرية، وهي لا تتورع في حمل صور الشخصية الثورية "غيفارا". وغير "بوغالبي" و"روان"، هناك فتيات أخريات قاسمهن المشترك يكمن في أحلامهن بغد جديد يقطع مع عهد الفساد والظلم والطبقية الفاحشة؛ وتشترك هؤلاء الشابات في مرجعيتهن اليسارية التي نهلن منها في مراحل تعليمهن أو خلال أنشطتهن في مختلف المنظمات الحقوقية. "مطالب موحدة" وتنشط فتيات ونساء كثيرات من حركة 20 فبراير، ولا يخفين انتماءهن الإيديولوجي والعقدي لبعض التيارات الإسلامية المعروفة، من قبيل جماعة "العدل والإحسان" التي تعد أحد أبرز التنظيمات الإسلامية بالبلاد. وتقول سمية الطالبي، إحدى الناشطات الإسلاميات، إنها تفخر بانضمامها للحركة منذ بدايتها دون أن تندم على قرارها، لكون مطالب الحركة كانت تلائم أفكارها وطموحاتها التي تخص طُرق وأهداف التغيير في البلاد. وتردف سمية بأنها ليست أول مرة تحتك مع المتظاهرين والمتظاهرات في مسيرات احتجاجية، بل سبق لها مرارا أن كانت حاضرة في وقفات ذات طابع حقوقي سواء في الكلية التي كانت تدرس بها، أو في الحراك الاجتماعي الذي تشهده البلاد منذ سنوات. وحول التواجد القوي للعنصر النسائي ذي الخلفية اليسارية في حركة 20 فبراير، أفادت الناشطة الشابة بأنها لا تكترث كثيرا لهذه الفروقات الفكرية والإيديولوجية بينها وبين الفتيات اليساريات، لكون أرضية المطالب موحدة بين كافة الأطياف السياسية داخل الحركة، وأن الاختلافات تظل بدون تأثير ملموس. واستدركت المتحدثة بأن التواجد الإسلامي للفتيات صار أكثر حضورا من ذي قبل داخل المسيرات الاحتجاجية التي تدعو لها الحركة، بخلاف الهيمنة اليسارية التي كانت جلية خلال الأسابيع الأولى. وبالمقابل، توجد العديد من الفتيات المستقلات اللائي حملن على عاتقهن استمرار حركة 20 فبراير، حيث لا يُعرف لهن أي انتماء سياسي، باستثناء انتمائهن إلى عمق المجتمع بالرغم من كون معظمهن آتيات من الطبقة الوسطى المتعلمة بالمغرب. التعليم والوعي وتعليقا على الحضور القوي للنساء في الحراك الاجتماعي الحاصل حاليا بالمغرب من خلال حركة 20 فبراير، يرى الخبير الاجتماعي الدكتور حسن قرنفل أن هذا الوضع يُعزى أساسا إلى عامل التعليم والوعي السياسي المتنامي لهذه الفئة من النساء صغيرات السن. ويشرح قرنفل بأن المستوى التعليمي لهذه الفتيات غالبا ما يكون عاليا وجامعيا، كما أن لهن غالبا تجارب سابقة في الإضرابات أو الوقفات ذات الطابع الحقوقي، الأمر الذي يسر عليهم التفاعل بسهولة مع مجريات حركة شباب 20 فبراير. وتابع بأن الفيسبوك لعب دورا بارزا أيضا في بروز الاتجاه النسائي داخل هذا الحراك الاجتماعي الموجود حاليا، باعتبار أن معظم الفتيات طالبات ويملكن مفاتيح التعامل مع فضاء الانترنت وموقع الفيسبوك الذي كان سببا في قيام بعض الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة سياسية قوية مثل النظام المصري وغيره.