بل هي، أيضا، مناسبة لزائرات من نوع خاص، اعتدن على التوجه إلى المعرض كل سنة، ليبحثن عن "زبناء" من نوع خاص، وليس عن كتب نادرة، في الأروقة المخصصة للعارضين من بلدان الخليج والمشرق العربي. فتيات في مقتبل العمر، يعرضن أجسادهن باحترافية، وبأشكال تلفت الانتباه إليهن. كانت الساعة تشير إلى الخامسة من مساء الجمعة الماضي، تحت سماء ملبدة بالغيوم، وتسارع للراجلين وزوار المعرض، وأمام الباب الرئيسي للمعرض الدولي للكتاب، وقف حارسان من الأمن الخاص، تجعل بنيتهما الجسدية القوية وملامح وجهيهما العبوسين كل من يفكر في "السليت" والمرور إلى أروقة المعرض، يعيد التفكير في المغامرة عشرات المرات، ويفضل مغادرة المكان في صمت. بعد دقائق، تقدم شابان أنيقان، وأب وأم وابنتهما الصغيرة، التي علت وجهها السمح ابتسامة بريئة، حاول الصديقان والأسرة الولوج إلى المعرض، لكن حارس الأمن وجههم بغلظة إلى "الباب الآخر". عاد الجميع أدراجهم، بتأفف واستياء، ليتوجهوا نحو "الباب الآخر"، المخصص للعموم. أثناء ذلك، تنزل فتاة، في عقدها الثاني، من سيارة أجرة صغيرة، تتوجه، بخفة ورشاقة، نحو الحارسين، بلباس أسود، كشف تضاريس جسدها. لم يقاوم الشابان إثارة الفتاة، ووقفا لأخذ نظرة خاطفة، بينما واصلت الزائرة تقدمها بكعب عال، وابتسامة صفراء، كانت بمثابة مفتاح، أزاح العوائق من طريقها، وغيرت به عبوس رجلي الأمن، ليفسحا لها الطريق نحو أروقة المعرض. بعد عشرين دقيقة، ظهرت صاحبتنا وهي تتجول بأنفة وخفة دم في أرجاء المعرض، قرب الجناح المخصص للعارضين العرب، تحمل كيسين بلاستيكيين فيهما كتابان، وفي نقطة تقاطع لممرات المعرض، تبادلت نظرات فاحصة مع عارض من أحد البلدان الخليجية، يبدو في العقد الرابع من العمر، بهندام رسمي، رفقة عامل مغربي. بعد لقاء مطول، تبادل فيه الطرفان نظرات فاحصة، واصل العارض وزميله سيرهما، وغيرت الزائرة وجهتها، لتتقدم نحو الاثنين. بعد خطوات قليلة عقب تبادل النظرات، توقف العارض الخليجي بإشارة من ذات "الابتسامة الصفراء"، تبادلا كلمات قليلة، ثم أخرج هاتفه المحمول من جيبه، وأخذ يبحث فيه، وبجرأة، تسللت أنامل الفتاة نحو يديه، وأخذت هاتفه المحمول، وشرعت في رقن أرقام هاتفها الخاص، ثم بادلته الابتسامة "الصفراء"، وواصلت سيرها نحو "زبون جديد"... عفوا، رواق جديد.