كثيرا ما نجد مسئولينا في كل اللقاءات التربوية يلحون على ضرورة الرفع من وتيرة خدمة فلذات الأكباد، والاستماتة في اعطاء اجمل ما لدينا بغرض الرفع من مستواهم التعليمي، وكثيرا ما نجد تقريرات المفتشين تتخللها عبارات من قبيل:.... لكن ينبغي على الاستاذ ان يفعل كذا وكذا،دون ان يكون للمدرس الحق في الكشف عن معاناته داخل قسم يفوت تعداد “سكانه”خمسون تلميذا او يزيد بقليل، وقد تعود الأستاذ على الرد بالإيجاب على المسؤول ليجنب نفسه النقاش العقيم الذي يدخل فيه مع هذا المسؤول او ذاك ويعود الى قسمه ليواصل مشواره مع تلامذته بالطريقة التي يراها مناسبة له، ومتناغمة مع الجو التربوي داخل الفصل الدراسي. ان المعيقات التي تعتري الاستاذ وتجعله يشتم ذالك اليوم الذي اختار فيه ان يكون مدرسا لاتعد ولا تحصى ومن ذلك الاكتظاظ الذي اصبح السمة المميزة لعهد المخطط الاستعجالي، ولايقف الامر عند حد الاكتظاظ بل يتجاوزه الى عديد من السلوكات الصادرة من التلاميذ انفسهم، او المكلفين بادارة شؤون المؤسسة، فمن جهة التلاميذ يجد الاستاذ نفسه مجبرا على قضاء عشرين دقيقة حتى يكتمل عدد التلاميذ، وخلال هذه الفترة ينادي تلامذته كل واحد باسمه ليتاكد من حضور الجميع وليتفادي كل محاسبة تتعلق بغياب تلميذ من التلاميذ، ولا يبقى امامه من وقت سوى 25دقيقة بالكاد ليعالج فيه درسا صمم اساسا ليعالج في 55دقيقة، ولايجد الاستاذ عندئذ امامه من سبيل لانهاء درسه غير القفز على مجموعة من النقط والتي تكون احيانا محورية حتى يتسنى له انهاء الدرس في الوقت المحدد له، هذا اذا مرت الحصة في ظروف طبيعية ما لم يتخللها شغب من هنا وهناك، كرنين هاتف محمول او صوت غريب صادر ممن اذهب المعجون عقله، او حركة مستفزة من تلميذ لم يحل له ان يظهر بطولته وزعامته للمشاغبين الا في حصة الدرس، فيدخل الاستاذ في صراع مفتوح مع التلميذ من جهة ومع الضوابط القانونية من جهة ثانية ومع الادارة التربوية من جهة ثالثة، ويكون امام خيارات صعبة، فان هو ترك الامر يمر ففي ذلك تشجيع للمشاغبين بابتكار اساليب اخرى تعكر الجو داخل القسم، فيتضرر بذلك الاستاذ وكل تلميذ مجد، او اخراج التلميذ من القاعة مع ما قد يترتب عن هذا الاخراج من نتائج سيئة في علاقة التميذ بالاستاذ، او تبعات هذا الاخراج من الناحية القانونية، او استدعاء الادارة لفرض القانون، وقد يصادف الاستاذ اداريا ليس له من صفات الادارة غير الاسم فقط، وقد يصادف الاستاذ حارسا عاما يصرح له علانية بعجزه عن فعل شيئ، بدعوى انه لايستطيع القيام بعمل من شانه ان يجلب عليه غضب التلاميذ...... امام كل ذلك لايكون امام الاستاذ الا مجاراة التيار، وسلوك دروب تجعله يخرج من الحصة باقل الخسائر حتى وان كان ذلك على حساب التلاميذ،لما تعيشه المؤسسة التعليمية في الوقت الراهن من تسيب وصل حد تهديد الاستاذ باسوء العواقب خارج المؤسسة ان هو لم يعط للتلميذ نقطة جيدة، فيكون هذا الاخير بين نارين نار ما قد يتعرض له في غفلة من الزمن، وسوف لن يجد الا من يطالبه بتجاوز الامر لان التلميذ في نهاية الامر مراهق، وكيف يرجى العقل من امثاله،ونار التعامي عن المنكرات والسكوت عن الحق وعندئذ بماذا سيواجه به وخز الضمير في هذه الحالة. ان الحالة التي وصلت اليه المؤسسة التعليمية من تسيب بشهادة كل الفاعلين التربويين، اباء واساتذة واداريين و مسؤولين على مستويات عليا تفرض ايجاد حلول ناجعة لكبح جماح هذا التسيب قبل ان يصل الى العصف بكل ماهو تعليمي وتربوي،تحت سمعنا وبصرنا ونحن مشلولين عن فعل اي شيئ يعود بالامور الى مسارها الصحيح، ان هذه المهمة لايمكن لجهة واحدة تحمل عبئها بل يجب ان تتضافر جهود الاستاذ والاداري الى جانب اولياء الامور، لوضع خطط تمكن الجميع من اصلاح الوضع، كما ينبغي ان يجعل المخطط الاستعجالي ضمن اهدافه العودة بالمدرسة المغربية الى سابق عهدها، لتلعب الدور المنوط بها، ولتكون بحق في مستوى التحديات التي تواجه الجانب التربوي في بلدنا وتتعاطى مع كل المستجدات بصورة ايجابية، وليس ذلك بصعب على اناس نذروا انفسهم لخدمة التربية والتعليم في بلدنا الحبيب. بقلم عبد الرحيم البوزيدي