ملاحظات أولية حول موضوع الامتحان الجهوي الموحد للبكالوريا في مادة التاريخ والجغرافيا بجهة فاس- بولمان كلما حل موعد الامتحانات الموحدة الوطنية والجهوية يعود الى واجهة النقاش في الساحة التربوية موضوع مواضيع هذه الامتحانات ومدى احترامها للمذكرات والاطر المرجعية ذات الصلة، وكذا مدى فعاليتها ومصداقيتها في تقويم القدرات والمهارات الحقيقية للمتعلم. ورغم ان هذا الموضوع كثيرا ما يثار في النقاشات البينية وفي اللقاءات التربوية والتقارير التي تعقب عملية التصحيح كل سنة، يظل الوضع على حاله وتستمر االكثير من الاختلالات التي يتم رصدها والتنبيه إليها. ولإلقاء مزيد من الضوء على هذه القضية آثرت إبداء جملة من الملاحظات الاولية حول موضوع الامتحان الجهوي الموحد للبكالوريا في مادة التاريخ والجغرافيا بجهة فاس بولمان لهذه السنة(مترشحون رسميون). 1- على مستوى الشكل: عموما احترم موضوع الامتحان الشكل العام المطلوب توفره في بناء مواضيع الامتحانات الجهوية الموحدة، حيث تضمنت الوضعية الاختبارية في مادة التاريخ إنتاج مقال تاريخي اختياري بين موضوعين فيما تضمنت الوضعية الاختبارية الخاصة بمادة الجغرافيا الاشتغال على أربعة وثائق(جدول وثلاثة نصوص). 2- على مستوى مضمون الوثائق: يوجد ارتباط واضح بين مضامين مختلف الوثائق، حيث تعالج جميعها مشكل الماء بالمغرب والعالم العربي من جوانب معينة، لكن الوثيقة المثيرة للنقاش هي تلك التي كانت على شكل جدول، حيث تضمنت هذه الاخيرة أخطاء لا يكمن قبولها في فرض كتابي محروس فبالأحرى ضمن امتحان جهوي للبكالوريا. الوثقية 3: حسب عنوان الوثيقة فموضوعها هو "نصيب أقاليم بالوطن العربي من الامطار" لكنها في الحقيقة لا تتضمن أسماء أقاليم بل مجموعات دول، ثم إن صيغة العنوان توحي بأن الامر يتعلق بجزء من العالم العربي لكن مجموع الحصص/النسب المائوية المتضمنة في الوثيقة هو 100 % مما يوحي بتغطية معطيات الوثيقة لكل العالم العربي، وهو ما لا يكمن التسليم بصحته لكون الجدول لا يتضمن كل البلدان العربية بل فقط 15 من بين 22 دولة. 3- على مستوى الأسئلة: دون الخوض في المعايير التي يجب توفرها في السؤال، يمكن إبداء الملاحظات التالية حول الاسئلة الموجهة لاشتغال التلميذ على الوثائق الجغرافية: حول مدى احترام الاسئلة للأطر المرجعية المنظمة للإمتحان الجهوي الموحد: تنص الاطر المرجعية المنظمة لبناء الامتحان الجهوي الموحد على ان تكون مكونات الوضعية الاختبارية، حالة اختيار الاشتغال على الوثائق في مادة الجغرافيا، على الشكل التالي: - بناء أدوات التعبير المباني أو الخريطي أو تقديم وثيقة:إنجاز مبيان/توطين معطيات جغرافية على خريطة/وضع الوثائق في سياقها العام وتحديد معاني بعض المفاهيم والمصطلحات الواردة في الوثائق - استثمار الوثائق الجغرافية والمكتسبات المعرفية لانجاز عمليات فكرية تخص: الوصف الجغرافي،التفسير الجغرافي/التعميم الجغرافي وبالرجوع الى الاسئلة المرفقة للوثائق الواردة في الامتحان موضوع نقاشنا، يلاحظ وجود خرق واضح للأطر المرجعية، فالسؤال الأول يطلب من التلميذ تركيب الفكرة الاساس للوثائق مع أن هذا المكون غير وارد على الاطلاق في الاطر المرجعية، والسؤال الثاني يطلب تعريف مصطلحات مع أن هذا المكون، إن وجد يجب، أن يكون مع تحديد السياق العام للوثائق، كما أنه لايمكن حسب الاطر سابقة الذكر إجتماعه مع مكون تحويل معطيات إحصائية الى مبيان. حول القدرات التي تستهدف قياسها: إذا استثنينا السؤال "3″ الذي يطلب تحول معطيات الجدول الى مبيان فباقي الاسئلة عموما تستهدف قياس قدرات معرفية بحتة بل مستويات دنيا للقدرات المعرفية، فيما التوجيهات التربوية لا تفتأ تؤكد على ضرورة الاهتمام بتنويع القدرات المستهدفة وتجاوز الاهتمام بالمعرف البسيطة الى الاهتمام بتنيمة قدرات المتعلم على مستوى التحليل والتركيب وإبداء الرأي وتعزيز التفكير والاتجاه النقدي لديه. 4- على مستوى سلم التنقيط: باستثناء توزيع النقط بين مادتي التاريخ والجغرافيا، لم يحترم موضوع الامتحان توزيع النقط المنصوص عليه في الاطر المرجعية،فقد خصص نقطة واحدة لسؤال لا أصل في هذه الاطر(السؤال 1)، ومنح ما مجموعه 5 نقط (السؤالان 2 و3) لمكون لا يجب ان تخصص له حسب نفس الاطر أكثر من 3 نقط(مبيان أو خريطة أو سياق عام وشرح مفاهيم). خلاصات عامة: هذه الملاحظات وغيرها تدفع الى الخروج بعدة خلاصات عامة حول هذا الموضوع وموضوع الامتحانات الموحدة عموما، يمكن إجمالها كما يلي: وجود تناقض واضح بين توجيهات تربوية رسمية تدعو الى الاهتمام بتنمية قدرات التلميذ وتنويعها ومواضيع امتحانات تتضمن وضعيات اختبارية تنزل بتلك القدرات الى مستوى الابتذال أحيانا. وجود تناقض غير مبرر بين أطر مرجعية ومذكرات تحدد ضوابط ومعايير دقيقة ومساطر معقدة لصياغة وإعداد الامتحانات الموحدة للبكالوريا وبين وضعيات اختبارية لا نكاد نجد لها رابطا بتلك المرجعيات أحيانا. إذا كانت اقتراحات وملاحظات هيأة التدريس لا تراعي ولا يؤخذ بها في بناء مواضيع الامتحانات الموحدة، فما الفائدة من إشغالهم بمذكرات تدعوهم الى المشاركة في إعدادها وتحثهم على بذل الجهد في اقتراح مواضيع هذه الامتحانات. من حق المدرس التساؤل حول الجدوى من تمرين المتعلم طيلة السنة على منهجية التعامل مع الفروض الكتابية والامتحانات الموحدة وفق أطر مرجعية وتوجيهات رسمية لا يحترمها واضعو هذه الامتحانات. ملاحظات أولية حول موضوع الامتحان الجهوي الموحد للبكالوريا في مادة التاريخ والجغرافيا بجهة فاس- بولمان ذ محمد النية- ثانوية محمد السادس(صفرو)