بدأت الجزائر بضخ الغاز في أنبوب 'ميدغاز' الرابط بين غرب الجزائروجنوب الأندلس، وبهذا تصبح المزود الرئيسي لإسبانيا بهذه المادة، في حين يعتبر الخبراء أن هذا سيحمل معه تبعات سياسية بسبب ارتهان هذا البلد الأوروبي للغاز الجزائري بشكل كبير. ونظرا لارتفاع الطلب على غازها، قررت الجزائر، رفقة اسبانيا في بداية العقد الجاري، إنشاء أنبوب غاز جديد يربط بين بلدة سطيف غرب الجزائر وسواحل ألمرية جنوب شرق الأندلس على امتداد 210 كلم والذي سيصدر سنويا قرابة ثمانية مليار متر مكعب وكلف بناؤه 900 مليون يورو. وساهم في تشييد هذا الأنبوب الشركة الجزائرية سونتراش ب 36' وسيبسا ب 20' وإيبردرولا ب 20' وإنديسا ب 12'، وهي شركات اسبانية ثم شركة غاز فرنسا ب 12'. وتتلقى اسبانيا عبر أنبوب آخر جرى تشييده في التسعينيات وينطلق من الجزائر عبر المغرب ثم اسبانيا عبر مضيق جبل طارق، تسعة مليارات متر مكعب من الغاز، وبهذا يكون مجموع ما ستستورده اسبانيا من الجزائر في المستقبل القريب 17 مليار متر مكعب من الغاز، أي ما يشكل 40 ' من مجموع احتياجات اسبانيا من الغاز. ونظراً للطابع السياسي الذي بدأت تتخذه الطاقة جيوستراتيجيا كسلاح للضغط، بدأ الكثير من المحللين يعتبرون أن الاعتماد بشكل كبير على الغاز الجزائري ليس بالعمل الصحيح سياسيا. وكتبت جريدة 'لفنغورديا' خلال نهاية الأسبوع الماضي في مقال بعنوان 'الجزائر تعزز من موقعها في خريطة الطاقة الإسبانية بفضل ميدغاز' أن تشييد الأنبوب الجديد سيجعل اسبانيا حبيسة طاقة الجزائر من ناحية الأسعار وكذلك التزود بهذه المادة. وترى أن سيطرة الجزائر على 17 مليار متر مكعب من احتياجات اسبانيا من الغاز يشكل احتكارا حقيقيا. وهناك معاهد ومؤسسات اسبانية تحذّر من هذا الوضع الجديد، أي الارتهان للغاز الجزائري. وكان معهد ريال إلكانو للدراسات الاستراتيجية التابع للحكومة الإسبانية قد أنجز تقارير يؤكد فيها أن اسبانيا لا تجمعها علاقات مستقرة مع دول المغرب العربي وخاصة المغرب والجزائر، ولهذا لا يجب أن تربط احتياجاتها من الغاز والبترول بالجزائر. وكانت المخابرات الإسبانية قد زكت هذه التقارير سنة 2007 عندما أنجزت ملفا جرى تسريبه للصحافة يفيد بأن الجزائر تستعمل ورقة الغاز ضد اسبانيا حتى تغير موقفها من نزاع الصحراء الغربية لصالح البوليزاريو بدل التعاطف مع مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل للنزاع. وفي الوقت ذاته، كانت حكومة مدريد قد أعربت عن قلقها سنة 2008 عندما فكرت روسيا وقطر والجزائر في إنشاء أوبيك خاص بالغاز للتحكم في أسعاره، حيث اعتبرت الخطوة موجهة ضد الاتحاد الأوروبي ومن ضمنها اسبانيا.