قتل شخصان وأصيب أربعة عشر شخصا في الاشتباكات التي شهدتها مدينة بنغازي يوم الثلاثاء، واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع، ومدافع المياه والرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين حاصروا مديرية الأمن في منطقة الهواري. انطلقت المظاهرة بعد اعتقال المحامي فتحي تربل، منسق رابطة أهالي ضحايا مذبحة سجن أبو سليم، بالإضافة إلى اعتقال اثنين من أعضاء منسقية الرابطة، وهما فرج الشراني، وفتحي بوخريص، على إثر إصدار الرابطة لبيان أعلنت فيه "إيقاف جميع الاتصالات مع أجهزة الدولة، والاستمرار في تنظيم الوقفات الاحتجاجية الأسبوعية". الإفراج عن محامي ضحايا بوسليم جاء هذا التطور بسبب فشل الاجتماعات التي عقدتها منسقية الرابطة مع عدة جهات في الدولة، لتلبية مطالب أهالي الضحايا، وجاء في البيان: "وحيث أننا لم نلمس أي نتيجة تذكر من هذه الاتصالات ما عدا بعض الحلول في الملف الإنساني الخاص بأهالي شهداء مذبحة بوسليم مع كثرة الوعود بإجراء تحقيق عادل ومستقل في ملف القضية وتلبية مطالب الأهالي التي لم يستجب لها حتى الآن. ونحن نعتقد أن ذلك نتيجة لغياب الإرادة السياسية والمراهنة على عامل الوقت في كسر صمود وعزيمة أهالي الشهداء، ويبدو ذلك واضحاً من خلال تسليط القيادات الشعبية وبعض الأقارب لممارسة ضغوط نفسية واجتماعية على أهالي الشهداء للقبول بالتسوية المالية التي تفرضها الدولة". يذكر أن هذه الرابطة تحاول معرفة مصير 1200 سجين ليبي قتلوا جميعا في ليلة واحدة في يونيو من عام 1996. وفي وقت لاحق تمكن المعتصمون أمام مديرية الأمن من إجبار السلطات على إطلاق سراح المعتقلين، فتوجهوا نحو مركز المدينة، وتمكنوا من استقطاب المزيد من المتظاهرين من كل الأحياء التي مروا بها. وتقدر المسافة بين مديرية الأمن ووسط المدينة بحوالي 10 كلم، وعندما وصلوا إلى حي سيدي حسين قدر عددهم بحوالي ألفي متظاهر، وعندما وصلوا إلى الميدان الذي كان به ضريح شيخ الشهداء عمر المختار، قبل أن يتم نقل رفاته إلى مدينة سلوق حيث أعدم، واجههم عدد كبير من اللجان الثورية والبلطجية الملثمين، ورجال أمن بملابس مدنية، متسلحين بالسيوف والهراوات وبنادق الصيد البحري، ولكن المتظاهرين تمكنوا من هزيمتهم وتفريقهم. وبعدها اتجه المتظاهرون نحو ميدان الشجرة حيث مقر القنصلية الإيطالية، التي قتل أمامها عدد من المتظاهرين يوم 17 فبراير 2006، وهو اليوم الذي اختاره النشطاء الليبيون ليكون يوم الغضب الليبي، وهناك تغيرت الهتافات من "نوضي نوضي يا بنغازي جاك اليوم اللي فيه تراجي"، أي انهضي انهضي يا بنغازي جاءك اليوم الذي تنتظرينه"، إلى "الشعب يطالب بإسقاط النظام"، و"يا قذافي عدي لجدة الشعب الليبي واصل حده"، في إشارة إلى مدينة جدة السعودية التي لجأ إليها الرئيس التونسي السابق بعد أن أطاحت به انتفاضة شعبية الشهر الماضي. تحركات في عدد من المدن في شارع جمال عبد الناصر اصطدم المتظاهرون بتجمع لأعضاء في اللجان الثورية، كان يقفون أمام المثابة الثورية، وتمكن المتظاهرون من صدهم بسهولة قبل أن تتدخل قوات الدعم المركزي، التي استخدمت سيارات سريعة لتفريق المتظاهرين، على غرار ما حدث في مدينة السويس المصرية، كما استخدمت مدافع المياه والقنابل المسيلة للدموع، ورد المتظاهرون بقذف قوات الأمن بالحجارة، واستمرت المعركة حتى الساعات الأولى من فجر الأربعاء. وأفادت تقارير بأن الكاتب إدريس المسماري أعتقل، بعد أن هاجمت قوات الأمن بيته، وكسرت الباب الحديدي وروعت عائلته، وذلك بعد أن تحدث من قلب المظاهرة إلى قناة الجزيرة. واعتقل أيضاً قبل المظاهرة الناشط على الفيس بوك رجب الكوافي، ولم يعرف حتى الآن عدد المعتقلين خلال المظاهرة. وأفادت أنباء من ليبيا اليوم، أن متظاهرين تجمعوا اليوم في شارع ميزران في قلب العاصمة الليبية طرابلس، لمواجهة التظاهرة التي دعا إليها النظام. وأفادت الأنباء بتحركات في منطقة ورفلة المعروفة بالعداء للنظام، وأن السلطات أرسلت قوات لمحاصرة المنطقة. وتواترت أنباء عن تحركات شعبية في كل من مدينة زليتن ومصراته شرق طرابلس. وفي هذه الأثناء قطعت خدمات الهاتف المحمول في كل أنحاء البلاد، ويتوقع قطع خدمات الانترنت، كما يتوقع اليوم إطلاق سراح 110 من سجناء الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي خاضت اشتباكات مسلحة ضد قوات الأمن خلال منتصف التسعينات. القذافي يغادر طرابلس على عجل ويبدو أن العقيد القذافي لن يشارك اليوم في وضع الأساس لملعب نادي الأهلي الطرابلسي كما كان مخططا، فقد أفادت أخر الأنباء على صفحات الفيس بوك، بأنه غادر طرابلس إلى مدينة سبها جنوب ليبيا، وشوهد موكبه يغادر باب العزيزية تحت حراسة مشددة. وتكون الموكب من عدد كبير من السيارات العسكرية السريعة، التي تحمل مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك الرشاشات المضادة للطيران. ويتوقع أن يخرج المتظاهرون يوم غد الخميس في معظم المدن الليبية، وفقا للنداء الذي وجهه الناشطون على الفيس بوك. ولا يستبعد مراقبون أن يكون يوم غد يوما داميا في ليبيا، وذلك بسبب الاحتقان الشديد، بعد 41 عاما من حكم العقيد القذافي الذي لم يسمح أبداً بأي شكل من أشكال المعارضة.