دفعت عدوانية أجهزة الأمن الإسبانية على الحدود مع مليلية المحتلة الكثير من منظمات المجتمع المدني في مدينة الناظور إلى التساؤل حول الخلفيات التي تقف وراء السلوكات العدائية للإسبان تجاه المغاربة، والتي تتجسد في اعتدائهم المتكرر على مواطنين. وعلمت «المساء»، من جمعيات في المنطقة، أن حالات الاعتداء الجسدي وصلت إلى 6 حالات خلال الشهرين الأخيرين، كان آخرها ضرب مواطن، أول أمس الاثنين، لحمله علبة بلاستيكية داخلها كمية من السردين!.. وتحدثت تلك الجمعيات عن أن للاعتداءات الإسبانية المتكررة دلالات مهمة «فهي تركز على ضرب المواطنين، بشكل مباشر، إلى جانب منعهم من إدخال العلم الوطني المغربي إلى المدينةالمحتلة». وطالب ناشطون جمعويون في الناظور الخارجيةَ المغربية بتصعيد الموقف مع نظيرتها الإسبانية، موضحين في اتصال مع «المساء» أن «الاكتفاء بسياسة التنديد والبيانات الاستنكارية يشجع المتورطين في الأمن الإسباني على التمادي في عنفهم واعتدائهم على المواطنين المغاربة». وقد نظمت بعض تلك الجمعيات، في مناسبات متعددة، مبادرات لإغلاق الحدود مع مليلية المحتلة، مجبرين الإسبان الراغبين في الدخول إلى الناظور على الوقوف عند الحدود وعدم إدخال أعلام إسبانية إلى البلاد. وقد استدعت وزارة الخارجية المغربية، صباح أول أمس، لويس بلاناس بوتشاديس، سفير إسبانيا في الرباط، وعبَّرت له عن «الاستياء القوي لحكومة صاحب الجلالة، عقب اللجوء مجددا إلى الاستعمال غير المقبول للعنف الجسدي ضد مواطنين مغاربة في نقطة العبور في مدينة مليلية المحتلة». وحسب بلاغ الوزارة، فإن الاعتداء الجسدي الشنيع للشرطة الإسبانية على المواطن المغربي «مصطفى بلحسن»، الذي تم نقله إلى مستشفى مدينة مليلية على إثر تعرضه للضرب وإصابته بجروح، غير مقبول و«حكومة صاحب الجلالة تدين بشدة مثل هذه التصرفات التي تحط من الكرامة الإنسانية وتتعارض مع جميع الأخلاقيات، والتي تنطلق من أسس عنصرية واضحة». ولم يستبعد مراقبون أن تتسبب الاعتداءات الإسبانية في توتير الموقف بين الرباط ومدريد، على الرغم من أن وجود الحزب الاشتراكي على رأس الحكومة قد يساعد على تفادي المواجهة، بوضع حد لعدوانية الشرطة على الحدود مع مليلية المحتلة. وكانت النقطة الحدودية في باب مليلية قد شهدت، يوم الجمعة 16 يوليوز الأخير، اعتداءا مماثلا في حق خمسة شباب من أفراد الجالية المغربية المقيمين بالديار البلجيكية، حيث فاجأتهم العناصر الأمنية الإسبانية بالضرب والرفس والسب والشتم، لا لشيء، إلا لكونهم يحملون داخل سيارتهم علما مغربيا!.. وقد تزامن الحادث مع تمزيق تلك العناصر جوازَ سفر مغربي، إلى جانب ختمهم مجموعة من جوازات السفر بطريقة غير قانونية وتتضمن عبارات عنصرية لمنع المغاربة من الدخول إلى مليلية المحتلة. ويحمل المواطنون الخمسة الذين تم الاعتداء عليهم الجنسية المزدوجة المغربية والبلجيكية، حيث يتابعون دراستهم في بروكسيل وكانوا عائدين إلى بلادهم، للاستمتاع بعطلتهم الصيفية، برفقة عائلاتهم. كما سبق للمواطن كريم لغظف، الذي كان مرفوقا بوالدته، أن تعرض لممارسات مماثلة في 29 يوليوز الماضي، عند نقطة العبور نفسها في مدينة مليلية المحتلة. وعلمت «المساء» أن المواطنين الخمسة ومواطنين آخرين تم الاعتداء عليهم سيرفعون دعاوى قضائية ضد قوات الأمن الإسبانية، على أمل وضع حد لهذه الظاهرة الملفتة والتي تنذر بتأزم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.