مشرع بلقصيري.. توقيف شخص بحوزته 922 قرصا مخدرا من بينها 522 قرص مهلوس من نوع "إكستازي" و400 قرص مخدر من نوع "ريفوتريل"    أخنوش: الحكومة تواصل تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية إصلاح التعليم بمسؤولية    الناظور.. الأمن يوقف شخصين يشتبه في تورطهما في ترويج المخدرات وتنظيم الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والاختطاف والاحتجاز والنصب والاحتيال    المهرجان الدولي للسينما بدبلن يحتفي بالسينما المغربية    عبور البضائع بين الناظور ومليلية بلا موعد جديد بعد مرور 16 يومًا على أول عملية    اتحاد طنجة ينفي يوجد تزوير في مستحقات لاعبه السابق يوسف بنعلي    أزمة قانونية تتسبب في توقيف عملية التصويت على تعديلات قانون الإضراب بمجلس المستشارين    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الإنخفاض    بوريطة يجدد التأكيد على الموقف الثابت للمملكة في دعمها لمجلس القيادة الرئاسي كسلطة شرعية في الجمهورية اليمنية    وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني يؤكد حرص حكومة بلاده على تحقيق السلام في البلاد    مؤجلا الجولة 19 من الدوري الاحترافي الأول .. نهضة بركان يسرع خطاه نحو التتويج الأول والرجاء يواصل نزيف النقط    "اختراق إسرائيلي" يستهدف "واتساب"    وقفات بالمدن المغربية تضامنا مع الفلسطينيين ومواطنون يؤدون صلاة الغائب على قادة المقاومة    "النجم الشعبي" يستحق التنويه..    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    غياب لقاح "المينانجيت" يهدد بحرمان العديد من المغاربة من أداء العمرة    الملك محمد السادس يعزي ترامب    وفاة الناشط السابق أسامة الخليفي    فتح معبر رفح بين غزة ومصر السبت    موثقة لعقود "إسكوبار الصحراء" وبعيوي ترتبك أمام محكمة الاستئناف    122 حالة إصابة بداء الحصبة بالسجون    المهدي بنعطية يعلق على قرار إيقافه لثلاثة أشهر    شبيبة الاتحاد الاشتراكي في فرنسا ترفض استمرار لشكر لولاية رابعة وتتهمه بتسليم الحزب ل"المفسدين"    "الكاف" يكشف موعد قرعة ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية    يوعابد ل"برلمان.كوم": الحالة الجوية بالمملكة ستعرف تغيرات ملحوظة خلال الأيام المقبلة    مجلس شامي يدعو إلى تحديد المسؤوليات المشتركة في توصيف الجرائم السيبرانية لحماية الطفل    توقيع اتفاقيات بين المغرب واليمن    ريال مدريد يواجه مانشستر سيتي    صابيري يعود إلى دوري السعودية    باحثون روس يبتكرون دواء جديدا لعلاج سرطان الجلد بفعالية مضاعفة    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    استئناف الحسيمة تفتتح السنة القضائية 2025 وتستعرض حصيلة الإنجازات    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    خروج دنيا بطمة من سجن لوداية    الكعبي : لا مستحيل في كرة القدم .. وهدفنا التتويج بالدوري الأوروبي    شركة تركية عملاقة تؤسس فرعا بالمغرب لتعزيز تصميم وصناعة الدرونات العسكرية    دنيا بطمة تخرج من سجن الأوداية بعد انتهاء عقوبتها    بعد عام من الإعتقال .. دنيا بطمة تعانق الحرية    ترمب يصر على تهجير سكان غزة رغم رفض مصر والأردن    جدل إلغاء عيد الأضحى ينعش تجارة الأكباش بالأسواق الأسبوعية    "ديب سيك" الصينية في مواجهة قانونية تهدد علامتها التجارية في أميركا    مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات في الدورة ال 28 لكأس للا مريم للغولف    أخطاء كنجهلوها.. الطريقة الصحيحة لقيادة السيارة في أجواء البرد القارس (فيديو)    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    ارتفاع أسعار الذهب    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية تصحيح الإنشاءات المقالية في مواد العلوم الإنسانية

إن النص الأدبي نسيج لغوي محكم البناء يرمي إلى التعبير عن الأفكار والآراء التي تخالج كاتبه بغاية تحقيق تواصل معرفي وفكري مع القارئ، ويعتمد المرسل على الشفرة اللغوية كأداة لخلق هذا التفاعل غير المباشر بينه وبين المتلقي قصد إبلاغه أو إقناعه أو تفسير رأيه... فالنص الأدبي يكتسب قيمته الرفيعة من هيمنة الوظيفة الشعرية على مضمونه ولغته حسب رومان جاكبسون، وهو نظام من العلامات المتناسقة من وجهة نظر بارت، والنص لا يولد من فراغ، بل يتعالق مع النصوص السابقة له ويسعى إلى الحلول مكانها حسب رأي جوليا كريستيفا، فقد كان المنطلق الذي يبدأ منه التحليل البنيوي وينتهي إليه. و إذا كان مفهوم النص يختلف من منظر إلى آخر فإنه يبقى ذلك العالم المفتوح على مختلف القراءات والمقاربات المنهجية.
وتبقى عملية تقويم النصوص الإنشائية أمرا في غاية الصعوبة، ومرد ذلك إلى اختلاف القراءات والأذواق وغياب سلم تنقيط دقيق ينحو بعملية تصحيح النص الإنشائي نحو الضبط العلمي الذي يكسبها صفة الثبات والموضوعية، ولذلك عرفت الساحة التربوية في العقود الأخيرة اهتماما متزايدا بهذه العملية من خلال إصدار مجموعة من المذكرات الوزارية والجهوية، والتي تضمنت أطرا مرجعية لصياغة الامتحانات الموحدة الوطنية والجهوية بغاية تعميم صيغة موحدة على الصعيد الوطني، وإلى جانب ذلك دعت المذكرات إلى وضع سلم تنقيط يسهل عملية التصحيح ويكسبها طابعا موضوعيا وثابتا يضمن تكافؤ الفرص أمام جميع المتعلمين. ورغم كل هذه الجهود المبذولة تبقى عملية تنقيط الإنشاءات التي يكتبها التلاميذ، خصوصا في المرحلة الثانوية التأهيلية، جد صعبة ومفتقدة للدقة التامة، وذلك لاختلاف أذواق المصححين وتباين شدة حزمهم في محاسبة المتعلم، رغم وجود سلم تنقيط محدد، بل تختلف بالنسبة لنفس المصحح من ظرف لآخر حسب الحالة النفسية للمقوِّم وصورة انطباعه على التلميذ المقوَم. تقول أنا بونبوار » إن النقط المدرسية لا تتمتع بأية ثقة، فهي تتغير بحسب المصححين وبحسب المؤسسات، بل وتتغير بالنسبة للمصحح الواحد حينما يعيد تصحيح نفس الأوراق مرات متعددة. ومن تم نتساءل عن مدى صدق الامتحانات وقدرتها على تشخيص أو تقويم النشاط التعليمي والتعلمي«1 ، مما يجعلنا نضفي على نقط الامتحانات طابعا نسبيا وتقريبيا، وإن كانت تترتب عن ذلك مشاكل أخرى ذات علاقة بتحليل وتأويل نتائج التقويم المدرسي واتخاذ القرارات انطلاقا من هذه النتائج.
لقد أجريت العديد من التجارب حول درجة مصداقية وثبات نتائج التقويم المدرسي بالكثير من الدول، " ففي تجربة تدريبية بفرنسا في ماي 1967 قدمت ورقة من اختبار يتعلق بمادة اللغة الفرنسية وأخرى لمادة الرياضيات إلى 58 و 54 مصحح على التوالي، وكانت نتيجة التصحيح أن العلامات المعطاة تراوحت ما بين 4 و 15 على عشرين للمادة الأولى، وما بين 4 و 17 على عشرين في المادة الثانية، وبملاحظات تتناقض بشكل صارخ... وهكذا يتبين أن ما نسميه »قياسا« في المجال البيداغوجي يعاني من نواقص كثيرة تجعله لا يرقى إلى مستوى القياس الموضوعي العلمي الخالص''2 في ظل غياب شبكات تقويم دقيقة للتصحيح من أجل الضبط الجيد للتنقيط والحد من الفارق الكبيرة بين تصحيح الامتحان الواحد رغم اختلاف المصححين .
ومن أجل معالجة هذه الظاهرة أولا، والتحسيس بأهميتها لدى الطلبة الأساتذة بالمدرسة العليا لأساتذة بالرباط ثانيا، قمت بإنجاز تجربة تهدف إلى تصحيح إنشاء أدبي حول نص شعري، إذ منحت وضعية-مسألة إدماجية لتلميذة تدرس بالسنة الثانية بكالوريا من أجل تحليل نص شعر رومانسي ومقارنته بخصائص الشعر الإحيائي، ثم استنسخت العمل الذي قامت به التلميذة عشرين مرة للمحافظة على نفس الخط والأخطاء والتنظيم، وبعد ذلك وزعت هذه الأوراق على الطلبة الأساتذة لتصحيحها بعد أن زودتهم بشبكة للتقويم. وقد جاءت نتائج التنقيط متراوحة ما بين 08 و13 على عشرين، ويبين الجدول التالي ترددات نقط المصححين:
يظهر من خلال هذا الجدول التفاوت الحاصل في تنقيط نفس الإنشاء الأدبي بين الطلبة، رغم اعتمادهم في التصحيح على شبكة تقويم دقيقة تركز على رصد المؤشرات التي يجب أن يتطرق لها التلميذ في كتابته للنص الإنشائي وقياس مدى معالجته لها وتحكمه فيها. وقد بلغ مدى الفارق بين الطلبة المقومين للنص 05 نقط، وهو فارق جد مهم قد يغير مسار المتعلم الدراسي من النجاح إلى الفشل أو العكس، ويحكم حتى على مساره المستقبلي إن هو طرد من المدرسة بسبب تكراره لسنوات عدة، فتتوقف مسيرته، وتنحصر آفاقه. وبالعودة إلى الجدول أعلاه نلاحظ أن ثلاثة عشر مصححا منحوا للتلميذة نقطا محصورة بين 10 و12 على عشرين ليتقلص المدى إلى نقطتين، مما يجعلنا نطمئن قليلا على نتائج التصحيح شريطة توفر أساتذة أكفاء للقيام بعملية تنقيط أعمال التلاميذ وتقويمها، خاصة في الامتحانات الموحدة الجهوية والوطنية التي تحكم على مصير التلاميذ الدراسي، كما يجب تزويد الأساتذة المصححين بشبكات للتقويم تتسم بالدقة والمرونة في رصد المؤشرات المقوّمة في عمل التلميذ، و ينبغي على الأستاذ تحديد عناصر الإجابة قبل الشروع في تقويم امتحان كيفما كان نوعه، حتى يحاسب التلاميذ في الأجوبة على قدم المساواة. وعلاوة على ذلك يجب على الأساتذة الممارسين ألا يتأثروا بالعناصر التالية في تقويم أعمال التلاميذ:
* جنس التلميذ: لكون بعض الدراسات أثبتت أن المقومين يميلون أكثر لمكافأة الفتيات أكثر من الفتيان، حتى جعل العالم التربوي CC.ROSS يقول: »على ما يبدو أن علامات بعض الأفراد تتأثر بملامح الوجه أكثر من تأثرها بمحتويات الرأس«3. لذلك يجب أن يلتزم الأساتذة بالمساواة بين الجنسين وعدم التفريق بينهما على المستوى الفيزيولوجي، وإنما على المستوى الفكري لكل فرد منهم.
* الخط: ذلك لكون الدراسات الحديثة أثبتت أن جودة الخط ترتبط بالحالة النفسية للفرد، وإذا استحضرنا الحالة النفسية التي يعيشها المتعلم خلال اجتيازه لامتحان ما بسبب الخوف من الفشل، يجب أن نتفهم حاله وأن لا نطالبه إلا بمقروئية الخط ووضوحه.
* الأسلوب: إن الأسلوب يرتبط بالكفاية اللغوية للتلميذ، وهو عنصر أساسي للتعبير عن الأفكار التي تراوده والربط بينها، وكلما كان المتعلم متحكما في أسلوب لغته إلا وكان تأثيره في المقوِّم كبيرا.
* الفكرة المسبقة عن التلميذ: إن الفكرة أو الصورة التي يحملها الأستاذ عن التلميذ في القسم (مجتهد، جدي، كسول، مشاغب...) تؤثر سلبا أو إيجابا على المقوِّم في وضع النقطة المناسبة لإنجازه، وننسى في بعض الأحيان أن القدرات الكتابية والشفوية تختلف من متعلم إلى آخر، إذ نلفي بعد المتعلمين لا يشاركون شفويا في بناء الدرس في القسم، لكن في الامتحانات الكتابية يكونون ممتازين والعكس. لذلك يجب إزالة كل الأحكام المسبقة من الذهن والتعامل مع الأوراق على قدم المساواة.
* ترتيب الورقة المصححة: إن لترتيب الورقة المقومة بين الأوراق الأخرى تأثير كبير على إصدار حكم عليها بسبب المقارنة التي يمارسها الأستاذ بينها وبين ما سبقها وما يليها من أوراق. لذلك ننصح بالالتزام بشبكة التقويم أكثر، والإيمان بالفروق الفردية بين المتعلمين في التعبير والأسلوب والمستوى.
* الحالة النفسية للمصحح: تؤثر الحالة النفسية للمقوِّم على نتائج التصحيح، لذلك نجد المصحح الواحد يمنح نقطا متفاوتة لنفس العمل في أوقات مختلفة إذا لم يتم إشعاره بذلك. لهذا يجب على الأساتذة ألا يقوموا بتصحيح أعمال متعلميهم إذا كانوا في حالة نفسية لا تبعث على الارتياح.
ونشير في الختام إلى أن تقويم أعمال التلاميذ في اللغات بصفة عامة يفتقد إلى نسبة من المصداقية والموضوعية في ظل سيادة الذاتية والانطباعية في التصحيح، كما أن الامتحانات التقليدية الحالية في مادة اللغة العربية بالمرحلة الثانوية لا زالت تعتمد على الأسئلة المقالية والإنشائية في قياس كفايات المتعلمين النهائية، رغم العسر الذي يواجهه الأساتذة في تصحيح مثل هذه الاختبارات، كما أن تصحيحها مَهْما تم تقييده لا يتسم بالثبات والموضوعية، مما يترتب عنه اتخاذ أحكام غير صائبة، في بعض الأحيان، في حق المتعلمين، لذلك يجب إعادة النظر في الأطر المرجعية لصياغة الامتحانات وتطورها لتواكب المستجدات التربوية والمعلوماتية.
1 أنا بونبوار: علم الاختبارات، مجموعة 1973. S.U.P،ص:113 ،عن عبد الواحد المزكلدي، التقويم التربوي في النظام التعليمي بالمغرب، ص 76.
2 عبد الواحد المزكلدي: التقويم التربوي في النظام التعليمي بالمغرب،مرجع سابق، ص 123.
3 عن سبع محمد أبو ليده: مبادئ القياس النفسي والتقييم التربوي، الطبعة2، عمان، الأردن،1987، ص 189.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.