على عكس صورة الفتاة المهووسة بالموضة والأزياء وأخبار المشاهير والنجوم، ظهرن محمولات على الأكتاف بملابس رياضية وقمصان طبعت عليها صور لرمز النضال في العالم الثالث «تشي غيفارا»، رفقة الكوفية الفلسطينية التي تغطي أعناقهن.. يرددن الشعارات ويقدن إلى جانب العنصر الذكوري المسيرات والوقفات الاحتجاجية, التي شهدها 53 إقليما وعمالة بالمملكة منذ مسيرات «الغضب» ليوم الأحد 20 فبراير. إنهن فتيات «حركة 20 فبراير» التي خرجت إلى الشارع للدعوة إلى مباشرة مجموعة من الإصلاحات، من تغيير الدستور وإقالة الحكومة والبرلمان. «المساء» تسلط الضوء على البعض منهن في اليوم العالمي للمرأة في هذا الملف الخاص لتقريب قرائها منهن.
مسيرات 20 فبراير عرفت منذ اليوم الأول لانطلاقتها انضمام قطاعات جماهيرية جديدة , كانت تعلن في كل مرة تأييدها لمطالب الحركة بتغيير الدستور وبمباشرة الإصلاحات التي خرج من أجلها عشرات الآلاف للدعوة إلى تطبيقها بشكل فوري ومستعجل. لم تتأخر مجموعة من القطاعات الاجتماعية في الالتحاق بحركة الشارع ومطالبه، فقد التحقت بعض النقابات، وكذا انضم بعض المثقفين والفنانين والأكاديميين وحتى الصحفيين. وبطبيعة الحال، لم تغب المرأة عن تأثيث المشهد الاحتجاجي لمسيرات يوم الأحد 20 فبراير.. صغيرات وكبيرات، عاملات وربات بيوت، طالبات وموظفات، نساء محجبات أو بدون حجاب، شابات وأمهات وجدَات شاركن في مسيرات 20 فبراير في مختلف مدن المملكة، تلبية لنداء الإصلاحات، غير آبهات بالأذى المتوقع والمحتمل في كل لحظة. فعلى عكس صورة النساء المشهورات دوما بأنهن محبات للتسوق ويصرفن مبالغ طائلة على مواد وعمليات التجميل، من النفخ بكل أنواعه السليكونية والباتوكسية، إلى لوازم الماكياج والبيديكير والمانيكير اليومية.. فلا يتورعن عن صرف المال من أجل شراء الملابس الجديدة، لكن هؤلاء الفتيات وجدن ذواتهن على قدم المساواة مع الرجل في الحراك الذي يعرفه الشارع. لذلك، لم تقتصر مشاركة المرأة على حشد الجمهور للتظاهر والتواجد فحسب، بل بادرت إلى الانخراط في قيادة التحرك. لقد بدت المرأة المغربية متحدثة في وسائل الإعلام، وظهرت وهي تشارك في كتابة اللافتات، وهتفت محمولة على الأكتاف, فتيات جئن ليؤكدن أن المرأة هي نصف المجتمع، وهي «المدرسة التي إن أعددتها جيدا، فقد أعددت شعبا طيب الأعراق» كما قال الشاعر المصري حافظ إبراهيم. فكانت إلى جانب الرجل في المسيرات، وقد أخذت هي الأخرى قسطها من الضرب. فتيات نشرت صورهن على صفحات الجرائد وأخريات تحدثن باسم الحركات في القنوات والتلفزات: أمينة، ووداد، وشهيدة، وكاميليا وسكينة.. وأخريات يمثلن نون نسوة «حركة 20 فبراير».
أمينة بوغالبي .. النضال القادم من الشرق «عندما أقتنع بفكرة معينة أناضل من أجلها بعناد»، هكذا تحدثت أمينة بوغالبي عن نفسها، فهي تلك الشابة «المناضلة»، التي تتشبث برأيها عندما تقتنع بفكرة، ولا يهنأ لها بال حتى تحقق مبتغاها، هو عناد يلمسه فيها أصدقاؤها من المقربين «تكون أمينة عنيدة في بعض الأحيان»، تقول إحدى صديقاتها متحدثة عن أبرز خصالها. لكن العفوية تغلب على تصرفات هذه الشابة، التي تلمست طريق النضال من خلال العمل الجمعوي والحقوقي منذ صغرها. هي عفوية تلمسها من خلال أجوبتها المباشرة، وغير المنمقة، فلا تحاول مجاملة أي شخص إن اختلف رأيه مع قناعاتها. هذه بعض صفات ابنة عاصمة الشرق المغربي، مدينة وجدة. أمينة رأت النور في مدينة بركان قبل أن تنتقل أسرتها إلى مدينة وجدة، حيث واصلت هذه الشابة، 21 سنة، دراستها الأساسية إلى حين حصولها على البكالوريا في شعبة الآداب من ثانوية السلام بوجدة. أمينة فتاة لا يهدأ لها بال حتى تحقق ما تصبو إليه، لذلك ولجت المعهد العالي للإعلام والاتصال لكي تدرس حلم طفولتها، ألا وهو الصحافة. أكثر عنصر أنثوي ظهر من «حركة 20 فبراير»، حتى قبل انطلاق المسيرات، كانت هي أمينة بوغالبي، بعدما تم تداول صورة في المواقع الالكترونية وعلى صفحات الفايسبوك، لعبد العزيز المراكشي يحضن فيها سيدة قيل إنها أمينة، في إشارة إلى أنها من مؤيدي انفصال الصحراء. «وقعت فبركة الصورة التي أظهر فيها كأنني عشيقة لزعيم الانفصاليين، في محاولة لإظهار الحركة على أساس أن لها أهدافا أخرى غير مناشدة التغيير بالمغرب، بغية إبراز أعضاء الحركة كعملاء لجهات خارجية» تقول أمينة. صورة لم تثن هذه الطالبة الصحفية عن المشاركة في الصفوف الأمامية لمسيرات «20 فبراير»، بالرغم من أن هذه الصورة كان لها وقعها السلبي في محيطها، وبالرغم من التهديدات، قبل أن يتبين أن الصورة الأصلية نشرت بجريدة إسبانية، كتب عليها عبد العزيز المراكشي رفقة زوجته. تعتبر هذه المنخرطة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ 2008 أن الصورة تمت فبركتها كرد على ظهورها في الفيديو الذي ظهرت فيه مع بعض أعضاء الحركة وهم يوجهون دعوة إلى الشعب للالتفاف حول مطالب الحركة والنزول إلى الشارع للمشاركة في المسيرات. اهتمام هذه الشابة, التي تعتز بكوفيتها وبالقمصان التي طبعت عليها صور «تشي غيفارا» بالنضال، بدأ بالبروز بعد تشبعها بالقضايا الحقوقية في مرحلة أولى، قبل أن تجد نفسها وذاتها في أفكار تحالف اليسار الديمقراطي، حيث انخرطت في الشبيبة الطليعية لتتوفر على هامش للعمل النضالي الذي يعتبر أن الأحزاب اليسارية هي من توفره. أفكار هذه الشابة، التي تعشق المطالعة، ساهمت فيها نوعية الكتب التي تلتهمها وتدأب على قراءتها، والتي تراوحت بين كتب السياسة إلى الأدب الروسي إلى الشعر الملتزم، تقول إنها تجد متعة في القراءة لعبد الرحمان منيف ونوال السعداوي ومحمد شكري وأحلام مستغانمي ومحمود درويش ومضفر النواب ومكسيم جوركي، مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية، وغابرييل غارسيا مركيز. نشيطة وكثيرة الحركة، هكذا يعرف بعض طلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال بالعرفان رفيقتهم في الدراسة؛ نشاط تستثمره هذه الشابة التي تلقت الشرارة الأولى للنضال من أسرتها، في تبني الدفاع عن حرية التعبير وانخراطها المتواصل في الدفاع عن قضايا المهنة التي حلمت بها منذ نعومة أظافرها، فأمينة العضو في المكتب التنفيذي لمنظمة حرية الإعلام والتعبير، تدافع عن مهنة تعتبرها أداة للفضح ولتوجيه الرأي العام. « الجمال والثورة»، هكذا يحلو لبعض الأصدقاء نعت هذه الشابة، التي تعترف بأنها تحمل هم الشعب المغربي، لذلك فهي تطمح إلى مغرب ديمقراطي ليس ضد معتقدات الشعب المغربي، «نطمح إلى بلد ديمقراطي وليس إلى إسقاط النظام»، تقول أمينة التي تابعت قائلة «لكننا نرغب في التغيير وفي إقالة حكومة عباس الفاسي».
سكينة فواسي.. احتفلت بعيد ميلادها وسط المحتجين احتفلت بذكرى ميلادها وسط الحشود المشاركة في مسيرات 20 فبراير، وعوض أن تطفئ شمعتها الثانية والعشرين رفقة صديقاتها، كما تفعل قريناتها، كانت هذه الشابة منشغلة وقتها بالمسيرات، وهي تردد الشعارات، التي تدعو إلى محاربة الفساد وحل الحكومة والبرلمان ومباشرة الإصلاحات... إنها الشابة سكينة الفواسي، إحدى فتيات «حركة 20 فبراير»، التي رأت النور في نفس اليوم من عام 1989 بمدينة الرباط. فتاة رومانسية وحالمة، لكنها تحلم أيضا كغيرها من شباب وفتيات حركة «20 فبراير»، التي انطلقت من الفايسبوك، بمباشرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، التي خرج من أجلها عشرات الآلاف من المغاربة في مختلف المدن المغربية. انخرطت هذه المجازة في شعبة الاتصالات في العمل الجمعوي منذ نعومة أظافرها، قبل أن تجد نفسها تنساق وراء العمل السياسي، لتنخرط بعد ذلك في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. تدافع عن حرية التعبير وعن مطالب التغيير التي سخرت لها كل ما أوتيت من طاقة, ولم تدخر جهدا في الدفاع عن هذه المطالب، فتراها تشارك في جميع الوقفات المنددة بالتضييق على الصحافة، أو حتى الداعية إلى توسيع هامش الحريات. وكغالبية فتيات «حركة 20 فبراير»، فإنها تستمتع بالأشعار والأغاني الملتزمة، إذ تعشق الاستماع إلى أميمة الخليل والعملاقة فيروز. ورغم تكوينها العلمي تعشق قراءة قصائد محمود درويش ونزار قباني. حسناء الزياني.. ثورية من سوق السبت مقولة «من الأب إلى الابن « ليست فعلا حالة الشابة حسناء الزياتي، التي ظهرت في مسيرة 20 فبراير محمولة على أكتاف الشباب تردد الشعارات باستخدام مكبر الصوت. «بالرغم من أن والدي فاعل سياسي، لكني لم أتأثر يوما بتوجهاته واختياراته» تقول حسناء، 22 سنة. حسناء اختارت التوجه الأيديولوجي والسياسي، الذي يتناسب مع القناعات التي شكلتها، وليس حسب قناعات والدها . فكان انخراطها قبل 5 سنوات في الشبيبة الطليعية، قبل أن تكون من أول الداعين إلى مسيرات 27 فبراير، التي تحولت فيما بعد إلى 20 فبراير. وحتى قبل أن تنضم هذه الشابة، التي تنحدر من سوق السبت، 36 كلم عن مدينة بني ملال، إلى «حركة 20 فبراير»، فقد كانت هذه الطالبة بكلية الحقوق بالرباط مسؤولة بفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقبله في جمعية الطفولة الثقافية، التي انخرطت فيها عن عمر يناهز أربع سنوات. «الثورية» هذا هو اللقب الذي يطلقه جميع معارف هذه الشابة عليها، وهي التي تطمح إلى مباشرة تأهيل المجال السياسي بالمغرب وليس تأهيل المجال الاقتصادي فقط. لم تثنها مضايقات أفراد أسرتها لها ومطالبهم لها بالتراجع عن قرارها القاضي بالمشاركة في المسيرات وحتى في الحركة، ولم تبال بنعت البعض لها بلقب «الحمقاء» بسبب إصرارها على المشاركة. كل شخص يحترم الديمقراطية ويطمح للتغيير هو رمز بالنسبة لها. «لا أبحث عن دور القيادة والزعامة، فما أقوم به واجب». تقول حسناء متحدثة عن الدور الذي تلعبه ضمن «حركة 20 فبراير». من العمل الجمعوي إلى التحزب إلى الاحتجاج، هكذا بدأ مسار عاشقة أغاني مارسيل خليفة وأميمة الخليل، التي تطمح إلى أن يكون المغرب «دولة للحق والقانون، ودولة لحرية التعبير والصحافة». تشبثت طالبة السنة الأولى حقوق بالدفاع عن أهداف الحركة وأهمية تحويل مطالبها من الموقع الاجتماعي فايسبوك إلى أرض الواقع، مؤكدة: «لسنا من هواة الاحتجاج، لكن الظرفية تفرض علينا النضال».
كاميليا روان.. بذور النضال التي انتقلت من الأم إلى البنت من وقفات التضامن مع الشعبين الفلسطيني والعراقي إلى التضامن مع وسائل الإعلام، التي تتعرض من حين لآخر إلى طرق مختلفة للتضييق عليها، إلى مسيرات 20 فبراير... تكون كاميليا روان دائما حاضرة، لا تتخلف عن موعد أي وقفة حقوقية. فالنضال، حسب هذه الشابة، هو الهواء الذي تتنفسه. «لقد تشبعت بمجموعة من المبادئ»، تقول كاميليا روان، التي لا تترد في المشاركة في جميع الوقفات، مرتدية القمصان التي طبعت عليها صورة «تشي غيفارا» والكوفية التي لا تفارق عنقها حتى وهي في باريس. فتاة النهج الديمقراطي تتخذ من المناضلة خديجة الرياضي قدوة لها، وكيف لا وهي التي تربت بين جدران مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.»المناضلة الجميلة»، أو «المناضلة الحسناء»، هذا هو لقب كاميليا في صفوف أصدقائها، في حين أن «مناضلة المدرسة» هو لقب هذه الشابة، التي تواصل دراستها بالسنة الثالثة في مدرسة علوم الإعلام بالعرفان. لقب التصق بهذه الشابة (21 سنة)، لأنه لم يهدأ لها بال حتى أسست ناديا لحقوق الإنسان بالمدرسة، التي تواصل بها دراستها العليا. من يشاهد هذه الشابة في أبهى زينة لها لن يعتقد بأنها نفس الشخص الذي ينتقل بين جنبات حشود الوقفات التي تشهدها العاصمة الرباط وصوتها يصدح بالشعارات. وبالرغم من أن والدتها عضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فهذه الشابة تقر بأن والدتها، التي كانت تصحبها إلى الجمعية، التي ستنخرط فيها فيما بعد، ليست السبب الوحيد الذي دفعها إلى تبني الأفكار النضالية التي تشبعت بها حاليا، فاحتكاكها الدائم بشباب الجمعية كان وراء تكوين القناعات الحالية لهذه الحسناء، التي تعشق تبادل التجارب مع شباب من مختلف الأيديولوجيات. لم تكن كاميليا من بين الشابات اللواتي شاركن في النقاشات والإرهاصات الأولى لتشكيل «حركة 20 فبراير» على الشبكة العنكبوتية، بالرغم من أنها كانت عضوا في الصفحة الفايسبوكية، فكانت تكتفي بالمراقبة، ولكن بمجرد تحول فكرة الحركة إلى أرض الواقع حتى تحولت إلى عضو نشيط على صفحات الفايسبوك، حيث تنقل هذه الشابة، التي رأت النور يوم 9 نونبر 1990 بالرباط جميع أخبار الحركة بجميع المدن المغربية في مواكبة لأبرز الأحداث وآخر التطورات. أغاني الفنانة كاميليا جبران ومارسيل خليفة وأشعار محمود درويش كانت وراء تعلم البنت الكبرى لأسرة روان الدفاع عن أفكار الحرية والديمقراطية، وتشبعت بها، فاعتبرت نفسها بأنها «ولدت لتدافع عن قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية».
شهيدة تيفراز.. شاعرة حركة 20 فبراير من قرية صغيرة بنواحي مدينة الناظور قدمت هذه الشابة إلى الرباط منذ سنوات لتواصل تعليمها، لتتحدى تقاليد قرية لا تعترف بأحقية الفتاة في مواصلة تعليمها، من قرية «تزاغين» قدمت هذه الشابة التي رأت قبل 24 سنة النور بالريف المغربي إلى العاصمة الإدارية للمملكة. فتاة وجدت نفسها تناضل منذ صغرها من أجل انتزاع حقها في مواصلة تعليمها كغيرها من بنات جيلها، «منذ طفولتي وعيت بمبدأ الحق والواجب والحريات العامة» تقول شهيدة، والتي أردفت قائلة: «وهذا يعود ربما لكوني وجدت نفسي بعد السادسة ابتدائي خارج أسوار المدرسة لمدة سنتين، فبين غطرسة مجتمع يرفض تدريس الفتاة وبين حلمي في أن أصبح فتاة متعلمة مثقفة تولد وعيي الأول بالنضال»، «فكانت هناك أسباب كثيرة على وشك أن تمنعني من إتمام دراستي .. من بينها أمية وجهل المجتمع، الفقر، إهمال الدولة للمناطق النائية، عدم جعل التعليم إجباريا»، تقول شهيدة متحدثة عن طفولتها، «هذه الأسباب كلها كنت أراها من الأمور السيئة رغم صغر سني.. فكنت أطمح للبديل, وأعتقد أنه قد حان وقت طرح البديل وتطبيقه على أرض الواقع»، تواصل هذه الشابة التي تعشق الشعر، «ليس لدي انتماء سياسي أو فكري معين غير انتمائي للقيم الفكرية المغربية الأصيلة» ، لكنها انخرطت في «حركة 20 فبراير»، التي تعتبر بأنها جاءت نتيجة تراكم مجموعة من النقاشات بين الشباب في الكثير من المجموعات وساهمت فيه بالأساس الموجات الاحتجاجية التي عرفتها بلادنا في السنوات الأخيرة، خصوصا الاحتجاجات التي واكبت أحداث تونس وتلك الخطابات التفاؤلية التي تجعل من المغرب استثناء مميعا». الحركة، حسب شهيدة، جاءت كرد من هؤلاء الشباب على المتبنين لهذا الخطاب التفاؤلي، حيث كان العنصر النسوي جزءا مهما من أعضاء هذه الحركة «باعتبارنا أبناء هذا الشعب نريد تقدم بلادنا» تقول هذه الشابة، 24 سنة، العاطلة عن العمل رغم حصولها على شهادة جامعية. «حركة 20 فبراير» هي حلم هذه الشابة، التي تعتبر بأن صوت شابات 20 فبراير كصوت شبابه، «أنا فخورة بكون أول انتماء لي كان ل»حركة 20 فبراير»، وكان حلمي دائما بأن أنتمي لجهة تجمع بين كل الأطياف السياسية والفكرية والثقافية. هي أول مولود لعائلة تيفراز، وبالرغم من انخراطها في «حركة 20 فبراير»، لكنها تعتبر نفسها أنها ليست مناضلة، لكنها تحاول أن تكون لنفسها وعيا سياسيا. اختارت الشعر كطريقة ووسيلة للنضال، فكانت مبادئ الحركة ملهمة هذه الشابة في تأليف قصيدة ملتزمة من بين ما تقول فيها: « أيها الحكام ....» «أنا الشعب الأبي فوق جسدي أوشام القهر» «وكلما نظرت إلى كراسيكم زاد قهري»... «هناك وزير يحلبني، وتلك تستنزف خيراتي...» الشعر بالنسبة لشهيدة طريقة اختارتها حتى قبل انخراطها في الحركة كوسيلة للنضال الفردي، فكانت «حركة 20 فبراير» أول نشاط فعلي لها، لأنها كانت تنتظر اختمار أفكارها وتصوراتها قبل الانضمام إلى أي جهة أو هيئة حزبية أو شبيبية، «كنت أخشى من الانضمام لأي تيار مخافة الضجر، خاصة أني كنت أتعاطف مع حزب الاستقلال وعمري 15 سنة، بسبب أحد أساتذتي قبل أن أعرف الوجه الحقيقي لهذا الحزب» تقول شهيدة.
وداد الملحاف.. «عدوة» النضال التقليدي تعتبر من مقولة غاندي: «في البداية يتجاهلونك...ثم يسخرون منك...ثم يحاربونك...ثم تنتصر...» شعارا لها في هذه الحياة. إنها القنيطرية وداد ملحاف، أحد أعضاء «حركة 20 فبراير» . تقول لك بكل وثوقية إنها ليست عضوا في حركة «20 فبراير»، لكن «أنا ناشطة في الحركة»، قبل أن تضيف هذه الطالبة الصحفية مفسرة «الحركة ليست تنظيما بالمعنى التقليدي». لا تحب كلمة تقليدي، حتى في النضال، الذي تعتبره مجرد فوضى منظمة وعفوية، لأن النضالات التقليدية لم تعد صالحة، في ظل الظروف التي تعرفها المنطقة العربية، تقول وداد، قبل أن تضيف «ما كاين ما احسن من أن الواحد يطالب بحاجياته». كانت أول المشاركين في مسيرة 20 فبراير بمسقط رأسها القنيطرة، لتوفر تغطية حية للمسيرة على الموقع الاجتماعي فايسبوك لحظة لحظة، منذ اللحظات الأولى لتجمع المشاركين إلى الوقت الذي انفضت فيه المسيرة. فهذه الشابة غادرت الحي الجامعي السويسي الثاني بالرباط، حيث تقطن منذ قدومها للدراسة بالرباط منذ ثلاث سنوات، محملة بالحاسوب الشخصي من أجل تغطية المسيرة بالقنيطرة. ورغم أنها تعيش فقط رفقة أمها بعد وفاة الوالد، فقد نزلت إلى الشارع لتكون رفقة أصدقائها بالرغم من أن والدتها تحفظت في البداية خوفا على إصابة ابنتها بمكروه، لكنها رضخت في النهاية لرغبة وحيدتها. «أمي كان لديها تخوف في البداية لكنها لم تمنعني» تقول وداد. بعيدا عن أي حسابات حزبية، قد تكون «ضيقة»، اختارت طالبة السنة الثالثة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال تبني مبادئ حركة «20 فبراير» منذ البداية، «بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة عند كل الشعوب، تبنيت أفكار الحركة. منذ البداية لم يكن لدي أي تحفظ على أي مطلب.. تبنيتها لأنها نابعة من معاناة الشعب في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية» تقول وداد، التي درست البيولوجيا قبل أن تلتحق بدراسة الصحافة. قبل أن تضيف أن «التجارب العربية أبانت عن أنه لا شرعية فوق الشرعية الشعبية»، لكن الحقيقة أن هذه الفتاة (22 سنة)، ليست منضوية تحت لواء أي حزب، وإنما هي جزء من حركة اسمها «حركة 20 فبراير». «أنا مستقلة ماعنديش انتماء سياسي» تقول هذه الشابة التي تقضي في الآونة الأخيرة وقت فراغها في التنقل بين أمكنة الاحتجاج ما بين العاصمة الرباط ومسقط رأسها. ليست الموسيقى الملتزمة أو حتى الانحدار من أسرة مناضلة من كان السبب وراء انخراطها في الحركة، وإنما معاناة الشعب التي تتشاطرها هذه الشابة، التي تحب المطالعة والاستماع إلى الموسيقى, مع جميع المغاربة. هذه الشابة عينت نفسها مراسلة للحركة بمدينة القنيطرة، فلا تتخلف عن توفير تغطية حية ومباشرة للوقفات والمسيرات التي تشارك فيها بالقنيطرة. فبمجرد مغادرة هذه الشابة قاعات الدرس، يبقى شغلها الشاغل هو تسليط الضوء على آخر تطورات ما يقع في المغرب وما يحدث في الدول المجاورة.....إسهاب في الصور وفي الفيديوهات والأخبار العاجلة التي تتهاطل على الصفحة الشخصية ل «ودود» كما يحلو لأصدقائها المناداة عليها حتى الساعة الأولى من صباح اليوم الموالي منذ بداية ربيع الديمقراطية بالعالم العربي.